الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

كرة القدم على خط النار

كرة القدم على خط
كرة القدم على خط النار
كتب - وليد العدوي

في ليبيا وسوريا واليمن أطاحت القذائف بالملاعب

تعيش عدد من الدول صراعات وتوترات غير مسبوقة، بما له من انعكاسات سلبية على  مناحي الحياة، من بينها الأنشطة الرياضية، وتحديدا كرة القدم، فمسابقات الدوري العام الممتاز محط أنظار الجميع في أي بلد، كما تعد مؤشرا على مدى الاستقرار من عدمه في هذه البلد أو تلك، لذا قررنا في «بوابة روزاليوسف» استعراض أخر المستجدات حول طبيعة النشاط الرياضي والكروي في البلاد التي تشهد توترات سياسية، أو تلك التي تواجه جيوشها الوطنية المليشيات الإرهابية، كما هو إلحاق في ليبيا وسوريا واليمن.

 

 

ليبيا

في كل مرة يراهن رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم عبد الحكيم الشلماني على إعادة مسابقة الدوري العام ويفشل، ومؤخرا قال: «هناك مساعٍ جاده لإقامة الدوري في شهر يناير الجاري، ومن يريد أن يشارك أهلاً به، ومَن لا يريد سنقدر ظروفه، فهناك لجنة في المنطقة الغربية ولجنة في المنطقة الشرقية بهذا الخصوص وهناك التزامات علينا ويجب أن يكون هناك دوري لذا نسعى لرفع الحظر، وسيكون هذا بداية من دول شمال أفريقيا التي ستقف معنا في هذا الأمر».

تصريحات الشلماني وجدت قبولا في المنطقة الشرقية التي عقدت اجتماعا بحضور عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الليبي لكرة القدم يونس الكزة بحضور أندية خليج سرت وشباب الجبل والأخضر والأهلي بنغازي والتحدي والهلال والنصر والصداقة والتعاون والأنوار ونجوم أجدابيا ودارنس واشترط المجتمعين على الاتحاد الليبي الدعم المالي والتكفل بالإقامة والتنقل من أجل اللعب في الدوري الممتاز، كما حددوا يوم 20 يناير2020 كموعد أقصى لانطلاق مسابقة الدوري الممتاز للموسم الرياضي 2019-2020 بعد الحصول على الدعم المالي الذي طالبت به أندية المنطقة الشرقية خلال اجتماعها الأخير.

في المقابل لم تقرر ولم تجتمع أندية المنطقة الغربية الاثني عشر بعد تصريح الشلماني الأخيرة وهي الأهلي طرابلس والاتحاد والمدينة والوحدة وأبي سليم والأولمبي والشط والمحلة ورفيق والسويحلي والخمس والاتحاد المصراتي، وكانت قد عقدت اجتماعا فيما سبق وقررت عدم اللعب حتى يزول السبب الذي من أجله تم إيقاف دوري الموسم الماضي بسبب الأحداث السياسية التي تشهدها حاليا المنطقة الغربية وتحديدا العاصمة طرابلس، كما اتهم الشلماني أندية معينة لم يذكرها بالاسم مؤكدا أنها هي التي تقف وراء عدم الموافقة على عودة الدوري لأسباب خاصة بهذه الأندية، وهي أسباب شخصية وهذه الأندية معروفة للشارع الرياضي لكنه لن يكشف عنها النقاب على حد قوله في اجتماعه الأخير داخل المكتب التنفيذي حيث كانت تصريحات سابقة أيضا لمسؤولين من أندية مصراتة قد رفضت إقامة الدوري في ظل هذه الظروف، ورفضت أيضا إقامة حتى دوري الفئات السنية للموسم الرياضي 2019 -2020.

 

 

المنطقة الغربية تعيش حاليا أحداث مؤسفة مستمرة وخصوصا في مدينة طرابلس الكبرى، والتي بها أكثر من فريق تابع للمنطقة الغربية بينما العكس في المنطقة الشرقية التي تعيش في حال أفضل بكثير الأمر الذي يساهم في قرار العودة شرط تحقيق المطالب بجانب بحث ظروف وطريقة عودة المسابقة بعيدا عن المطالب المالية والنقل والإقامة، قبل أن تشتعل الأمور في الفترة الأخيرة، بسب التدخل الخارجي المحتمل من جانب تركيا في الشأن الداخلي الليبي، لتوشك الأوضاع وتنذر بأجواء حرب، بعد أن كان الخلاف في الماضي القريب ليبي – ليبي، أصبح الأن مهدد بصراع دولي.

