الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

خبراء تونسيون :تحديات وملفات طارئة على طاولة الحكومة الجديدة

خبراء تونسيون :تحديات
خبراء تونسيون :تحديات وملفات طارئة على طاولة الحكومة الجديدة

بعد إعلان رئيس الوزراء التونسي المكلف حبيب الجملي، أمس الخميس، عن أسماء الوزراء المقترحين في حكومته الجديدة التي طال انتظارها، تتجه أنظار التونسيين إلى العديد من التحديات والملفات المتراكمة والأمور العاجل التي تتطلب تدخلا سريعا وحاسما، ولا سيما في الشأن الاقتصادي.

وفي حال منح البرلمان التونسي الثقة للحكومة الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، سيجد الوزراء الجدد أنفسهم أمام جملة من التحديات المتفاقمة والأزمات المتراكمة في ظل تطلعات كبيرة للشارع التونسي ومطالب اقتصادية واجتماعية يرى مراقبون أنها قنابل موقوتة.
ولم ينتظر الحبيب جملي منح البرلمان الثقة لحكومته، وعقد أمس الخميس، بقصر قرطاج جلسة عمل مع كامل أعضاء الحكومة المقترحين وأكد على أهمية التحديات المطروحة أمامهم في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وضرورة عمل الأعضاء كفريق واحد هدفه مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعب التونسي.
وقد أجمع أعضاء الفريق الحكومي المقترح على استعدادهم الكامل للعمل في هذا الإطار وتقديم كل التضحيات الضرورية للعمل كمجموعة متكاملة بما يستجيب لآمال وتطلعات الشعب التونسي.
وفي تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أكد خبراء ومحللون سياسيون واقتصاديون تونسيون أن التحديات التي زادت بسبب التأخر في تشكيل الحكومة التي تم تكليفها منذ 15 نوفمبر الماضي، معظمها اقتصادية وهي التي فاقمت من الأوضاع الاجتماعية في البلاد .
فمن جانبه ، قال الإعلامي والخبير السياسي التونسي سفيان بن فرحات ، في تصريح لـ"أ ش أ" أن التنمية غائبة في البلاد، ومؤشرات تونس الاقتصادية حمراء، وهناك دين خارجي يصل إلى نحو 84% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى تهاوي الدينار، وعجز غير مسبوق في الميزان التجاري بأكثر من 20 مليار دينار، وعجز في ميزان المدفوعات، وانخفاض القدرة الشرائية، وغلاء في الأسعار، إلى جانب تفشي البطالة في جميع الولايات التونسية.
وأضاف أن كل هذه التحديات التي يضاف إليها ضبط السوق الموازية وعمليات التهريب، تشكل ملفات طارئة يجب أن تتعامل معها الحكومة الجديدة بكل سرعة وحسم، وخاصة أن المشكلات الاقتصادية يتبعها دائما مشكلات وحراك اجتماعي يتفاقم بشكل عام في فصل الشتاء من كل عام.
وحذر الإعلامي التونسي في تصريحه لـ"أ ش أ"، من عدم وجود برنامج اقتصادي واجتماعي شامل تطرحه الطبقة السياسية أو حتى قوى المعارضة في تونس يمكن أن يحد من وتيرة هذه التقلبات الاقتصادية والمطبات الاجتماعية والتي تفرز تحركات بدأت بالفعل في عدد من الولايات ويمكن أن تتطور في الأيام القادمة.
وأكد سفيان بن فرحات أن التحديات الأمنية عادت مرة أخرى إلى الصدارة في تونس، ولا سيما بسبب الأحداث في ليبيا المجاورة التي تشترك مع تونس في حدود تزيد عن 450 كلم، في ظل مرور الآلاف من الأشخاص من خلال المعابر بين الدولتين في الاتجاهين يوميا، معربا عن تخوفه من تحول هذه المعابر في حال تفاقم الحرب في ليبيا إلى نقاط مرور اللاجئين.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا إلى تونس، خلقت الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام حول دور تونس وموقعها إقليميا مما يخلق تحديات سياسية وأمنية يجب أن تعمل الحكومة القادمة على معالجتها أيضا.
وبدوره أكد الصحفي والخبير الاقتصادي التونسي جمال رمضان، أن الملفات الاقتصادية أهم ما ستواجه حكومة الجملي، إذا ما حصلت على ثقة البرلمان، وأن الحكومة الجديدة مطالبة بمعالجة هذه الملفات، وعلى رأسها التقليص من نسب التضخم وعجز الموازنة العامة.
