باع النفط لداعش وتاجر مع إسرائيل.. أسرار إمبراطورية بلال أردوغان الاقتصادية
عاد اسم بلال أردوغان- نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- للواجهة مرة أخرى داخل تركيا خلال الـ 24 ساعة الماضية، مع صدور تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، ذكر خلاله أن 90 % من وسائل الإعلام في تركيا تخضع لنجل أردوغان، وصهره بيرات ألبيراق، ورجال أعمال مقربين من نظام الحكم.
كما اهتز الرأي العام التركي، بعد تقرير نشرته صحيفة "جمهورييت" التركية، أمس الأحد، أكدت فيه فوز رجل الأعمال التركي فاتح باشتشي، المقرب من نجل الرئيس التركي، بلال أردوغان، والذي يوصف بأنه الواجهة الاقتصادية لإمبراطورية بلال، بالعديد من المناقصات الحكومية، بما في ذلك مناقصة كاميرات القصور الحكومية التركية، ما استدعى الصحف التركية المعارضة لفتح ملف فساد الابن المدلل.
بدأت إمبراطورية نجل الرئيس التركي ، في الصعود عام 2012، وذلك عبر وقف مؤسسة "تورجاف"، الذي يزعم تقديمه أعمالا خيرية، وتعليم الشباب في إسطنبول وتطوير قدراتهم.
يدير بلال هذه الجمعية منذ 2012، ويضم مجلس الإدارة كلا من سمية إردوغان وسرهات البيراق، الأخ الأكبر لصهره بيرات البيراق، وزير المالية، وحماته ريحان أوزنير، وصهره الآخر ضياء إيلجين، وشقيقة زوجته شعلة آلبيراق، حسب صحيفة " سوزجو".كما تشغل إسراء أخت بلال وزوجة بيرات البيرق، منصب عضو مجلس إدارة في مؤسسة تورجاف.
تمدد الوقف سريعا منذ هذا التاريخ، وأصبح يمتلك21 مسكنا طلابيا، و3 دور ضيافة، و160 مليون ليرة في حسابه البنكي، ليبدأ مشروعاته الاستثمارية في الجامعات ورياض الأطفال، لتخريج جيل من الأتراك، يدين بالولاء لأروغان، وأفكار حزب العدالة والتنمية.
حول بلال البالغ من العمر 39 عاما، وقف "تورجاف" إلى غطاء لإخفاء صفقاته غير المشروعة، وإدارة عملياته في غسيل الأموال، وحصل على مساحات كبيرة من أراضي الدولة، لصالح رجال أعمال أتراك، مقابل عطايا ومكافآت سخية، وفق ما ذكرته صحيفة زمان التركية.
وكشفت التحقيقات في قضايا فساد تتعلق بجمعية تورجاف، عن استيلاء بلال أروغان على أموال عامة دون وجه حق، بمساعدة العديد من رجال النظام الحاكم، على رأسهم الأمين العام لإدارة الأوقاف، الذي خصص له أراضي منتقاة وأبنية أثرية لمدة 49 عاما دون مقابل، فيما خصص أحد أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي يتولى رئاسة إحدى بلديات مقاطعة فاتح، مسكن الطلاب المقام بأموال الدولة بشكل كامل، لمدة 25 عاما دون مقابل، وخصصت المديرية العامة للأملاك القومية 9 أفدنة و800 متر مربع إلى الوقف لمدة 30 عاما.
وأكدت الصحف التركية المعارضة أن مؤسسة تورجاف، التي من نشاطاتها بناء أقسام داخلية للطلاب، حققت أرباحا غير مشروعة من صفقات عقارية مشبوهة، بتواطؤ سلطات محلية ورجال أعمال، وكشفت دخول نجل الرئيس في شراكة مع إحدى الشركات المهتمة بتملك أراضي الدولة، تزيد قيمتها على مليار دولار .
فاحت رائحة فساد مؤسسة نجل الرئيس في 2013، عندما قرر نائب في البرلمان التركي توجيه استجواب مباشر لأروغان، والذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء وقتها، حول دوره في فساد شركات ابنه، وقدم النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض أوموت أوران، استجواباً مكتوباً في البرلمان عن توسط أروغان وابنه الأكبر في نقل أراض مملوكة للدولة لصالح المؤسسة التركية لخدمة الشباب والتربية "تورجاف" مجانا أو بأسعار منخفضة كثيرا عن سعرها الحقيقى، مشيراً إلى أن بلال هو عضو المجلس التنفيذى لهذه المؤسسة غير الرسمية. وفق ما ذكرته صحيفة توداى زمان.
ورغم الاتهامات والاستجوابات التي وجهت لبلال وأبيه في 2013، لم تتوقف حكومة العدالة والتنمية عن مجاملة الابن وجمعيته، حيث كشفت صحيفة "صول خبر" النقاب عن تخصيص الحكومة مساحات شاسعة من الأراضي، وعدد من العقارات، للمؤسسة الخيرية المزعومة، بحجة دعم نشاطاتها.

