عاجل.. حكم تاريخي للإدارية العليا بشأن فصل الموظف متعاطي المخدرات
كتب - رمضان أحمد
المحكمة تهيب بمجلس النواب بإصدار قانون بإجراء تحاليل دورية للكشف عن المخدرات مهما بلغت الدرجة الوظيفية للإسراع نحو مستقبل
المحكمة تحسم قضية الترامادول لموظفي الدولة بين الخط الرفيع للعلاج أو الكيف في منطقة التقاطع بين دستور الأدوية ومواد المخدرات
المحكمة تدعو إلى عقاب المتعاطي ومن يساعده على الوقوع فيه أو يسهل له ذلك
أرست المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة تأديب برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي وحسن محمود ونبيل عطا الله نواب رئيس مجلس الدولة مبدأ قانونيا جديدا سبقت فيه المشرع في فصل الموظف العام متعاطي المخدرات، وهي الظاهرة التي أدت على مدار سنوات إلى كثير من الكوارث والضحايا.
وأهابت المحكمة بمجلس النواب بإصدار قانون يلزم الجهاز الإداري للدولة بإجراء تحاليل دورية للكشف عن المخدرات مهما بلغت الدرجة الوظيفية إما بالإقصاء أو الإدواء لإسراع الخطى نحو مستقبل لا مكان فيه لخامل أو متكاسل أو واهم، ودعت المحكمة إلى عقاب ليس المتعاطي فقط بل ومن يساعده على الوقوع فيه أو يسهل له ذلك، كما حسمت المحكمة قضية الترامادول لموظفي الدولة بين الخط الرفيع للعلاج أو الكيف لكونه يقع في منطقة التقاطع بين دستور الأدوية ومواد المخدرات وكشفت المحكمة عن ضرورة وقف سيل الشهادات الصادرة من معامل الدم بمستشفى قصر العيني التي يوقعها إداريون على غير الحقيقة لهروب المتعاطين من المسؤولية.
قالت المحكمة أنها وهي تتسمق القضاء التأديبي في مصر تلفت النظر إلى أن المخدرات داء قديم أصاب المجتمعات الإنسانية ولا يزال فاقتلعت منه فئات ضعيفة الإرادة رفضت واقعها وأبت إلا أن تعيش في أوهام صنعتها لنفسها بنفسها، فخرجت بذلك عن رسالتها التي أناطها الخالق بها وهي إعمار الأرض وإعمال الفكر وإثراء الحياة بالخير والرشاد، ومن ثم كان لزاما على المجتمع– كل المجتمع– بمنظماته الحكومية وغير الحكومية أن تبادر إلى علاج ظاهرة إدمان المخدرات واستئصال شأفته، وعلى الجهاز الإداري للدولة أن يتخذ من الإجراءات ما يطهر به نفسه من هذا الداء بأن يقصى من وحداته ليس كل من وقع في هذا الشرك فحسب، بل أيضا كل من يساعده على الوقوع فيه أو يسهل له ذلك، ولا يأخذه في ذلك شفقة أو رحمة، وليس من بعد لكل من ارتكب هذه المخالفة ألا يلومن إلا نفسه وليعض أصبع الندم ما بقيت له من حياة.
وأضافت المحكمة أنها تهيب من هذا المقام مجلس النواب بما أناط به الدستور من سلطة التشريع إلى إصدار قانون يلزم الجهاز الإداري للدولة بمصالحه العامة ووحداته المحلية وهيئاته العامة وشركات قطاع الأعمال العام بإجراء تحاليل دورية للكشف عن المخدرات لكل العاملين بهذه الجهات بالغًا ما بلغت الدرجة الوظيفية التي يشغلها، وتضع من الجزاءات ما يكفل القضاء على هذه الظاهرة إما بالإقصاء أو الإدواء، كي يبرأ منها ويتمكن من إسراع الخطى نحو مستقبل لا مكان فيه لخامل أو متكاسل أو واهم يغط في سبات عميق.
وكانت المحكمة قد قضت بفصل موظف بالتربية والتعليم بإحدى مدارس شمال الجيزة التعليمية، ثبت تعاطيه مواد مخدرة متمثلة في عقار الترامادول في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، أثناء إجراء تحليل للكشف عن تعاطي المخدرات له وأخرين بتقرير معمل التحاليل الطبية الصادر من مستشفى الصحة النفسية بالخانكة من نتائج تحاليل المخدرات النهائية لموظفي وعمال وزارة التربية والتعليم من بينهم الطاعن، وأسفرت نتيجة التحليل عن إيجابية العينة الخاصة بالطاعن لمخدر الترامادول.
وحسمت المحكمة قضية الترامادول بين الخط الرفيع للعلاج أو الكيف بالرد على ادعاء الطاعن بأنه تناول الترامادول على سبيل العلاج لا الكيف، أي تناوله كمسكن لا كمخدر، فذلك مردود بأن الثابت علميا أن الترامادول من المواد الفعّالة التي تقع في منطقة التقاطع بين دستور الأدوية ومواد المخدرات، إذ إنه في الأصل دواء طبي يستخدم في تسكين الآلام والحصول على فائدة منها وفى تلك الحالة يدرج في قائمة المسكنات، وهو ما أجدبت عنه الأوراق، لكن إذا تم استخدامه خارج النطاق الطبي ودون حاجة إليه– على نحو ما كشف عنه الطعن الماثل– يتحول حينئذ إلى إدمان شديد الخطورة، نظرا لما يسببه من الإدمان على تعاطيه يعجز معه المدمن عن التوقف في حالة الرغبة في ذلك.
وكشفت المحكمة عن ضرورة وقف سيل الشهادات الصادرة من معامل الدم بمستشفى قصر العيني التي يوقعها إداريون على غير الحقيقة لهروب المتعاطين من المسؤولية، حيث قدم الطاعن تقريرا طبيا عن حالته المرضية صادرا من كلية الطب مستشفى قصر العيني- معامل الدم، يفيد بأن النتيجة سلبية على نحو يناقض نتيجة التحليل الإيجابية التي أجرت فيها وزارة التربية والتعليم التحاليل المطلوبة بتقرير معمل التحاليل الطبية الصادر من مستشفى الصحة النفسية بالخانكة– الأمانة العامة للصحة النفسية– وزارة الصحة، التي جاءت إيجابية، حيث تبين من مطالعة الشهادة الصادر من كلية الطب مستشفى قصر العيني معامل الدم أنها مذيلة بتوقيع إدارة المعامل دون تحديد اسم موقعها، كما تلاحظ للمحكمة أن بيانات خاتم شعار الجمهورية الخاص بالمستشفى مكتوب بأسلوب خط الرقعة، ما ترتاب معه في سلامة تلك الشهادة.



