سحر الجبوري: نثمن الدور المحوري لـ"أبوالغيط" في دعم "الأونروا"
"أحلم بوطن عربي تنعم شعوبه بالسلام، الذي استعصى علينا لأعوام".. بهذه العبارة استهلت حديثها معنا "سحر الجبوري" – مدير مكتب ممثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في القاهرة، هذه المؤسسة التي تعد عنصر الاستقرار الرئيسي بالمنطقة العربية، " شريان الحياة" لكل لاجئ فلسطيني، منتهى حلمه هو الشعور بالأمان في حصوله على أهم وأبسط احتياجاته المعيشية الأساسية من مأكل ومأوى ودواء.
وفي ضوء ما تشهده المنطقة العربية من مستجدات سياسية وصحية واقتصادية، من أبرزها جائحة "كوفيد - 19"، التي بدورها لم تستثن تداعياتها الأوضاع الاقتصادية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، كان لنا هذا الحوار مع مدير مكتب ممثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في القاهرة "سحر الجبوري".. وإلى نص الحوار.
بداية ماذا عن مستجدات الوضع الراهن للاجئين الفلسطينيين في ظل ارتفاع أعداد الإصابة بفيروس كوفيد 19، وسبل المواجهة التي تعتمدها الوكالة للحد من تداعيات هذه الجائحة صحيًا واقتصاديًا؟
دعوني ألخص كل هذا بجملة واحدة، وهي أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتكاد تكون أيضًا الأوضاع الصحية بالكامل أوضاع غير سوية، فالوضع برمته صعب يكتوي بناره اللاجئون بغزة منذ سنوات طويلة، كما أن الحروب المتتالية على غزة خلقت حالة من الفقر والفقر المدقع في صفوف اللاجئين، وعلى الرغم من خدمات الوكالة المتواصلة، إلا أن الأوضاع لاتزال صعبة، وهذا أيضًا ينطبق على أوضاع اللاجئين في الضفة الغربية، والأوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين بلبنان صعبة، خصوصًا في ظل غياب حقوقهم الإنسانية بحدها الأدنى، وجاءت الجائحة ومن ثم الانفجار الأخير بمرفأ بيروت؛ لتقضي على ما تبقى من آمال، هذا أيضًا بالإضافة إلى الحرب على سوريا منذ عام 2012 والتي ضربت مفاصل الاقتصاد، ومن ثم جاءت جائحة "كوفيد ــ 19"، لتضيف إلى هذه الهموم همًا أكبر، في ضوء كل هذا لاتزال الوكالة باعتبارها أكبر مؤسسة أممية خدمية تواصل تقديم خدماتها التعليمية والإغاثية والصحية، وغيرها من الخدمات مباشرة من أجل ملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في مناطق العمليات الخمس، كل هذا أدى إلى امتلاكها القدرة على التعامل مع جائحة كوفيد 19 بشكل فعال، فقد استطعنا بالتنسيق مع الدول المضيفة أن نحد من انتشار هذا الفيروس، وأن نصد تداعياته، كي لا تصل إلى المخيمات الفلسطينية، وبالفعل نجحنا في ذلك حتى شهر يوليو.
وماذا بعد شهر يوليو وأبرز المستجدات في ضوء انتشار الفيروس عربيًا وعالميًا؟
مما لا شك فيه أن تردي الوضع، وانتشار الجائحة بشكل كبير انعكس خلال الأشهر القليلة الماضية على وضع المخيمات، وأصبح لدينا حالات تستدعي الشعور بالقلق، خصوصًا في الضفة الغربية، فقد أصبحت الأعداد بالمئات في العديد من هذه المخيمات، وأيضًا في مخيماتنا بالأردن ولبنان وسوريا، وإن كان على مستوى أقل، أما في غزة فبعد أن كانت معافاة من هذه الجائحة، بدأت الأعداد تزداد، في الوقت ذاته لايزال العمل قائمًا من قبل الوكالة، من خلال برامج التوعية والوقاية، والفرز في كل منطقة من مناطق العمليات الخمس، وتوفير مراكز العزل، بالتنسيق مع وزارات الاختصاص بالدول المضيفة، وتحديدًا وزارة الصحة.
