مأساة السودان.. كيف نجت مصر من الفيضان؟ "تحليل إخباري"
"تحليل إخباري" كتبه: أيمن عبدالمجيد
المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع والمصارف أسهم في حماية مصر من الفيضان
كفاءة الدولة في إدارة الأزمات بإجراءات استباقية حوّلت المحن إلى منح
السد العالي عمّره الأجداد وحماه الأحفاد.. والمشروعات القومية حقبة جديدة للتعمير
ظهرت الدولة المصرية، قوية في أحداث عدة، تعكس عقلية دولة 30 يونيو، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إدارة الأزمات، باستراتيجية استباقية.

كان ذلك واضحًا في التعامل المبكر، مع أزمة سيول مارس الماضي، الناجمة عن أمطار غير مسبوقة، حيث شهد التعامل مع الأزمة، وجود إدارة علمية للأزمات، بدأ بالتنبؤ الدقيق بكميات الأمطار المتوقعة، واتخاذ كل الإجراءات الاحترازية اللازمة من تطهير لمخرات السيول، ومصافي الأمطار، وصيانة لأعمدة الكهرباء، وتحذير للمواطنين ومنحهم إجازة رسمية، من المدارس والعمل.
أسفرت الإجراءات الاحترازية عن تخطي الدولة للأزمة، الناجمة عن تغيرات مناخية غير مسبوقة، ونجحت الدولة في عبورها بسلام.
تُعاني دولة السودان الشقيقة، تبعات فيضانات أغرقت مدنًا بأكملها، مخلفة 114 قتيلًا، وانهيار 33 ألف منزل بشكل كلي، وأكثر من 50 ألف منزل بشكل جزئي، بحسب بيان وزارة الداخلية السودانية، اليوم الثلاثاء.

وفي الوقت الذي تدعم فيه مصر الأشقاء في السودان بجسر جوي مفتوح، تنفيذًا لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، لما بين مصر وأشقاء وادي النيل من تاريخ ومصير مشترك، فإن الإدارات المصرية، نجحت في اتخاذ إجراءات احترازية وقائية، بلغت قمة نجاحها في تلاشي شعور المصريين، بأي آثار لما شهدته بمعرض المناطق المصرية من ارتفاع في مناسيب المياه.
فمنذ بداية أغسطس عقدت اللجنة المصرية الدائمة لإيراد نهر النيل، اجتماعاتها الدورية، برئاسة الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الري والموارد المائية، لمتابعة احتياجات مصر المائية وموقف الفيضان هذا العام.
وأسفر الاجتماع، المنعقد في العاشر من أغسطس، عن التنبؤ بتزايد معدلات الأمطار هذا العام في منابع النيل، وهو ما توقعت اللجنة معه ارتفاع مناسيب الفيضان عن العام الماضي، ومن ثم اتخذت الدولة المصرية الحيطة والحذر، بشأن ما يلزم في بحيرة ناصر، لاستيعاب المناسيب وإدارتها، والحيلولة دون تحوّلها إلى قوة تدميرية.

وتوّقعت الجهات المصرية المعنية، بإدارة موارد المياه والأزمات، ارتفاع مستوى المياه، بنسبة 40 مم. ومن ثم استبقت الأحداث بتطهير المجاري المائية وتقوية الخزانات، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستيعاب بحيرة ناصر للارتفاعات وخطط بديلة للتعامل مع كل المتغيرات المحتملة.
ولعل المشروع القومي لتطهير الترع وتبطينها وإعادة تأهيلها، حفظ العديد من قرى محافظات الدلتا والصعيد المطلة على طرح النهر من غرق أجزاء منها جراء ارتفاع مناسيب مياه الفيضان، وهو ما جعل التغيرات المتوقعة تمر بالخير، دون أضرار تلحق بالمواطنين.
وأكدت اللجنة استعداد السد العالي، وجاهزيته لاستقبال فيضان النيل، ويعد هذا السد من أعظم المشروعات القومية المصرية، التي نجحت الإرادة السياسية في دولة ٢٣ يوليو، برئاسة الرئيس عبدالناصر بدعم شعبي من تنفيذه.

ودائمًا ما يضرب الشعب المصري المثل بإرادة وتضحياته، في سبيل إنجاز مشروعات قومية، تخدم متطلبات الحاضر، ونهضة المستقبل، فما زرعه الأجداد يجني ثماره الأحفاد، اليوم حماية من الفيضان، واستثمار لموارده في توليد الطاقة والزراعة والحياة.
وكذا يبني جيل اليوم، مع توافر الإرادة السياسية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشروعات قومية عملاقة تنهض بالبنية التحتية، وتزيد من الرقعة الزراعية، وتتسع بخريطة العمران على مساحات أوسع من الأراضي المصرية، يجني ثمارها جيل اليوم، وأبناؤه، وأحفاده، ليتواصل شعب مصر البناء جيلًا بعد جيل.
ويعود النجاح في التعاطي مع المتغيرات في مناسيب الفيضان السنوي، والتغيرات المناخية، إلى التعامل الاحترافي والمشروعات القومية، التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، وفي القلب منها مشروع إعادة تأهيل الترع والمصارف وتبطين آلاف الكيلو مترات منها في المرحلة الأولى.
فقد أدت عمليات إعادة التأهيل إلى رفع المخلفات، التي تعوق تدفق المياه، ووصول المياه إلى نهايات الترع، بما حال دون غرق بعض المساحات الزراعية من جانب، ووصول المياه للأراضي التي تحتاجها لاستثمارها في الري، فضلًا عن حماية القرى التي تمر الترع بوسطها من أضرار ارتفاع مناسيب المياه.

فيما اتخذت الإدارات المحلية بالمحافظات إجراءاتها الاحترازية، بتطهير مخرات السيول ورفع كفاءتها، لتخزين المياه للاستفادة منها، وكذلك رفعت درجة الجاهزية عبر مخيمات إيواء، تحسبًا لأي طارئ، وهو ما يكشف تناميًا في كفاءة الدولة في التعاطي المبكر مع الأزمات المحتملة، لتحويل كل محنة متوقعة إلى منحة.
وتتخذ كل الإجراءات الاحترازية بتعليمات رئاسية وحكومية، بجميع الإدارات المحلية للدولة بشكل شامل ومتوازٍ، مع تنسيق مع هيئة الأرصاد والوزارات المعنية، ما يستدعي قرارات وقتية لغلق بعض الطرق في المحافظات عند الحاجة، أو منح المواطنين إجازات رسمية، كما حدث في مارس الماضي.
تبقى المحصلة النهائية، أن مصر 30 يونيو دولة العلم والإنجاز والتحركات الاستباقية، التي تحوّل المحن المتوقعة إلى منح إلهية، تخدم الوطن ومواطنيه.



