السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

في رحلة.. من أجمل الرحلات، نظمتها نقابة الصحفيين لأعضائها لمدينة طابا.. حيث اخترقنا جبال سيناء الرائعة والأروع، ذلك المصري الذي شق طريقَا بين هذه الجبال الصخرية الشامخة لعنان السماء لنسير بينها.

 

حقًا إنها معجزة.. عندما ترى كيف شق المصريون هذه الجبال لإنشاء طرق تسهل الوصول لكل مناطق شبه جزيرة سيناء، لتخدم أهلها وأهل المحروسة، وكل سائح يريد زيارة مصرنا الجميلة وشواطئها التي لا يوجد مثيل لها في العالم.

 

  بالفعل طريق (شق الثعبان) الذي يبدأ من منطقة النقب ويصل إلى مدينة طابا في حد ذاته معجزة، من حيث جمال الطبيعة وقدرة الله في خلق السموات والأرض والجبال والسهول المحيطة بالطريق، والمعجزة الأخرى الأيادي المصرية، التي أنشأت هذا الطريق والطرق الأخرى العديدة، التي نراها كلما ننتقل من منطقة إلى أخرى داخل سيناء العزيزة علينا، وعلى كل المصريين.

 

حقًا طابا تستحق هذا الاهتمام؛ لنبعث برسالة للآخرين أننا استرددنا طابا، وهي قطعة أرض مساحتها أقل من كيلو متر، لكن حتى لو كانت سنتيمترًا واحدًا فإن المصريين لن يفرطوا فيها أبدًا، وتذكرت حواري مع دكتور مفيد شهاب، وهو يروي لي تفاصيل المعركة الدبلوماسية الكبرى، بيننا وبين إسرائيل لاسترداد طابا.

 

 البداية، عندما رسمت الحدود مصر وبريطانيا والدولة العثمانية ووضعت نقاط بأعمدة، بلغ عددها وقتئذ على الحدود الدولية 91 عمودا، بدءا من العمود رقم واحد عند ميناء رفح على تل الخرايب، وآخر عمود، وهو رقم 91 على رأس طابا، حيث انتهى نهائيا بناء هذه الأعمدة الأسمنتية المسلحة في 9 فبراير 1907، وهكذا عادت طابا مصرية في مطلع القرن العشرين، وكانت الوثائق التاريخية المتعلقة بمشكلة طابا الأولى خير سند قانوني، لدعم موقف مصر، إلا أن إسرائيل، بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بعد حرب 1973 قررت توسيع المناطق التي تحيط بميناء إيلات، وشرعت في إقامة فندق سياحي في وادي طابا دون إبلاغ مصر، ومن هنا بدأ الخلاف حول الحدود.. خاصة عند علامة الحدود رقم 91 بمنطقة طابا .

 

وفي أكتوبر عام 81 وعند تدقيق أعمدة الحدود الشرقية اكتشفت اللجنة المصرية بعض مخالفات إسرائيلية حول عدد 13 علامة حدودية أخرى أرادت إسرائيل أن تدخلها ضمن أراضيها، وأعلنت مصر بأنها لن تتنازل أو تفرط في سنتيمتر واحد من أراضيها، وأن الحفاظ على وحدة التراب الوطني المصري هدف أساسي وركيزة لكل تحرك، وتمسكت مصر بموقفها الثابت بوضوح والقائم على عدم التخلي عن أرض طابا، وأن أي مسألة تتعلق بالحدود يجب أن يكون حلها بالعودة إلى المادة السابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتي تنص على أمور عديدة، منها حل الخلافات والنزاعات عن طريق المفاوضات، وبالتوفيق أو التحكيم الدولي، وذلك عند صعوبة حلها عبر المفاوضات.

 

 واختلف الجانبان في آلية حل الخلاف حول طابا، فالجانب المصري يفضل حل الخلاف بالتحكيم الدولي، فيما يرغب الجانب الإسرائيلي في حله عبر التوفيق، وعارض مجلس الوزراء الإسرائيلي مبدأ التحكيم حتى عام 1986وأصرت مصر على التحكيم الدولي.

 

وفي سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولي حكمها لصالح مصر. وانتهت قضية طابا برفع العلم المصري فوق أراضيها في مارس 1989 بعد معركة سياسية ودبلوماسية استمرت لأكثر من سبع سنوات.

 

ما حدث في معركة استرداد طابا يبعث الأمل والثقة دائما في قلوب المصريين.. ويذكرنا بأننا قادرون على خوض أي معارك لاسترداد حقنا في المياه والأرض ولا نخشى سد النهضة ولا صفقة القرن، فلدينا شعب وجيش قوي ورجال سياسة ودبلوماسيون قادرون ومستعدون لأي معركة.

 

تم نسخ الرابط