تعرف الدبلوماسية بأنها السياسة الخارجية للدولة وقسم آخر يعرفها بعلم المفاوضات والبروتوكول والأتكيت والتعريف الشامل لها هو: بأنها مجموعة من المفاهيم والقواعد والإجراءات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية بهدف خدمة المصالح العليا للدول والشعوب.
وقبل البدء والخوض في هذا الموضوع الحيوي والمهم في حياتنا والذي يعتبر من أعمدة الحياة اليومية على المستوى العائلي الاجتماعي أو على المستوى الرسمي ، علينا المرور ولو بصورة مختصرة على تعريف الإعلام قبل أن نٌعرج على الاعلام الدبلوماسي والاعلام السياسي.
يعرف الإعلام أنّه المعلومات التي تُنشر بواسطة الوسائل الإعلاميّة (المقرؤه، المسموعه،المريئة) لغرض الوصول الى الجمهور وتحقيق هدف معين ايجابي او سلبي ، مثل الإذاعة والتلفزيون /الإنترنيت /المجلات/ الصحف اليومية/ وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها الحديثة لغرض الوصول التاثير على الجماهير وهم الهدف المقصود للاعلام، حيث يؤثر الاعلام على سلوك الافراد والمجتمعات وتساهم في تغييره وفي بعض الاحيان يكون سلاحاً ذا حدين وخاصة بعد ظهور الغزو الفكري للمجتمعات من خلال ثورة التكنولوجيا الحديثة وكثرة انواع وسائل التواصل الاجتماعي.
وسوف نتطرق فقط الى نوعين مهمين من الاعلام وهو الاعلام الدبلوماسي والاعلام السياسي بصورة مختصرة لما لها تاثير مباشر على مفردات الحياة اليومية.
الإعلام الدبلوماسي فهو توظيف هدف السلطة بأداة واحدة لهدف معين محدد بوقت مخصص وبأسلوب واضح المعالم وتوطين إستراتيجيتها من خلال المفاوضات، التمثيل الرسمي، جمع المعلومات وتحليلها، العلاقات العامة، التميز في أدوات الأدارة الإعلامية. الاعلام الدبلوماسي لا يتدخل بشؤون الدول ولا يتعامل مع أهداف بسيكولوجية المجتمعات بحيث غالباً ما يعتمد على المعلومات التي تم جمعها بصورة دقيقة لكي يكون هو الواجهة المرجوه لذلك سواء كتعاون أو استثمار اقتصادي /ثقافي/ طبي. ويتاثر الاعلام الدبلوماسي بالمتغييرات الدولية والاقليمية والمحلية سواء الاقتصادية منها أو السياسية وبدأت نظريات جديدة بالاعلام الدبلوماسي وارتباطاتها تسمى (بالدبلوماسية الترابطيةAssociative Diplomacy ) وهو تكوين المجموعات الاقليمية والدولية وخاصة بعد انهيار وتلاشي حركة عدم الانحياز وانتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي الى دول ويبدو هذا الاتجاه واضحأَ بالفترة الأخيرة مثل السوق الأوروبية المشتركة EEC والتي توسعت الى الأتحاد الاوروبي EUوفي النطاق العربي مجلس التعاون الخليجي GCC وقد خدم الاعلام الدبلوماسي هذه المكونات الترابطية بالتعريف بنشاطتها أكثر من الاعلام الكلاسيكي أو الإعلام السياسي الذي سوف نتطرق له في أدناه.
أما الإعلام السياسي فهو أهم دعامات الثورة التكنولوجية الحديثة والذي أحدث انقلأبا شبه جذري في كل مجالات الحياة المعاصرة وسلوكيات أفراد المجتمع، وأحد اهداف الاعلام السياسي في العالم العربي هو إعلام موجه من قبل السلطة السياسية لخدمة بقائها بالسلطة وتلميع صورتها أمام الجميع( التثقيف والتسويق السياسي) بينما الاعلام السياسي الغربي موجه سياسيا لخدمة مصالحهم الاستراتيجية، والأعلام السياسي أحد أهم أهدافه بتوجيه العالم نحو هدف ما يروم به هرم السياسة ومثال ذلك كما حصل بالإعلام الامريكي وعلى رأسه الرئيس بوش الابن عندما قاد الحملة الاعلامية السياسية ضد العراق بانه يمتلك أسلحة دمار شامل واستخدم الاعلام السياسي التجاري ليوجه العالم ضد العراق ولم يكن للعراق أي صلة من هذه الاتهامات.
