ابنة شيخ الأسرى ..رنا الشوبكي: أتوق لرؤية والدي وهذه رسالتي للعالم
لا يزال الامل بداخلي حاضرا . لابد من شمس يوم جديد تشرق و بيننا والدي . ننعم بوجوده بيننا و بين احفاده ، الذين يترقبون لقاءه الاول.
اعوام طويلة مضت والحنين اليه يزداد و الشوق لرؤيته حرا و امنا يكبر بداخلنا . لذلك وبالتزامن مع الاحتفاء بيوم الاسير الفلسطيني اود ان ابعث من خلال حواري هذا برسالة الى العالم اجمع " هناك خطر يهدد حياة والدي و كل اسير فلسطيني . هناك وباء ينتشر في ارجاء العالم يمثثل خطورة على كل حر طليق . فما بالكم بخطورة هذا الوباء على حياة كل اسير فلسطيني . الم يكفى ما عانوه حتى الان من الام جسدية و معنوية ."
فلنبدأ من واقع الاسرى الفلسطينيين و لا سيما شيخ الاسرى " فؤاد الشوبكي " ، في ظل انتشار وباء كورونا و الذي يمثل جائحة عالمية في ضوء ما اسفر عنه من ملايين الاصابات و الاف الوفيات حول العالم حتى الان ؟ تهديدا مباشرا لحياته يواجهه والدي و كل اسير فلسطينيي في هذه اللحظة ، و ذلك في ظل انتهاك قوى الاحتلال لابسط الحقوق لتجاوز هذه المحنة ، التي يمر بها العالم ، و قد انتشرت الاخبار بان هناك اسير تمت اصابته بالكورونا ، و رغم هذا لا تزال قوى الاحتلال الاسرائيلي تواصل تنفيذ اجراءاتها التعسفية ضد كل اسير فلسطيني ، حيث قامت بسحب جميع مواد و ادوات التنظيف و التعقيم، رغم ادراكها التام بالظروف الصحية التي يعانيها اغلب الاسرى و بالتأكيد والدي ، فالمعروف انه الاكبر سنا في سجون الاحتلال الاسرائيلي و ايضا يعاني الكثيثر من المشاكل الصحية سواء الخطيرة او المزمن ، لذلك فرسالتي لجميع الجهات المعنية مراعاة النتائج الوخيمة التي قد تتسبب فيها تجاهل اوضاع الاسرى الفلسطينين في ضوء انتشار هذا وباء كورونا .
منذ ايام قام الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط بارسال خطاب إلى "روبير مارديني"، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، من أجل حمل الحكومة الإسرائيلية على مراجعة مواقفها حيال قرار فوري بإطلاق دفعاتٍ من الأسرى الأكثر عُرضة للخطر، وذلك تفادياً لكارثة إنسانية مُحدقة .. كيف هو اثر هذا التحرك و اخر تطروات الاوضاع على ارض الواقع وفقا لمتابعتكم له ؟
هناك جهود مبذولة مما لاشك فيه من قبل الجميع للضغط على الحكومة الاسرائيلية للاسراع من اجراءات الافراج عن الاسرى الفلسطينيين، لذلك سوف انتهز الفرصة من خلال هذا الحوار لابعث ايضا برسالة الى الحكومة المصرية و ذلك مع الاخذ في الاعتبار جذور والدي المصرية ، فوالدته لابي ولدت بمحافظة بورسعيد و لديها الجنسية المصرية ، لذلك امل ان تضافر الجهود بين الحكومة المصرية و الحكومة الفلسطينية للتأثير في الموقف العربي و الدولي و المطالبة بافراج فوري عن الاسرى الفلسطينين و إنقاذهم من خطر الاصابة او لا قدر الله الموت دراء هذا الوباء الخطير .
سبعة عشر عاما من الاسر و التعذيب و لكن تظل لحظة اعتقال الوالد راسخة في وجدانك ، فماذا عن ابرز ملامح هذه الذكرى لترويه لنا ؟ قد يمضي الزمن و لكن كما ذكرتي تظل هذه الذكرى هي الاكثر تأثيرا في وجداني حتى الان .
