صالون حمدي بخيت الثقافي يناقش تطور الأوضاع داخل السودان وتأثيرها على الأمن القومي المصري
كتب - عمر علم الدين
السفير صلاح حليمة: قوى الحرية والتغير تمثل 70% في المشهد السودانى ومصر تسعى لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب
باشات: مصر لم تتأخر في تقييم الأزمة السودانية والتعامل معها
نظم اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الشؤون الإفريقية بالبرلمان، الصالون الثقافي، الشهري، لمناقشة تطور الأوضاع في دولة السودان الشقيقة عقب الإطاحة بحكم الرئيس المعزول «عمر البشير»، وتداعيتها على الأمن القومي المصري، وذلك بحضور السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، واللواء حاتم باشات عضو لجنة الشؤون الإفريقية بالبرلمان، والكاتب الصحفي خالد محمد علي، المتخصص في الشأن السوادني، وعدد من الخبراء والمتخصصين في الملف الإفريقي، والشخصيات العامة والإعلام وأصحاب الفكر.
وقال اللواء حمدي بخيت: إن الغرض من إقامة الصالون الشهري، هو تناول الجانب الثقافي في المقام الأول لإبراز الملفات والمشكلات والتعقيدات التي تواجه الدولة المصرية والوطن العربي والإفريقي بشكلها المعاصر، للخروج بحلول وأفكار ومقترحات جديدة وخلاقة لحل تلك المشكلات.
وتابع "بخيت" أن السودان هي العمق الاستراتيجي الجنوبي للدولة المصرية، مشيرًا إلى أن السودان مرت بفترة حكم طويلة امتدت نحو 30 عامًا، أدت إلى تغير كبير جدًا في أحاسيس ومشاعر وتوجه الإدارة السودانية نحو مصر، إلا أن مصر مازالت تحمل نفس قيم العلاقة والأخوة لشعب السودان الأصيل.
ومن جانبه قال السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية الأسبق ونائب المجلس المصري للشؤون الإفريقية إن العلاقة المصرية- السودانية متعددة الروافد فهي تحكم بالجغرافية والتاريخ ويحكمها المشتركات الثقافية والاجتماعية ويحكمها مياه النيل والمصالح المشتركة والأمن الغذائي وهذه علاقة لا توجد مع دولة أخرى ولذا ما زال هناك حديث أننا والسودان شعب واحد في دولتين.
واستطرد حليمة في المشهد السوداني أيضا الآن قوى الحرية والتغيير الذي يتكون من تجمع المهنيين وقوى الهلال السوداني وقوى الإجماع الوطني وبعض الأحزاب والمنظمات الأخرى وهناك تقديرات، تشير إلى أن هذه القوى تمثل 70% من الشعب السوداني وهو ما جعل المجلس العسكري يعترف بهذه القوى لا نها تمثل قيادة الثورة.
وهناك قوى أخرى هي الحراك السوداني وهو يضم الحركة الإسلامية وبعض الأحزاب التي كانت مختلفة مع البشير وكذا الحزب الشيوعي الذي خرج من تحالف قوى التغيير بعد موقفه من المجلس العسكري وأصبح مستقل.
كما أن هناك قوى أخرى وهي الحركات المسلحة التي كانت ضمن قوى الحرية والتغيير وهم ثلاث حركات.. حركة تحرير السودان وحركة الجبهة الشعبية لتحرير السودان وحركة العدل والمساواة ولكن حدث نوع من الخلاف مع قوى التغيير فانفصلت عنها وتعمل مستقلة.
وتم مؤخرا توقيع اتفاق بين قوى الحرية والتغير والمجلس العسكري لتشكيل هياكل الدولة ومنها البرلمان وتم تشكيل الحكومة برئاسة د. عبد الله حمدوك صاحب الخبرة الطويلة في مجال الاقتصاد في الأمم المتحدة وكان قد رفض منصبا وزاريا أثناء حكم البشير.
وتابع السفير حليمة أن هذه هي القوى الرئيسية الموجودة على الساحة السودانية ونحن الآن أمام نظام سياسي جديد في السودان له توجهات سياسية مختلفة تماما عما كان عليه النظام السابق سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، متوقعا أن هذا التوجه سيكون نحو الدول العربية (باستثناء قطر) مثل السعودية والإمارات ومصر كما أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية تفرض على النظام ضرورة التوجه نحو الغرب.