الاعلام السياسي هو الخطاب المعسول السياسي والذي يوصف بأنه القوة الأكثر تاثيرا في مسار حياة الشعوب واتجاهاتها ويعمل بنفس قوة السلاح.
الاعلام السياسي أداة بحد ذاته إذا أحسن استخدامها استطاعت أن تؤثر كما تؤثر الاسلحة الفتاكة الأخرى وربما أكثر.
ومثال ذلك ما حصل بما يسمى بالربيع العربي حيث تغيرت أنظمة وحكومات عريقة ورصينة من ناحية أجهزتها الأمنية والعسكرية ولكنها انهارت بفعل الاعلام مما كان لونه والجهة الداعمة له، فالاعلام السياسي هو اداة للسياسة وهو القادر على التأثير على عقول الناس واتجاهاتها كما قال (ماك كويل) عالم الاجتماع: بأن تاثير وسائل الاعلام على العقل البشري أخطر من السلاح الناري لكون الاول يتعامل مع عقول وسلوك الناس عكس السلاح الناري وبالتالي يلعب التضليل الاعلامي دوره بفعالية أكبر في غسل عقول قليلي التجربة والمعرفة من الناس. الرئيس الامريكي الاسبق ريشارد نيكسون يقول إن تاثير الاعلام السياسي بكل أنواعه ( الصحافة، الدوريات، الاذاعة، التلفزيون، الفضائيات، الانترنت) يقوم على تحريك الشعوب حسب الهدف المخطط له واختراقهم في قضاياهم الوطنية أو القومية أو حتى الأستراتيجية، وهذا الاختراق يؤدي الى تغييرات أساسية في البيئة الثقافية والدينية والاقتصادية وهذا ما حصل في يوغسلافيا عندما انهارت وتقسمت على دويلات والتي لعب فيها الأعلام السياسي دورا مهما بقوة الحرب التي دارت رحاها هناك وربما أقوى.
حيث كانت وما زالت المطابخ الدبلوماسية وخاصة الغربية تتفنن بالاعتناء والاهتمام بالاعلام الدبلوماسي والسياسي لكونه العامل المؤثر على أغلب شرائح المجتمعات وخاصة مجتمعات العالم الثالث التي لا تزال تعيش على أفكار وأيديولوجيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والانتهازية والفوقية والوصولية والحزبية وبالاضافة الى بعض شرائح المجتمع في مختلف بقاع العالم التي تطفو وتعيش في مستنقعات الاعلام الدبلوماسي السياسي الذي يوظف الاعلام لغرض أهداف السياسية إستراتيجية بعيداً عن الحقائق الواقعية وهذا ما تابعناه وبعد أحداث سبتمبر/أيلول 2001 وإعلانه الحرب على ما يسميه بالإرهاب والحديث لم ينقطع حول توجهاته الفكرية والسياسية ووظف الاعلام الأمريكي والغربي لتحقيق هذه الأهداف .
وفي الختام الإعلام الدبلوماسي إعلام محدود الأهداف آني الوقت ذو تأثير معين بوقت بمكان محدد وبأدوات معلومة ومخطط لها من قبل هرم الدولة مثل الاتفاقيات التجارية أو العسكرية أو الطبية ويكون الكادر الدبلوماسية طرفا فيها.
بينما الإعلام السياسي هو إعلام مسير لسياسات مؤثرة كبيرة تسعى الى استراتيجيات جديدة ويتخذون منه منبرا لايصال أصواتهم للشعب وغالبا ما يكون وسيلة اتصال بين الحكومة والجماهير، ويظل الاعلام السياسي مرهونا بالاجندة السياسية لهرم الدولة ونظامه لغرض التلميع والتثقيف السياسي .
* دبلوماسي سابق



