الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

نص بيان مصر الذي ألقاه الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

نص بيان مصر الذي
نص بيان مصر الذي ألقاه الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأ
كتب - بوابة روز اليوسف

ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي بيان مصر، أمام الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذى جاء نصه كالآتي:

 السيد الرئيس، يسعدني بداية أن أقدم لكم خالص التهنئة على توليكم رئاسة الجمعية العامة.. في دورتها الرابعة والسبعين، وأن أعرب عن تقديري، لجهود السيدة "ماريا أسبينوزا".. رئيسة الدورة السابقة.

يأتي جمعنا هذا العام، في وقت ازدادت فيه جسامة التحديات التي يشهدها العالم، ما يحتم علينا جميعا، أن نفتح نقاشا معمقا، حول تطوير عملنا تحت مظلة الأمم المتحدة، إعلاء للقيم السامية.. التي تم إنشاء المنظمة على أساسها، من خلال تأكيد التزامنا بنظام دولي فاعل وعادل، قوامه الحوار والتعاون.. وإعلاء ثقافة السلام والاحترام المتبادل.

ومصر، كعضو مؤسس للأمم المتحدة، ولعدد من المنظمات الإقليمية كالاتحاد

الإفريقي، الذى نحظى هذا العام بشرف رئاسته، وجامعة الدول العربية.. لطالما كانت لديها رؤيتها وإسهامها.. في مواجهة أهم التحديات التي يشهدها عالمنا،

فاسمحوا لي من هذا المنبر المهم، أن أستعرض تلك الرؤى والمساهمات.

السيد الرئيس، إن احترام مبدأ الملكية الوطنية للحلول، هو أمر حتمي، لضمان فاعلية منظومة العمل الدولي متعدد الأطراف، وإن لمصر تجربة وطنية رائدة في هذا الشأن، حيث أطلقت خطة طموحة للنهوض بمجتمعها على نحو شامل، بما في ذلك التصدي الحاسم للإرهاب، أو عبر برنامج إصلاح اقتصادي، هو الأكثر طموحا في تاريخها الحديث، وذلك وفقا لخطة وأولويات تبلورت وطنيا، وحظيت بدعم الشعب المصري، الذى كان له الفضل الأول في تحمل أعبائها، وتنفيذ مراحلها الأولى بنجاح.. فاق المتوقع.

وأما على النطاق الإقليمي، فقد عملنا بحكم رئاستنا للاتحاد الإفريقي، وبالمشاركـة مع أشقائنا، على ترسيخ مبدأ "الحلول الإفريقية للمشاكــل الإفريقيـة"، حتى يتسنى اعتماد مقاربة شاملة، تستهدف إرساء دعائم التنمية، من خلال رؤية قارية، تستند إلى مقومات التاريخ المشترك ووحدة المصير، والثقة في قدرتنا على السير قدما

نحو الاندماج.. وإعلاء مصالح شعوبنا، وتعزيزا لهذا التوجه، فقد تم تدشين آلية جديدة في القاهرة لهذا الغرض، هي "مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية"، الذى سيركز على إعادة بناء الدول.. في مرحلة ما بعد النزاعات.

ولا شك أنكم جميعا، تابعتم النتائج الناجحة لتطبيق مبدأ الملكية الوطنية،

من خلال دور إفريقي فاعل، أثمر عن اتفاق السلام في إفريقيا الوسطى، وتصور مشترك بين الأطراف المختلفة في السودان، لإدارة المرحلة الانتقالية.

ومن هنا أؤكد، على أهمية رفع الســـودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، تقديرا للتحـول الإيـجابي الذي يشــهده هذا البلد الشـقيق، وبمـا يمـكنه من مواجهة التحديات الاقتصادية، من خلال التفاعل مع المؤسسات الاقتصادية الدولية، تلبية لآمال شعبه، وأن يأخذ المكانة التي يستحقها ضمن الأسرة الدولية.

وارتباطا بمبدأ الملكية الوطنية، فإن دول القارة على يقين تام، بأهمية تطوير شراكات حقيقية وفعالة، للتصدي للتحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها، وللحصول على المعرفة والتكنولوجيا، وتطوير الموارد البشرية الإفريقية، وتوفير التمويل والدعم السياسي، وهي أمور تعد أساسية لتحقيق أجندة الاتحاد الإفريقي التنموية 2063.