كنت برفقة والدتي و اشقاءي نجلس امام التلفاز و لحظات من اقسى ما يكون . فبينما نجلس جميعا مكتوفين الايدي ، دبابات العدو تقترب من والدي ، انه المناضل فؤاد الشوبكي يقف بكل عزة و فخر يطلب الشهادة ، لا يزال المشهد حاضر امامي ، تسترجعه الذاكرة من حين لاخر ، بالضبط كما لا يزال الصوت ذاته للسلاسل ، التي تقييد ارجل والدي ، و التي كان صوتها دائما يقترن باقترابه نحونا و نحن نجلس بالمحكمة لرؤيته اثناء محاكماته ، فقد كنت اعلم بقدوم والدي دائما عندما انصت لصوت السلاسل يرن على الارسل و هو يسير مقيدا .
عادة كيف هو اللقاء بينكما و طبيعة الحوار الدائر بين الاب و الابنة ؟ في كل مرة قمت بزيارة والدي كنت افاجأ بما كان يتمتع به من معنويات لا تقهر ابدا . ففي كل مرة ظننت انني ساكون من يخفف من حدة اللقاء و لكن كان ابي دائما يذهلني باصراره على استلام الراية مني ، فهو دائما كان يعمل على الرفع من معنوياتي و بث روح الرضا و الطمأنينة في نفسي . و دائما و في نهاية كل لقاء بيننا اغادر و لدي الايمان ذاته بان مهما طال السجن فهو لن يدوم ابدا ، و كان والدي فتح قلبي و وضع من الصبر ما يكفي لبث الامل و الهدوء و الطمأنينة بقلبي لاحتمال هذا الابتلاء و الصبر عليه ، و ربما هذا ليس بالغريب على رجل وطني مثل والدي ، فالجدير بالذكر حب والدي العظيم لوطنه فلسطين ، فهو من قام ببناء ميناء غزة حتى ان الرئيس الراحل ياسر عرفات اطلق عليه بور فؤاد . لذلك اتفهم هذا الايمان و الثقة ، التي تفوح من حديث الوالد ، رغم التعذيب و التعنيف و الاعتداء و التهديد نجده دائما صامدا كالجبال . فانا لا زلت اتذكر عندما تم اعتقال والدي للمرة الاولى فقد قامت الصحف الاسرائيلية بنشر خبر رئيسي و هو القبض على العمود الفقري لياسر عرفات . كما لم يرى شيخ الاسرى فؤاد الشبكي احفاده فهو ايضا لم ينعم باللقاء الاخير بينه و بين زوجته و والدتك قبل رحيلها ؟
اكثر ما يؤلمني عقب هذه الاعوام الطويلة من غياب والدي عنا هو انني لم اتمكن من تحقيق امنية امي حيث رؤية والدي لاخر مرة في حياتها . كانت امي ممنوعة لاعوام من زيارته و لكنها بعمرها ما يأست ، فقد عاشت على امل لقاء زوجها و ابو ابناءها ، الذي ظلت لاعوام تحرص على حضور جميع محاكماته لالقاء التحية من بعيد ، فقد كان حلم بالنسبة لها ان تلتقي به عن قرب ليطمئن قلبها . فهم كقوى احتلال مع الاسف لن تستوعب عقولهم هذه المشاعر و المعاني الانسانية ، فهم لم يأذنوا لها ابدا بزيارته بالسجن برفقتنا .
و في نهاية حديثها و بالتزامن مع الاحتفاء بيوم الاسير الفلسطيني و في ضوء ما يمر به هؤلاء الاسرى من محنة و واقع مرير سواء من انتهاكات قوى الاحتلال لحقوقهم او خطورة انتشاروباء كورونا تقول رنا الشوبكي :"
عندما اعاود بالزمن الى الوراء اتذكر دائما كيف كان والدي دائم البعد ، في الوقت ذاته اتذكر كيف كنت اتمنى لو انه مكث بالقرب منا و بيننا . حتى عقب اعتقاله فقد بذلت و اشقاءي قصارى جهدنا لاستعادته ، و لكن مع الاسف دون جدوى . و بالفعل منذ عام 2006 و حتى هذه اللحظة لا زلنا نحاول من اجله . فهو على اعتاب عامه الواحد و ثمانين و وضعه الصحي حرج للغاية ، فهو مريض سرطان ، و الذي بدأ ينتشر بجميع اجزاء جسده ، هذا بالاضافة الى العديد من الامراض المزمنة . لذلك سيظل الحلم الاكبر بالنسبة لنا و الذي نسعى لتحقيقه هو الافراج عن والدي ، و استعادته من جديد لتعويض ما فاتنا جميعا سواء ابناءه او احفاده ، الذي يشتاقون لرؤية سيدهم ."