ويتوقف النشاط في جميع أندية المنطقة الغربية عدا نادي الاتحاد الذي كان في معسكر خارجي بسبب مشاركته الأفريقية الأخيرة قبل أن يودع مبكرا بطولة «الكونفدرالية» أما باقي الأندية في سبات عميق بل هناك أندية فرطت في لاعبيها مثل الأهلي طرابلس وأصبح معظم اللاعبين خارج أسوار النادي حاليا الأمر الذي يجبره على طلب مزيد من الوقت حتى يعيد ترميم صفوف فريقه الأول وأيضا أندية المدينة والوحدة والشط والسويحلي والخمس والاتحاد المصراتي والأولمبي ورفيق وأبوسليم والمحلة جميعها تفتقد إلى برنامج التدريب بعد تسريح اللاعبين والمدربين دون أن تعلن هذه الأندية عن استعدادها لعودة النشاط الرياضي واستكماله لتظل الظروف المالية حال أمام الجميع في ظل صعوبة توفير دعم مالي مناسب لكل هذه الأندية، أمام كل هذه العراقيل يناقش الاتحاد العام كل الخيارات الصعبة في الوقت الحالي بعد أن أكد مرارا ضرورة إقامة الدوري هذا الموسم حتى لا يتم تجميد الفرق الليبية والمنتخبات.

 

 

العراق 

نجح العراق في الوصول إلى هدفه، بعد أن أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» رفع الحظر عن استضافته المباريات الدولية، الذي فرض بعد غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت في العام 1990، وناقشت الجمعية العمومية لـ«فيفا» خلال اجتماعها في بوغوتا بكولومبيا على مدى يومين قرار رفع الحظر عن العراق، ضمن عدة قرارات أخرى، قبل إصدار القرار بشكل رسمي، وقال رئيس الاتحاد الدولي، جياني إنفانتينو، إن الـ«فيفا» وافق على السماح للعراق باستضافة مباريات دولية رسمية في ثلاث من مدنه، هي أربيل والبصرة وكربلاء، بينما تم رفض طلب العاصمة بغداد لاستضافة مباريات ودية، حيث يحتاج الوضع إلى مزيد المراقبة والاحتياطات الأمنية.

يأتي هذا بعد تحرك ومساعٍ كبيرين، حيث حقق منتخب العراق الأول لكرة القدم الفوز على ضيفه السعودي بأربعة أهداف مقابل هدف واحد في مباراة ودية دولية جمعتهما على ملعب «جذع النخلة» في البصرة بحضور 65 ألف متفرج، في المباراة التي جاءت بهدف من السعودية لمساعدة العراق على رفع الحظر المفروض على أراضيه من جانب «فيفا»، وهي الأزمة نفسها التي تعيشها كرة القدم الليبية، حيث يأت تحرك الاتحاد العراقي لكرة القدم من أجل رفع الحظر عن ملاعبه وليد اليوم، بل سبقته محاولات لجلب نجوم العالم بحضور جماهيري في ملعب البصرة أيضًا، عبر مباراة ودية دولية تاريخية، أُقيمت على ملعب «جذع النخلة» بالمدينة الرياضية، فكان النجاح حليف الاتحاد الذي عاني كثيراً من الحظر، ويواصل المساعي بإجراءات ملموسة يقوم من خلالها بالخروج من الأزمة، رغم ما يعانيه العراق من حروب وتفجيرات وقوميات وعدم استقرار، حيث سبق وقرر المكتب التنفيذي لـ«فيفا» رفع الحظر عن الملاعب العراقية والسماح بإقامة مباريات دولية ودية فيها لمدة ثلاثة أشهر كمرحلة أولى.

الاتحاد الليبي نفسه حاول مساعدة العراق، ونشر الموقع الرسمي في وقت سابق ترحيبه برغبة نظيره العراقي في إقامة مباراة ودية دولية بين المنتخبين تقام بمدينة البصرة في أكتوبر 2017، وذلك ردًا على الرسالة الرسمية التي وصلت من اتحاد الكرة العراقي بالخصوص وخاطب الاتحاد العراقي الاتحادين الدولي والآسيوي لتسمية الطاقم التحكيمي للمباراة ومشرفها حتى تدخل ضمن حملة رفع الحظر عن الملاعب في العراق قبل أن تفشل باقي المحاولات.

يعيد الوضع المتوتر الراهن في العراق، بعد مقتل القيادي الإيراني قاسم سليماني، الأمور لسابق عهدها، من حظر للملاعب، وتحريم إقامة المباريات على أراضيها، ليساهم توقف منافسات الدوري العراقي بشكل كبير في تعزيز ظاهرة الاحتراف الخارجي مؤخرا، فبعدما بدأت الأندية في تسريح لاعبيها الأجانب، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل لجأ بعض اللاعبين المحليين لقبول العروض الاحترافية، للتمسك بفرصة التواجد مع المنتخب الوطني، بعد أن ضاق بهم حال المنافسة في بلادهم، رغم وجود ناديا الشرطة والزوراء في المنافسات الخارجية، فالشرطة يلعب لقاء الإياب أمام الشباب السعودي، في ربع نهائي كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، ويشارك في المنافسات الآسيوية أيضا، أما الزوراء فيستعد لخوض ملحق دوري أبطال آسيا، ورغم عدم وفاء الأندية الإيرانية أحيانا بالتزاماتها المالية تجاه اللاعبين العراقيين، إلا أنها تسعى لاستقطاب عدد منهم حاليا، وأولهم المخضرم كرار جاسم لاعب الشرطة، الذي خاض تجاربا كثيرة في الدوري القطري.