ومن ثم، أطالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية، بأن تضطلع بدورها في تمويل التنمية بإفريقيا.. بأفضل وأيسر الشروط، مؤكدًا أن القارة الإفريقية هي قارة الفرص، التي يمكن أن تكون قاطرة جديدة للاقتصاد العالمي، خاصة مع إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية، وتعزيز ترتيبات التكامل الإقليمي، ووضع استراتيجية طموحة للبنية التحتية.

وأشير في هذا الإطار إلى مبادرة مصر، بالدعوة لعقد النسخة الأولى من "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين"، في ديسمبر من العام الجاري.. بمدينة أسوان،

ليكون نموذجا لإطلاق الحوار بين الفاعلين الدوليين والإقليميين، من القادة السياسيين، والمؤسسات التمويلية، والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لوضع المبادرات والآليات الدولية والإقليمية في إفريقيا موضع التنفيذ.

السيد الرئيس، إن تصفية الأزمات المزمنة الموروثة، شرط ضروري لأي عمل جاد لبناء منظومة دولية أكثر فاعلية، والمثال الأبرز في هذا الشأن، هو أقدم أزمات منطقة الشرق الأوسط، وهي.. القضية الفلسطينية.

إن بقاء هذه القضية، دون حل عادل مستند إلى قرارات الشرعية الدولية، يفضي لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، لا يعني فقط استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، وإنما يعني أيضًا استمرار مرحلة الاستنزاف.. لمقدرات وموارد شعوب منطقة الشرق الأوسط.

وأستطيع، بضمير مطمئن، أن أؤكد ما سبق وذكرته على هذا المنبر في السنوات الماضية، من أن العرب منفتحون على السلام العادل والشامل، وأن المبادرة العربية للسلام.. لاتزال قائمة، وأن الفرصة مازالت سانحة، لبدء مرحلة جديدة في الشرق الأوسط.

إلا أننا بحاجة لقرارات جريئة، تعيد الحق للفلسطينيين، وتفتح الطريق أمام نقلة كبرى في واقع هذه المنطقة، بل – وبدون مبالغة – في تاريخ النظام الدولي كله، يترتب عليها إقامة منظومة أمنية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، قوامها السلام والأمن والتعاون.. والمصلحة المشتركة.

السيد الرئيس، إن اعتماد الحلول الشاملة لجذور المشكلات الدولية، هو أمر حتمي لنجاح منظومة العمل الدولي متعدد الأطراف.

ينطبق ذلك على الأزمة الممتدة التي يعيشها الشعب الليبي الشقيق، الذى يعانى يوميا من ويلات النزاع المسلح الذى يستوجب ايقافه، فقد آن الأوان لوقفة حاسمة، تعالـج جذور المشكلة الليبيـة بشكل شامل، من خلال الالتزام بالتطبيق الكامل لجميع عناصر خطة الأمم المتحدة، التي اعتمدها مجلس الأمن في أكتوبر 2017، ومعالجة الخلل الفادح في توزيع الثروة والسلطة، وغياب الرقابة الشعبية، من خلال الممثلين المنتخبين للشعب الليبي، على القرار السياسي والاقتصادي في ليبيا، مع ضرورة توحيد المؤسسات الوطنية كافة ، والنأي بهذا الجار الشقيق عن فوضى الميليشيات، والاستقواء بأطراف خارجية دخيلة.

وعلى غرار حتمية الحـل الشـامل للأزمـة الليبية، فإن الحل السياسي في سوريا، بات ضرورة ملحة لا تـحتمل المزيد من ضياع الوقت، والاستمرار في الحلقة المفرغة، التي تعيشها سـوريا منذ ثمانية أعوام، إن مصر إذ ترحب بالإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، فإننا نطالب ببدء عملها بشكل فوري ودون إبطاء، كخطوة ضرورية نحو التوصل لتسوية سياسية شاملة، وفقـًا لقرار مجلس الأمن رقم (2254)، وبما يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها، ووقف نزيف الدم، والقضاء التام على الإرهاب.

وبالمنطق نفسه أقول: لقد آن الأوان لوقفة حاسمة، تنهى الأزمة الممتدة في اليمن،

من خلال تنفيذ الحـل السياسي بمرجعياته المعروفة، وإنهاء التدخلات الخارجية من أطراف إقليمية غير عربية، تسعى لتقويض الأمن القومي العربي، ومواجهة التهديدات غير المسبوقة، التي تعرضت لها منطقة الخليج العربي، سواء في صورة تهديدات للملاحة، أو عبر الاعتداءات التي تعرضت لها منشآت نفطية.. في المملكة العربية السعودية الشقيقة.