وفي عام 2017 خصصت حكومة العدالة والتنمية أراضي بقيمة 600 مليون ليرة لمدة 30 عاما قابلة للتجديد، لجمعية بلال أروغان، لبناء جامعة باسم "ابن خلدون".
وفي عام 2018 خصصت لها بلدية إسطنبول 41.1 مليون ليرة، بهدف استخدامها في الخدمات العامة.
في ولاية ديار بكر، كشف العضو بحزب الشعوب الديمقراطي، نجاتي برينتشي أوغلو، أن الأمناء ببلدية كايبينار، خصصوا عقارات تقدر بمئات الملايين، لمؤسسة بلال إردوغان، بحسب ما ذكرته صحيفة "صول خبر".
اسم نجم الدين بلال أردوغان، الابن الرابع للرئيس التركي، تردد كثيرا في العديد من قضايا الفساد، كان أشهرها على الإطلاق، في 2013، بحسب ما نشرته وكالة "جيهان" المعارضة، وذلك على خلفية تورط جمعيته تورجاف في غسل الأموال الإيرانية.
موقع "بيك نت" القريب من حزب توده الإيراني المعارض، نشر في 2014 معلومات حول عملية غسيل أموال ضخمة ، متورط بها رجال أعمال إيرانيين وأتراك، مؤكدة أن رضا ضراب، ورئيسه بابك زنجاني، وهو أحد رجال الأعمال الإيرانيين الذين فرضت عليهم القيود ضمن العقوبات الدولية على إيران، قاما بغسل أموال عبر رشوة مسؤولين أتراك، أبرزهم بلال إردوغان لصالح الحكومة الإيرانية، تبلغ 87 مليار يورو، أي ما يزيد على 100 مليار دولار، للالتفاف على العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على طهران.
وكشفت مكالمة فيديو نشرت في 17 ديسمبر 2013، إرسال رجل الأعمال الإيراني رضا ضراب، في يوليو من العام نفسه، مبلغا من المال لمؤسسة تركية، يديرها نجل أروغان، في إطار أعمال غسيل الأموال الإيرانية في تركيا، بعد حصوله على رشوة مقابل هذه الأعمال.
وظهرت تسجيلات صوتية في نفس العام، جمعت بين بلال أروغان ووالده، الأمر الذي أحدث زلزالا في الشارع التركي، حيث تضمنت حوارا بينهما يسأل فيه أروغان نجله: هل نجح في إخفاء مبلغ 30 مليون يورو ونقله إلى مكان آمن من عدمه؟.
وأوضحت سجلات رسمية لهيئة الاتصالات التركية الحكومية، وشركة متخصصة في القضايا الدولية ببريطانيا، صحة التسجيلات، وخرجت رئاسة الوزراء التركية في فبراير 2014 لتؤكد أن التسجيلات مفبركة، وبناء عليه تم إسدال الستار على القضية.
على صعيد آخر وصفت صحف تركية معارضة نجل أروغان بأنه "وزير نفط داعش" لدوره الكبير مع بيرات آلبيراق في تسهيل تهريب النفط الذي استولى عليه التنظيم المتطرف فى سورية، وتسويقه والتربح منه، حتى تضخمت قيمة أصول شركته البحرية، التي يمتلكها بالشراكة مع عمه مصطفى أروغان، وصهره ضياء إلجين، إلى 180مليون دولار، ونقل مقر الشركة إلى منطقة بيليربيي على مضيق البوسفور، ووصلت قيمة المقر الجديد لـ 150 مليون دولار.
لم تقتصر علاقات بلال مع داعش على الجانب الاقتصادي، بل امتدت للعب دور سياسي، خلال أزمة احتجاز التنظيم رهائن يابانيين، وتدخل بلال لحل الأزمة والإفراج عنهم.
فيما كشفت الصحف أن بلال عقد صفقات تجارية مع إسرائيل، في أعقاب حادث سفينة المساعدات التركية مرمرة، والتي سقط فيها عدد من القتلى الأتراك.
وكشفت وسائل الإعلام عن قيام سفينتين تابعتين لشركة "إم بي" المملوكة له، بنقل مواد تجارية بين موانئ تركيا وإسرائيل، خلال فترة القطيعة المزعومة، وأشارت إلى أن المعاملات بين البلدين بلغت خلال أزمة مرمرة 4 مليارات دولار، بارتفاع يصل إلى نسبة 30%.
لم يكتف بلال بدوره في الاقتصاد، وبدأ يفرض نفسه على الحياة السياسية، وظهر مع أبيه في اجتماعه برئيس البرلمان القرغيزي العام الماضي، رغم أنه لا يحمل صفة رسمية لحضور مثل هذه اللقاءات الدولية، وهو ما اعتبره محاولة من الابن لتجهيز ابنه للقفز على السلطة.



