الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تفاصيل صراع الانتهازي الفرنسي والنصاب التركي الملتحفة بالدين

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرو

لم يترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انتهازية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الدفاع عن الرسوم المسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم- من أجل كسب تأييد المتعصبين دينيا في فرنسا، حتى واستغلها أردوغان ممتطيًا جواد المدافع عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- إذ يتعامل أردوغان بأنهم أصحاب عقول فئران تنسى جريمته التي ارتكبها في بدايات حكمه، عندما ألغى حد القصاص "الإعدام" من "أجل" حصول تركيا على عضوية الاتحاد الأوروبي، ولكن وجد هذا الباب موصدًا أمامه، وصرح السياسيون الأوروبيون بأن الاتحاد الأوروبي نادٍ مسيحي غير مسموح بانضمام دولة مسلمة في عضويته فاستدار أردوغان إلى العالم الإسلامي مستغلًا الدين مطية يحقق من ورائها نفوذًا في العالم الإسلامي، ولم يجد أفضل من الجماعات المتأسلمة المختلة عقليًا والمهتزة نفسيًا من أجل السعي إلى تحقيق مآربه.

 

صراع الانتهازي والنصاب

فجاءت حادثة مقتل مدرس التاريخ الفرنسي صموئيل باتي، وردود غير سيئة ومقيتة من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما اعتبر أن الإساءة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تدخل ضمن حرية الرأي والتعبير بينما لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة ويشكك في الهولوكوست.

 

دعت الحكومة الفرنسية إلى شن حملة على "الجماعات المتطرفة المحسوبة على الإسلام" بعد قطع رأس مدرس تاريخ لإظهاره كاريكاتير تشارلي إيبدو للنبي محمد، والآن قطع رأس امرأة وآخرين في نيس.

 

وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحاربة "الجماعات المتأسلمة" وفي نفس الوقت دافع عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، ما أثار غضب عامة المسلمين وظهرت دعوات واسعة لمقاطعة للمنتجات الفرنسية في جميع دول العالم الإسلامي.

 

وأعلن الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشريف مقاضاة المجلة الفرنسية التي نشرت هذه الرسوم، ولا تزال تداعيات فعلتها الشنعاء تتفاعل، حتى اليوم.

 

ولكن نصاب تركيا لم يترك الفرصة وأراد أن يظهر بمظهر المدافع عن الإسلام والمسلمين، وفي محاولة لكشف النوايا الخبيثة لأردوغان وأنه يقول ما لا يفعل دعاه كمال كيلتشدار أوغلو زعيم المعارضة التركية بأن يحرق حقيبة زوجته أمينة المشتراة من فرنسا بمبلغ 50 ألف يورو، والتخلي عن طائرات إيرباص الفرنسية في تركيا وغلق مصنع رينو الفرنسي في تركيا والتخلي عن البرفانات الفرنسية من قصر أردوغان.

 

ودخلت على الخط في التوترات بين تركيا وفرنسا، مجلة "تشارلي إيبدو" الأسبوعية ونشرت كاريكاتيرًا يظهر أردوغان وهو يرتدي تنورة لامرأة ترتدي الحجاب لتكشف عن مؤخرتها. من المرجح أن يكون الهدف من الرسوم الكاريكاتورية استفزاز عمل أردوغان، حيث اتهم ماكرون بأنه ضد المسلمين وبذر بذور الكراهية. وقال: "ستتخذ تركيا الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة ضد المنشور" البغيض "الذي نشرته صحيفة تشارلي إيبدو".

 

وفي غضون ذلك، استدعت باريس سفيرها في أنقرة وطلبت من مواطنيها في الدول الإسلامية تجنب التجمعات العامة. لكن الصدام بين فرنسا وتركيا لا يقتصر على الرسوم الكاريكاتورية والإسلاموفوبيا، حيث إن التوترات بين البلدين في غليان في النقاط الساخنة الرئيسية مثل ليبيا حيث تدعم الدولتان فصائل مختلفة في الحرب الأهلية.

 

كما ظهر الصراع في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث لا توجد حدود لفرنسا، لكن دعمها لليونان لاستكشاف الطاقة أدى إلى تهديد تركيا بحرب في المنطقة.