وأشار في تصريحات لـ"أ ش أ" إلى أن الحكومة مطالبة أيضا بالتركيز أكثر على تنمية الموارد الذاتية ومتابعة إصلاح المؤسسات العمومية دون أن تغفل متابعة التفاوض مع المانحين ومؤسسات الإقراض الدولية لجلب موارد مالية إضافية تساعدها على مجابهة الطلبات الاجتماعية المتنامية.
واتفق معه المحلل والصحفي التونسي أيمن العبروقي، مشيرا إلى أن البلاد تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وتعيش وضعا اقتصاديا صعبا للغاية وهو ما يتجسد في نسبة نمو ضعيفة لا تتعدى 1.4%، إلى جانب عجز في الميزانية ومديونات خارجية ضخمة.
وقال في تصريحات لـ"أ ش أ" إن أبرز تحدي أمام الحكومة هو كيفية الحصول على 12 مليار دينار (4.31 مليار دولار) من القروض وفق ما جاء في الميزانية، وستكون منها 8 مليارات دينار قروض خارجية إلى جانب التداين الداخلي. 
وأشار إلى أن الحكومة ستجد مؤسسات عامة تشارف على الإفلاس وتفوق ديونها المليارات من الدينارات، مع نسب بطالة مرتفعة جدا تناهز 15.5%، ونسب فقر كبيرة، في ظل ميزان تجاري مختل يصل فيه العجز إلى 19 مليار دينار (6.83 مليار دولار) ومرشح للزيادة.
وأضاف العبروقي أن تراجع الإنتاج الصناعي التونسي يمكن وصفه بأنه في حالة احتضار، إلى جانب مشاكل كبيرة يعاني منها القطاع الزراعي وهو ما ظهر جليا في أزمة زيت الزيتون هذا العام التي لم تحسن الحكومة التعامل معها.
ولفت إلى أن مناطق المناجم تشهد اضطرابات اجتماعية، سواء التي تنتج الفوسفات أو البترول، حيث يطالب شباب هذه المناطق بالتنمية وفرص العمل، وعلى الحكومة أن تنجز بعض المشاريع، وتقوم بإدخال حقل نوارة النفطي الذي طال انتظار افتتاحه.
وحول غلاء المعيشة، قال العبروقي إنه بات الهاجس والكابوس الأساسي لكل التونسيين، فغلاء المواد الأساسية في حالة انفلات خلال السنوات الأخيرة.
وطالب العبروقي بدعم وتحسين مناخ الاستثمار سواء الداخلي أو الخارجي، لخفض نسب البطالة وتشجيع المؤسسات المصدرة، وسرعة التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي علق قسطين كان من المقرر أن يمنحهما لتونس تقدر قيمتهما 1.2 مليار دولار لعدم رضاه عن سياسات الحكومة الاقتصادية.
وشدد على أن التحدي الاجتماعي، مرتبط بالبطالة أيضا وهو ما تجسد في بعض الاعتصامات والتحركات في المناطق الفقيرة والمهمشة المحرومة أيضا من الخدمات، مثل ما يجري في تطاوين من إضراب بعض الشباب عن الطعام، للمطالبة بتخصيص نسبة من دخل البترول الذي يتسخرج من مناطقهم في إنجاز مشروعات في البنية التحتية ولا سيما المستشفيات.
وعلى المستوى النقابي، أكد أن هناك اتفاقات أجرتها الحكومة السابقة مع بعض النقابات ستواجه الحكومة الجديدة صعوبة في تفعيلها وتطبيقها.
وفيما يتعلق بالتحدي الأمني، قال إنه التحدي القديم الجديد الذي يفرض نفسه على أي حكومة في ظل وجود بعض العناصر الإرهابية المتحصنين في بعض مناطق، مشيرا إلى أن حالة الانفلات في ليبيا المجاورة تلقي بظلالها على حالة الأمن في تونس. 
وكلف قيس سعيد في 15 نوفمبر الماضي، الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، إلا أنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة خلال المهلة الدستورية الأولى (شهر من تاريخ التكليف) بسبب عدم التوافق مع الأحزاب، وهو ما دفعه إلى اللجوء إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية من خارج الأحزاب.
ومن المقرر أن يعقد مكتب مجلس النواب، اجتماعا غدا السبت لتحديد موعد لعقد الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة للحكومة المقترحة في غضون أسبوع وفقا للدستور التونسي.

تم نسخ الرابط