د. مكرم رضوان يكتب: كادر المهن الطبية وحتمية تعديل المسار
تعاني كل المستشفيات بالجامعات المصرية والمستشفيات التعليمية ومستشفيات أمانة المراكز الطبية المتخصصة والمؤسسة العلاجية ومستشفيات هيئة التأمين الصحي من عجز شديد بالتمريض وفنيين المعامل والأشعة، لدرجة أن هناك وحدات وأقسامًا في حاجة ماسة إليها مغلقة بالفعل لنقص أطقم التمريض بها، إضافة إلى هذا هروب كل الخريجين الجدد من التكليف بتلك المستشفيات بمن فيهم خريجو الجامعة أنفسهم ومن يقيمون بذات المدن التي بها تلك المستشفيات.
والأغرب من هذا من يتسلم عمله مضطرا سرعان ما يتقدم بإجازة وجوبية لعدم جدوى العائد المادي، نظرًا لأن أغلبهم من قرى ومدن تبعد عن تلك المستشفيات مسافات بعيدة وعناء السفر يستنزف أكثر من نصف دخلهم وأغلب وقت راحتهم. كل هذا يسبب عجزا دائما في القوة العاملة الذي يقف حائلًا ضد رغبة انتقال أي فرد لظروف خاصة وهو ما خلق شعورًا بين الناس أن التكليف في تلك الأماكن بمثابة سجن أبدي يصعب الخروج منه.
كل هذا سببه معروف وهو تطبيق كادر المهن الطبية الذي ساوى بين الجميع دون تفرقة بين نوعية العمل بمستشفى وآخر، إضافة إلى كل ذاك بعد غلاء الأسعار وتطبيق الحد الأدنى للأجور 2000 جنيها شهريًا لم يعد الكادر مجزيا لأعضاء المهن الطبية، بل على العكس يضر بالكثير منهم.
كل هذا سببه معروف لدى الجميع إلا قيادات وزارة المالية وكأن صحة المواطنين لا تعنيهم رغم أن وزير المالية تفهم الأمر وأبدى استعداده بداية لإعادة دراسة كادر المهن الطبية الذي ساوى بين من يعمل بجد ومن اختار مكانا للراحة فقط.
ولقناعتي التامة أن تصحيح المسار يهم حياة كُلْ المصريين تقدمت بمقترح قانون وهو إلغاء المادة ١٩ من قانون كادر المهن الطبية، رقم 14 لسنة 2014، والتي تمنع المتمتعين به من الحصول على مزايا أخرى من جهة عملهم، وبالتالي ساوت بين من يعمل في المستشفيات الكبرى وزميله الذي يعمل في الوحدات الصحية بجوار منزله وبمجهود عمل أقل.
بقاء الوضع هكذا يؤثر بالسلب على روح التمريض في تلك المستشفيات ويدفع بقتل الروح في التمريض الجدد وهو ما يؤثر على المنظومة الصحية بأكملها. نتمنى توافق الجميع في جلسة لجنة الصحة المقررة لمناقشة ذلك من أجل تصحيح المسار والعودة بتلك المستشفيات المهمة لتكون جاذبة للعمالة وليست طاردة، خاصة أنها تقدم تقريبا أكثر من 90% من الخدمة الطبية الثلاثية، وأكثر من 50% من الخدمة الطبية الثنائية ويتردد عليها أكثر من ٣٠ مليون مواطن سنويا، بل وهي الركيزة الأساسية لتطبيق منظومة التامين الصحي الشامل الذي يدعمه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل ما يحتاجه ماديا ومعنويا.
أستاذ بكلية الطب وعضو مجلس النواب