السيد الرئيس، ينطبق مبدأ ضرورة المعالجة الشاملة كذلك، على أخطر تحديات العصر، وهو الإرهاب.

فقد طالبت مصر دائما، باتباع نهج شامل لمكافحة الإرهاب، يقوم على ضرورة التصدي لجميع التنظيمات الإرهابية.. دون استثناء.

وأؤكد هنا ضرورة التزام الجميع، بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وضرورة محاسبة داعمي الإرهاب بالمال أو السلاح، أو بتوفير الملاذات الآمنة،

أو المنابر الإعلامية، أو التورط في تسهيل انتقال وسفر الإرهابيين.

ومن هذا المنبر، فإنني أكرر استعداد مصر، بما لديها من خبرات في مكافحة الإرهاب، لتكثيف تعاونها مع الدول الصديقة والأمم المتحدة، خاصة فيمـا يتعلق بالتصدي لأيديولوجيات الإرهاب.

وأشدد في هذا الخصوص، على أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم "2354"، المعنى بتنفيذ الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي، وهو القرار الصادر بناء على مبادرة مصرية، ولإعلاء قيم التسامح.. وتجديد الخطاب الديني.

وفي سياق تطرقنا لمجلس الأمن، فإنه يتعين علينا العمل بجدية وإصرار، لمعالجة القصور القائم في تشكيل وعملية اتخاذ القرار.. في مجلس الأمن، خاصة من خلال ضمان تحقق التمثيل العادل والمتوازن في المجلس.

وارتباطًا بذلك، وفيما يتعلق بقارتنا الإفريقية، فإنه يتعين العمل على إزالة الظلم التاريخي الواقع عليها. وأؤكد تمسكنا بالموقف الإفريقي الموحد، القائم على توافق "أوزولويني"، وإعلان "سرت"، مطالبًا إياكم بتبني هذا الموقف العادل،

في إطار المفاوضات الحكومية ذات الصلة.

السيد الرئيس، إن مصر سعت على مدار عقود، إلى تعزيز وتعميق أواصر التعاون مع أشقائها من دول حوض النيل، التي ترتبط معهم.. بعلاقات أزلية.

وتأكيدًا لحرصها على رفعة شعوب حوض النيل الشقيقة، أعربت مصر عن تفهمها لشروع إثيوبيا في بناء "سد النهضة"، رغم عدم إجرائها لدراسات وافية.. حول آثار

هذا المشروع الضخم، بما يراعي عدم الإضرار بالمصالح المائية لدول المصب.. ومنها مصر.

بل وبادرت مصر، بطرح إبرام "اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة"،

الموقع في الخرطوم.. في 23 مارس 2015، الذى أطلق مفاوضات امتدت لأربع سنوات، للتوصل لاتفاق يحكم عمليتي ملء وتشغيل سد النهضة.

إلا أنه – ومع الأسف – لم تفض هذه المفاوضات.. إلى نتائجها المرجوة.. وعلى الرغم من ذلك، فإن مصر مازالت تأمل في التوصل لاتفاق يحقق المصالح المشتركة، لشعوب نهر النيل الأزرق في إثيوبيا والسودان ومصر.. إن استمرار التعثر في المفاوضات حول سد النهضة، سيكون له انعكاساته السلبية على الاستقرار، وكذا التنمية في المنطقة عامة.. وفي مصر خاصة.

فمع إقرارانا بحق إثيوبيا في التنمية، فإن مياه النيل بالنسبة لمصر.. مسألة حياة، وقضية وجود، وهو ما يضع مسؤولية كبرى على المجتمع الدولي، للاضطلاع بدور بناء.. في حث جميع الأطراف على التحلي بالمرونة، سعيًا للتوصل لاتفاق مرض للجميع.

السيد الرئيس، ختامًا، فإن رسالة مصر اليوم، تأتي في شكل دعوة للسعي لتحقيق السلام، دعوة.. للعمل لصالح الإنسانية، دعوة.. للتعاون والتفاهم المشترك،

دعوة.. لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز وحماية حقوق الإنسان،

ودعوة.. لإدراك أن ذلك هو السبيل الأمثل.. لما فيه صالح المجتمع الدولي.

وفقنا الله جميعًا لما فيه الخير لكل شعوبنا..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

تم نسخ الرابط