وأكد حليمة أن هناك اهتماما كبيرا خلال الفترة المقبلة لرفع اسم السودان من الدول الداعمة للإرهاب، وهذا يفتح المجال أمام مساعدات اقتصادية وأيضا جذب استثمارات وإسقاط الديون التي قد تصل إلى 60 أو 70 مليار دولار ومصر من الدول صاحبة الدور الإيجابي، وذلك طبقا لما جاء في خطاب الرئيس السيسي بالأمم المتحدة.. وأيضا ملف مهم آخرَ يتحرك فيه السودانيون الآن وهو ما يتعلق بملف السلام مع الحركات الثورية والمسلحة.. وهناك تطور في هذا الملف، سوف تظهر آثاره في المدى المنظور.
وعن علاقة السودان بمصر قال إن هناك مساحة من الود والحب لمصر وأكد أهمية أن يكون للقاهرة دور أكبر لاستعادة مكانتها ودورها وعلاقتها المتميزة في السودان، خاصة فيما يتعلق بشؤون أمن البحر الأحمر في الوقت الراهن وبصفة مستقبلية.
وفي ذات السياق قال اللواء حاتم باشات: من الصعوبة أن يتوقع أحد أو يتنبأ بما يحدث في السودان، مشيرًا إلى أن الوضع لم يكن مستقرا أثناء حكم البشير، وأن حالة الوفاق التي وصلت إليها القيادة السودانية الحالية، في علاقتها مع الشعب السوادني، والقوى العسكرية الموجودة على الأرض، الممثلة في "القوات المسلحة، الأمن الشعبي، الشرطة، الدعم السريع"، غير الميليشيات المسلحة الإسلامية، يعد إنجازًا تاريخيا.
وتابع "باشات" أنه بالرغم من كل ما سبق إلا أن الوضع يعد غير مستقر، وانه يتوجب علينا الحذر والحيطة، لأن تاريخ الوضع السياسي في السودان يدل على ذلك، وعلينا أن نتذكر ما حدث عام 1998، وقت أزمة «البشير والترابي»، فقد كانت ثورة إسلامية بمفهوم انقلاب عسكري أمام العالم أجمع، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية" موجودة داخل السودان منذ نهاية السبعينيات، فنحن نتعامل مع السودان خلال الفترة الماضية على أنها نظام إخواني.
ويرى اللواء باشات أن سيطرة قوى الحرية والتغيير على الوضع داخل السودان شيء غير مطمئن، لأن بعض هذه النخبة من الشباب كان يعيشون في الخارج، وكانوا ناقمين على النظام السابق، كما أن القبلية الموجودة في السودان تستغل من بعض الدول التي هدفها إشاعة حالة من عدم الاستقرار.
وأضاف عضو لجنة الشؤون الإفريقية بالبرلمان، أن مصر لم تتأخر في تقييم الأزمة السودانية الأخيرة، بل ان مصر كان لها دور خلال تلك الأزمة، وساعدت في الوصول للكثير من الحلول.
وفي السياق ذاته قال الكاتب الصحفي خالد محمد علي، المتخصص في الشأن السوادني، أن قوى الحرية والتغيير داخل الدولة السودانية مقسمة إلى عشرات الأحزاب، وهناك تجمع لعدد من الأحزاب الاتحادية، وهما سبع أحزاب كانت قد أخذت موقفًا ضد الرئيس المعزول «عمر البشير»، ومصر على علاقة قوية بكل الأحزاب الاتحادية، كما ان «حزب الأمة»، هو أقرب الأحزاب لمصر داخل الحرية والتغير وكان الحزب الأقوى وصاحب الأغلبية التي شكلت الحكومة عقب الانقلاب على النميري عام 1989، و«حزب الأمة»، أحد المكونات القوية داخل قوي الحرية والتغيير.
وطالب الخبير في الشأن السوداني بإمعان النظر في التحركات الإثيوبية في السودان خاصة أنها تسعى للتواجد الفعال في السودان، وقد ظهر ذلك جليا خلال الفترة الأخيرة بعد حضور رئيس الوزراء الإثيوبي توقيع الاتفاق النهائي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، الذي استقبل استقبال الفاتحين وأصبح رسولا للسلام بفعل الشعارات وميديا الحزب الشيوعي، وهو ما يشير إلى ان إثيوبيا سيكون لها دور كبير جدًا في إدارة الأمور بالسودان خلال الفترة القادمة.
واختتم اللواء بخيت الصالون مثنيًا على اقتراحات الحضور، وشدد على أهمية الموضوع باعتباره ضرورة في هذه المرحلة، من أجل التصدي للمخاطر ومواجهة التهديدات التي تؤثر على الأمن القومي وأهمها الحفاظ على تأمين الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي كعمق استراتيجي لمصر يقع في عدة دوائر "العربية– الإفريقية- البحر الأحمر" كما أنه يجب عدم إغفال دور السودان كدولة ممر على نهر النيل وهو من أهم الحقائق التي تحكم ملف أزمة سد النهضة كمصلحة بقاء لمصر.



