دائما الأزمات تفجر المشاعر الحقيقية دون زيف أو رتوش، وهذا ليس بمستغرب؛ وهو ما يميز المصري وسائر العرب. وبالطبع أتحدث عن أزمة" كورونا " التي كشفت قوة العلاقات الأخوية بين مصر والكويت شعباً ودولةً، رغم أن ذلك معروف ولا أحد يستطيع المزايدة عليه ...ولكن تفجرت تلك المشاعر الطيبة مع إحياء احتفالات دولة الكويت الشقيقة بالعيد الوطني الـ 60 وعيد التحرير الـ 30؛ والذي تحتفل به في شهر فبراير من كل عام.
ففى سفارة الكويت بالقاهرة؛ كان الاحتفال لابد أن يتواكب مع متطلبات الجائحة وتحقيق التباعد ولم يتم اقامة الحفل السنوي المعتاد؛ وتم الاكتفاء ببعض المظاهر التي تؤكد هذا اليوم الوطني المجيد ...فكيف كان الاحتفال؟ الذي بهرنى وشد أنظار المتواجدين وغالبيتهم من أعضاء السفارة ...لقد اختار السفير الكويتي صالح الذويخ؛ رمز الحضارة المصرية. لإحياء ذكرى الاحتفالات بالأعياد الوطنية ...اختار " نهر النيل العظيم "... فقد كانت المفاجأة أن تم تسيير موكب كبير من القوارب الشراعية المصرية ومرفوع عليها العلم الكويتى لتخترق مياه النيل احتفالا وفرحا؛ بأعياد الكويت. مؤكدا السفير بقوله:"مصر هبة النيل والنيل هو الشريان الرئيسي في هذه المدينة العظيمة ".
كما تم إضاءة برج القاهرة بعلم دولة الكويت لتنعكس ألوانه المضيئة على سطح النيل؛ ليواصل النيل المشاركة في احتفالات الكويت قيادة وحكومة وشعبا بهذه المناسبة الوطنية العزيزة على الكويت ومصر أيضا.
وإذا كان ذلك الاحتفال من الناحية الرسمية من الكويت ...من الأمور المعتاد عليها سنويا مع اختلاف المظاهر هذا العام واختيار النيل العظيم ...إلا أن ما حدث في اليوم التالي. شدني أيضا بصورة كبيرة حيث يؤكد بالفعل قوة الحب المتبادل على مستوى الشعبين المصري والكويتي. والذي أكد أيضا أن " نهر النيل " هو كلمة السر في الاحتفالات الكويتية بالأعياد الوطنية.
فمن المعروف اعتياد المصربين في الكويت في مثل ذلك الوقت من كل عام مشاركة إخوانهم الكويتيين في الاحتفال بالأعياد الوطنية؛ والاحتفال علي شارع الخليج بالعيد الوطني وعيد التحرير...ولكن فوجئت بوجود أسرة مصرية مكونة من اللاب والزوجة وخمس أبناء فالأب المهندس عماد زهران من مواليد الكويت ١٩٧٠ وعاش طفولته وشبابه وعمله وتزوج فيها من زوجته اللبنانية هزار وما زال يعمل هناك وأولاده الثلاثة من مواليد الكويت أيضا ..وبالتالي الأسرة طوال حياتها مقيمة في الكويت ؛ وتحتفل سنويا مع الأخوة الكويتيين بالكويت ؛ ولكن مع قضاء الإجازة السنوية في مصر؛ ومع ظروف الجائحة وتوقف الطيران، لم يتمكنوا من العودة للكويت ...وحرصا منهم على الاحتفال بالعيد الوطني مثلما تعودوا...قامت الأسرة بالتجمع في مواكب من السيارات ليحتفلوا على كوبري السادس من أكتوبر أمام " نيلنا العظيم " أمام برج القاهرة من الجانب الآخر وبدأوا في الاحتفال ورفع الأعلام الكويتية .
لم تنته القصة عند ذلك، لأنه كان من الطبيعي حصول تلك الأسرة على تصريح أمنى؛ حتى يتمكنوا من الاحتفال والتصوير دون اعتراضهم من أحد والعمل على تسيير الأمور لهم. وبالفعل وبدون كلل أو ضيق؛ وإصرار على الاحتفال؛ توجه رب العائلة إلي قسم شرطة قصر النيل؛ وبطبيعة رجال الأمن المصريين الذين أكدوا قوة المشاعر؛ كان الضابط المسؤول متعاون ومتفهم؛ وتم إعطاء الأذن بالتصوير والاحتفال بعد أن قام بإبلاغ أمن الكوبري بالسماح لهم التعبير عن فرحتهم بهذه المناسبة العزيزة على قلوبهم وعلى قلب كل مصري.
بالله عليكم! هل يمكن أحد أن يخترق تلك المشاعر الجياشة والعلاقات الحقيقية بين البلدين وشعوبهما؛ من اشتراك مواطني مصر والكويت في نضالات مشتركة امتزجت فيها دماؤهم الذكية تضامناً مع بعضهما البعض، وأن هذه العلاقات تتمتع باهتمام الجانبين وستظل تحظى بحرصهما المتبادل على تنميتها إلى أفاق أرحب بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبيّن؛ رغما عن قوى الشر والنفاق.