ماذا عن تداعيات انتشار الفيروس اقتصاديًا بين صفوف اللاجئين ودور الوكالة في التصدي لهذه التداعيات؟
السواد الأعظم من اللاجئين الفلسطينيين يعتمدون على نظام العمل اليومي أو "نظام المياومة"، وعندما أغلقت العديد من المناطق والمدن والقرى وحتى الدول ضرب في مقتل قدرتهم على توفير القوت اليومي لعائلاتهم، في ضوء هذا حاولت الوكالة جاهدة التخفيف من حدة الآثار الاقتصادية للاجئين، وأطلقت نداء استغاثة أول وثانٍ وثالث، وكان النداء الأخير بقيمة 94 مليونًا و600 ألف دولار، سيذهب لتوفير المساعدات الغذائية والنقدية لكل من فقدوا مصادر الرزق، وأيضًا مواصلة تحسين الخدمات الصحية، وللاستمرار في أعمالنا ونداء الاستغاثة الأخير يغطي احتياجاتنا من شهر سبتمبر حتى نهاية عام 2020، فعدم الحصول على كامل هذا المبلغ، سيؤثر على قدرتنا في التعامل مع الجائحة.
في ضوء الدور الريادي الذي تقوم به وكالة "الأونروا"، لايزال التحدي الأكبر الذي تسعى جاهدة لإيجاد الحل الأمثل للقضاء عليه، هو الجانب المالي أو الوضع الاقتصادي للوكالة، نتيجة أزمات مالية متراكمة.. تعقيبك؟
صدقت.. فالوكالة تُعاني منذ أعوام، وإن لم أقل عقودًا، من أزمات مالية متأصلة، ونحن من جهتنا أطلقنا ميزانيتنا لعام 2020 وطالبنا المجتمع الدولي بتوفير مليار و200 مليون دولار، لتوفير خدماتنا الأساسية والطارئة، ولكن حتى هذه اللحظة لم نحصل على جزء كبير من هذا المبلغ، وهناك أزمة مالية في الميزانية البرامجية، وهي الميزانية الأساس التي تمكنا من تقديم الخدمات الأساسية المعروفة لأكثر من 5.6 مليون لاجئ فلسطيني في مجال التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والإغاثية وغيرها، هذه الميزانية تعاني من عجز تراكمي صعب، فمازلنا بحاجة إلى ما يقارب من 200 مليون دولار حتى نهاية العام، وهذا مبلغ كبير، ونحن ننظر بقلق لهذا العجز، لأن عدم توفيره سينعكس سلبًا على قدرتنا واستمرارية العمل.
ورغم هذا ينبغي الإشارة إلى الدعم السياسي القوي، الذي تشهده وكالة "الأونروا"، عربيًا ودوليًا، الذي نأمل أن يضاهي الدعم المالي قوته في القريب العاجل، من أجل استقرار الوكالة الذي يمثل استقرارًا للمنطقة بأكملها.. تعليقك؟
مما لا شك فيه أن الوكالة تحظى بدعم سياسي قوي ومهم، ولعل هذا ما بدا جليًا من خلال تجديد ولايتها نهاية العام الماضي، وبالفعل فهذا الدعم السياسي ترجم جزئيًا إلى دعم مالي، ولكننا بالفعل- كما ذكرت- لانزال بحاجة إلى دعم مالي قوي، يضاهي الدعم السياسي من أجل استقرار أمورنا المالية، وحتى نستطيع التخطيط الجيد، وبعث رسالة أمل إلى كل لاجئ فلسطيني.
أخيرًا.. تقييمك لدور جامعة الدول العربية والعمل العربي المشترك إزاء قضية اللاجئين الفلسطينيين؟
دور قوي.. وجدير بالذكر، الدور الفعال الذي يقوم به الأردن والدول المضيفة الأخرى في الدفاع عن "الأونروا"، أيضًا مصر، فالمعروف للجميع دورها الفعال والكبير في دعم الوكالة، وأيضًا الدول العربية الخليجية، ودعمها الكبير للوكالة، الذي تميزت به على مدار عقود، وتحديدًا ميزانية المشاريع مؤخرًا، وتحديدًا في عام 2018، كل هذا يعتبر مؤشرًا مهمًا على ترسيخ الدور العربي لدعم "الأونروا"، أيضًا لا بد أن أشير إلى الموقف الداعم لجامعة الدول العربية في حث الدول العربية وغير العربية على الارتقاء بدعمها للوكالة، ولا يخفى الدور البارز الذي يقوم به الأمين العام لجامعة الدول العربية "أحمد أبو الغيط"، في الحث على دعم الوكالة، ونحن نأمل أن ما حصلنا عليه في عام 2018 من دعم الدول العربية، أن يستمر في عام 2020، والأهم البدء في نقاش جاد مع الدول العربية في إيجاد آليات دعم متعدد السنوات، الذي نستلمه من دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى.