 

 

اليمن 

حقق المنتخب اليمني شبه معجزة عندما تأهل إلى نهائيات كأس أمم آسيا، والبلاد تدمرها الحرب، والمجاعة تهدد الملايين من أهلها، فبعض لاعبيه اختطفتهم الجماعات المتطرفة، وبعضهم لجأوا إلى الجبال للقتال، وآخرون لقوا حتفهم في الحرب التي تدمر البلاد، لكن المنتخب اليمني ظهر في نهائيات كأس آسيا الأخيرة بالإمارات بشكل مشرف على عكس المتوقع، بعد أن توقفت كرة القدم في اليمن تماما، فالدوري المحلي معلق إلى أجل غير مسمى، والمنشآت الرياضية كلها تدمرت، والملاعب تحولت إلى خراب، والفرق لم تعد موجودة، ، حيث ساهم تصاعد النزاع في عام 2015 بين حكومة، عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين أدخلت اليمن في دوامة حرب دامية، وأدت المعارك إلى مقتل عشرات الآلاف، وإلى انتشار الأوبئة الفتاكة والأمراض، ووضعت البلاد على حافة المجاعة، لتنقسم البلاد إلى قسمين في حرب بالوكالة تدور في رحاها في اليمن.

يحاول اللاعبون التركيز على كرة القدم، ولكن الأمر ليس سهلا، فقد وجد بعضهم فرقا يلعبون فيها خارج اليمن مثل قطر، لكن الذين بقوا في البلاد، ينتظرون فرصة المباريات الدولية منذ أربعة أعوام، وعندما كانت الفرق المحلية تنظم مباريات ودية بين الحين والأخر فإنها لم تسلم من الصواريخ والقذائف التي تترك الملاعب دمارا، أما اللاعبون الذين وجدوا فرقا لا تزال تنشط يتلقون أموالا قليلة ويضطرون إلى العمل سائقين أو بائعين في المتاجر لتوفير لقمة العيش، وبعضهم التحق بجبهات القتال، وقتل الكثير منهم في الحرب، كما يجد الاتحاد اليمني لكرة القدم صعوبة أخرى في تنظيم تحضيرات للمنتخب الوطني، بسبب انقسام البلاد.

 

 

 

سوريا 

صوت القذائف بات جزءا من الحياة اليومية في سوريا التي تمزق الحرب أوصالها، فمنذ بدء الانتفاضة عام 2011 لم نسمع خبرا إيجابيا عن سوريا، فقد تدهور الدوري السوري إلى درجة تعذر عليه فيها توفير الدعم والتسهيلات المتاحة في الخارج، وبالفعل غادر العديد من اللاعبين السوريين، فعلى سبيل المثال يلعب معظم اللاعبين الدوليين في الخارج، على رأسهم قائد المنتخب أحمد الصالح وفراس الخطيب وعمر خربين لاعب الهلال السعودي وأحد أثرياء اللاعبين السوريين، كما للأخير أبن عمه لاعب ما زال موجودا في سوريا هو أسامة عمري الذي يلعب في فريق الوحدة في دمشق، وهو هداف الدوري السوري قبل انقطاعه، فعلي خلاف اللاعبين الآخرين، لم يكن لعمري خيار مغادرة سوريا، وجند في الجيش وانتدب من وحدته العسكرية إلى نادي الوحدة.

غادر العديد من اللاعبين سوريا قبل اندلاع الحرب، وتمكن آخرون منهم خربين من تجنب الخدمة العسكرية نظرا لكونهم الأبناء الوحيدون لوالديهم، لينحسر الدوري السوري جغرافيا نتيجة الحرب، إذ لا تجرى المباريات إلا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وعمليا لا تجري نشاطات الدوري إلا في مدينتي دمشق واللاذقية، فيما يشبه المباريات الودية بين عشاق لكرة القدم، لتفتقد المنافسات الطابع الرسمي الذي من أجله انتشرت اللاعبة الشعبية الأولى في العالم.

فالحقيقة تقول إن الدوري السوري في أزمة، إذ يعاني من شح خطير في الأموال نتيجة سنوات من العقوبات الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة السورية، كما يفتقر الاتحاد السوري لكرة القدم إلى الأموال الضرورية لعمله أيضا، فلا يتجاوز الأجر الذي يتقاضاه اللاعب السوري الجيد في الدوري المحلي 200 دولار في الشهر، ويعد هذا أجرا مجزيا بالمعايير السورية، ولكن لا يمكن مقارنته بالأجور التي يتقاضاها لاعبو الكرة في البلدان الأخرى، لذا هجر أفضل اللاعبين السوريين البلاد ويتعذر على الفرق المحلية اجتذاب أي مواهب كروية من الخارج، لأسباب الحرب المعروفة.

 

 

تم نسخ الرابط