 

وأثارت التوترات المتصاعدة في البحر الأبيض المتوسط في الشهرين الماضيين الخوف من حرب محتملة.

 

وفي أغسطس، بعد يوم من قرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي معاقبة تركيا في حالة عدم قيام أنقرة بسحب قواتها البحرية من شرق البحر المتوسط، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، "إذا وسعت اليونان حدودها البحرية في بحر إيجة، فإن تكون سببا للحرب".

 

ووسط هذه الأعمال العدائية، قدمت فرنسا الدعم لأثينا وضمنت تسليم طائرات رافال المقاتلة بحلول عام 2022 بموجب برنامج شراء الأسلحة القوي لليونان.

 

وبعد دعوات لفرض عقوبات على أنقرة، قال ماكرون إنه لن يقع في فخ القوى المتصارعة في المنطقة..

 

ونقلت صحيفة "بوليتيكو" عنه قوله: "إن صعوبة من يدافع عن طريق التعددية هي عدم الوقوع في فخ تصعيد القوى؛ إنه الفخ الذي لا أريد الوقوع فيه ولن أسقط فيه، بما في ذلك في شرق البحر الأبيض المتوسط".

 

وقال خبير السياسة الخارجية التركية سنان أولجن لشبكة "إن بي سي" نيوز إن الصراع بين أردوغان وماكرون لا يزال صراعًا بين الشخصيات والطموحات بقدر ما هو صراع حضارات. كلا العضوين في الناتو بعيد عن حل النزاع، وقد أصبحت خلافاتهما أكثر تعقيدًا مع التطورات الأخيرة.

 

بينما تحاول أنقرة أن تصبح قوة إقليمية رئيسية، تحاول باريس أن تصبح لاعبًا مؤثرًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، "تنتهز الفرص لسد الفجوات الجيوسياسية على المسرح العالمي".

 

ويقول أولجن: "نظرًا لأننا نشهد بالفعل تصعيدًا وأن هذا لا يمكن أن يكون له نتيجة إيجابية حقيقية من منظور العلاقات الدولية، فكلاهما تحركهما بالأحرى الحسابات المتعلقة بمخاوفهما السياسية الداخلية".

 

من المقرر أن يواجه كل من ماكرون وأردوغان إعادة انتخابه في عامي 2022 و2023، متخذين من المتطرفين من الجماعات المتأسلمة مطية يحقق منها خلال الطرفين طموحاتهما ماكرون بمعاداتها لكسف المتطرفين من الجانب الآخر بينما يحتضن أردوغان تلك الجماعات من تحقيق طموحاته وكسف الانتخابات الرئاسية عام 2023؟ وبينما تستعد فرنسا لمحاربة "المتطرفين المحسوبين على المسلمين"، شهدت أمس الخميس هجومًا إرهابيًا آخر قتل فيه ثلاثة أشخاص في مدينة نيس الفرنسية. قُطعت رأس امرأة مسنة وأصيب رجل عدة مرات في حلقه في قلب كاتدرائية نوتردام.

 

وكان رئيس بلدية نيس، كريستيان استروزي، قد صرخ مرارًا وتكرارًا عبارة "الله أكبر"، أو الله أكبر، حتى بعد أن اعتقلته الشرطة بعد إطلاق النار عليه. وقال استروزي في سلسلة تغريدات: "حان الوقت الآن لكي تبرئ فرنسا نفسها من قوانين السلام من أجل القضاء نهائيًا على الفاشية الإسلامية من أراضينا".

 

وفي غضون ذلك، تتدفق التعازي والإدانات من المجتمع الدولي. ألمانيا وهولندا والفاتيكان وحتى تركيا كانت بعض الدول التي أدانت بسرعة هجوم نيس وأعربت عن تضامنها مع الشعب الفرنسي.

 

قال رئيس الوزراء الفرنسي إن بلاده ستقدم خطة مكافحة الإرهاب "نظام تنبيه الأمن القومي الفرنسي" غرد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، "أعمق تعازينا لأسر الضحايا وشعب فرنسا. الهند تقف إلى جانب فرنسا في الحرب ضد الإرهاب".

 

وفي سياق متصل، أفاد التليفزيون السعودي، بأنه تم اعتقال رجل سعودي في مدينة جدة بعد مهاجمة وإصابة حارس في القنصلية الفرنسية هناك.

 

تم نسخ الرابط