نائب السفير الصيني في تصريحات خاصة لـ"بوابة روزاليوسف": منتدى أمن الشرق الأوسط "روشتة للسلام" في المنطقة
كتبت - هدى المصرى
الاهتمام الصيني بالشرق الأوسط لا يقف عند حد مبادرة الحزام والطريق وتعزيز مصالح بكين الاقتصادية في المنطقة، كما يعتقد الكثيرون، بل يتعدى ذلك إلى الحرص الزائد على استقرار هذه المنطقة ومنع انزلاقها نحو حروب وكوارث إضافية.
ومؤخرًا أعرب الكثير من المندوبين العرب المشاركين في منتدى أمن الشرق الأوسط، الذي نظمه معهد الصين للدراسات الدولية، نهاية الأسبوع الماضي في بكين تحت عنوان "أمن الشرق الأوسط في الوضع الجديد، التحديات والمخارج" عن رغبتهم في أن تلعب الصين دورا أكبر في المنطقة.
وفي تصريحات خاصة لــ"بوابة روزاليوسف"، أكد شياو جون تشنغ نائب السفير الصيني بالقاهرة، نائب رئيس البعثة وزير مفوض، أن انعقاد منتدى أمن الشرق الأوسط في هذا التوقيت يعكس اهتمام الصين بمنطقة الشرق الأوسط وقلقها الشديد حيال الأوضاع الراهنة التي تعيشها المنطقة، وعزمها على لعب دور صانع السلام ومعزز الاستقرار والمساهم في تنمية المنطقة، الأمر الذي يرفع من أهمية هذا المنتدى.
وأشار تشنغ إلى أن المنتدى، جاء تنفيذًا لمقترح الرئيس شي جين بينغ حول تشكيل إطار للسلام في الشرق الأوسط، وأن الغرض منه هو المساهمة في تقديم أفكار تساعد على بلورة خطة لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
قائلًا: إن المنتدى شارك فيه عدد كبير من كبار المسؤولين والخبراء في مجالات الاستراتيجيات والدبلوماسية والأمن من الصين ودول منطقة الشرق الأوسط وغيرها، للتباحث والتحاور في التحديات التي يواجهها أمن منطقة الشرق الأوسط، والخروج بحلول لقضايا الشرق الأوسط تحت سقف واحد.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أكد، قبل أكثر من عام، في حفل افتتاح الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني - العربي بأن الجانب الصيني مستعد لتعزيز الحوار والتشاور مع دول الشرق الأوسط في مجال الأمن.
ففي الوقت الذي تمر فيه منطقة الشرق الأوسط بفقدان الأمن والسلام، وتعاني من ضبابية المعايير المزدوجة والتحيز الصارخ في السياسة الأمريكية الحالية.
تدعو الصين إلى التنمية السلمية وإقامة علاقات دولية يسودها السلام والاستقرار والتعاون والكسب المشترك، مؤكدة أن المخرج الأساسي لقضية أمن الشرق الأوسط يكمن في التنمية.
وقال نائب السفير الصيني: إن الاستقرار والتقدم مرتبطان ببعضهما البعض، وقد طرح المنتدى 4 محاور أساسية للمناقشة تتلخص في أنه من أجل إعادة الاستقرار والأمن للشرق الأوسط، يتعين علينا أن نتخذ العدالة والإنصاف كأساس والتعددية كمنصة والتنمية المشتركة كهدف ومكافحة الإرهاب الشاملة كضمان والمصير المشترك كمرجع، لنتمكن من تحقيق الاستقرار في المنطقة ودفع عجلة التنمية السلمية.
كما يجب عدم اتباع المعايير المزدوجة في مكافحة الإرهاب، وربط الإرهاب بديانات محددة، حتى لا يتسنى للبعض استخدام ذريعة "حقوق الإنسان" لتشويه جهود البلدان الأخرى في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأوضح أن بلاده لها رؤية مهمة في قضايا المنطقة، تتمثل فيما أشار إليه الرئيس شي جين بينغ في أن الصين تتخذ سياسة متطابقة مع الرغبة الشديدة لشعوب المنطقة في إحلال السلام والتنمية، حيث ترى أن الاضطرابات في الشرق الأوسط ترجع بالأساس إلى التنمية، والتي ترجح كفة الأمل على اليأس في عقول الشباب وتبعدهم عن العنف والفكر المتطرف والإرهاب.
وأشار تشنغ إلى ضرورة تكريس مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام من أجل عالم يسوده الأمان، لافتًا إلى أن الأمن المشترك يعني احترام وضمان الأمن لكل بلد ويجب أن يكون للجميع ولا يجوز لبلد على حساب أمن الآخرين، ولذلك يتطلب الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والأمن المتكامل يعني صيانة الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية، ويتطلب اتخاذ إجراءات متعددة ومتكاملة لتعزيز الحوكمة الأمنية في العالم، أما الأمن التعاوني يعني تعزيز الأمن والثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الدول عبر التحاور والتعاون وأخيرًا الأمن المستدام والذي يركز على القضايا التنموية والسعي لتحسين معيشة الشعب وتقريب الهوة بين الأغنياء والفقراء، لما يعزز ركائز الأمن.
كذلك تحدث المسؤول الصيني عن تطابق مفهوم الصين ومواقفها بشأن مكافحة الإرهاب مع رؤية دول الشرق الأوسط وأبرزها مصر بشكل أساسي، قائلًا: نتفق جميعا على أن الإرهاب خطر يهدد استقرار الشرق الأوسط والأمن العالمي ويتربص لزعزعة تناغم القوميات والأقليات، وهو ما يتطلب جهدا دوليا لاستئصاله من خلال التوصل إلى توافق عالمي حول مكافحة هذا الخطر. كما نرفض الربط بين الإرهاب وأي دين أو عرق أو دولة، وفي هذا الإطار نثمن جهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال: الصين تدعم بحزم عملية السلام في الشرق وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة ونتفهم مطالب فلسطين المشروعة، ولذلك ندعم بثبات حل الدولتين.
وترى الصين ودول الشرق الأوسط أن معالجة مشكلة الإرهاب بشكل جذري وشامل يأتي من خلال معالجة وحل جميع القضايا الساخنة في الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية جنبا إلى جنب مع قضايا سوريا والعراق واليمن وليبيا، وعدم التركيز على حل أية قضية على حساب أخرى، وإعطاء الأولوية للتفاوض المباشر بين أطراف الصراع وتنفيذ مشاريع إعادة إعمار ما دمرته الصراعات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية وتوفير المساعدات الإنسانية بهدف القضاء على البيئات الحاضنة للإرهاب بشكل جذري.
ولذلك يركز الجانب الصيني على موضوع الحل العادل لقضية الشعب الفلسطيني واحتلال إسرائيل للجولان السورية وفق القرارات الشرعية الدولية، وأنه لا يمكن تحقيق الأمن بغياب العدالة، فالأساس لتحقيق العدالة في المنطقة هو عودة الحقوق لأصحابها الشرعيين.



