الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

إن رفاهية وازدهار البلدان والشعوب تعتمد على فن وعلم التفاوض وكاريزما المفاوض والصلاحيات الممنوحة له في المفاوضات مما كانت نوعها الاقتصادية/ العسكرية/ المالية/ السياسية وغيرها. أن الاستراتيجية والخطط التنموية السنوية للدول تعتمد كثير في إجراء المفاوضات مع الجانب الآخر سواء في مجال الاستثمار أو القروض السيادية أو السياسية. نتطرق اليوم إلى المفاوضات السياسية التي تعتبر باب الازدهار والأمان لكلا البلدين أم الخراب وضياع الأمن الاجتماعي.

 

هناك مدارس خاصة لصقل هذه الصفة لدى المفاوضين وخاصة الدبلوماسيين، وأنا شخصياَ أعتبر أهم سمات نجاح الدبلوماسي هو المفاوض المحنك والناجح والذي يضع مصلحة بلده وشعبه من أوليات مباحثاته ومن خلال النتائج التي سوف تم تحقيقها.

 

هناك مهارات يجب أن تكون لدى الدبلوماسي أو المفاوض في القضايا الاستراتيجية أو المحورية أو الدورية، ومن المستبعد إمكانية توافر تلك السمات عند الشخص (الدبلوماسي أو المفاوض) التقليدي أو البيروقراطي الذي لم يعد صالحًا لإدارة طاولة المفاوضات أو الأداء اليومي الدبلوماسي؛ لأنه فاقد سمات النجاح وعدم اغتنام الفرص المتاحة في ظل مواكبة التغيرات فنيًا/ وظيفيًا/ واجتماعيًا.

 

ومن أهم مهارات وسمات الشخص الناجح والمتميز في ساحة عمله: الاستعداد التام للتخفيف من حدة المفاجآت وعنصر المخاطرة بأقل الخسائر من خلال التخطيط المسبق والتحليل الجيد للمعلومة قبل الدخول واتخاذ أي خطوة بالعمل/ تحديث المعلومة والمهارات الشخصية والوظيفية واكتساب الخبرة لإدارة الموضوع بأعلى درجات الكياسة والاستيعاب له/ القدرة على الأخذ بزمام المبادرة/ حسن التخطيط والاهتمام بالتفاصيل ذات الصلة بتحقيق الأهداف/ حسن استقبال الأفكار الجديدة وإشراك فريق العمل والتفاعل معها/ الابتعاد عن الأنانية والتفرد بالقرار/ تبني منطق وفكرة الفريق الواحد والقدرة على الإقناع وكسب المساندة وتعضيد الآخرين وتحفيزهم وإعلان مظاهر النجاح دون مغالاة مع بقاء مركزية القرار بيد رئيس الفريق.

 

وعلى الدبلوماسي أو المفاوض الالتزام الكامل بما يلي: عدم الكلام قبل التفكير/ عدم قطع الوعود الزائفة/ الابتعاد عن الانفراد بالقرار والغرور والتكبر وعدم مشورة بقية الأعضاء/ عدم السماح لأعضاء الفريق بقيادة أنفسهم أو الانفراد بالرأي دون الرجوع إلى هرم الوفد/ عدم إهمال آراء ومقترحات الأعضاء أو استهجانها/ عدم التسرع باتخاذ القرار بسبب الحماس الطفولي الزائد.

 

على المفاوض أو الدبلوماسي التمعن والدراية الكاملة في لغة الجسد ابتداءً من حركة العينين والحواجب وحركة اليدين ونبرة الصوت والوقفات الكلامية.

 

إن الأسلوب الحواري الحضاري هو من أهم سمات وصفات النجاح والتميز عند الشخص (الدبلوماسي أو المفاوض)؛ لأنها تمتلئ بألوان متعددة من الأساليب ومقتضيات الموضوع للوصول إلى الأهداف والغايات المرجوّة، كما أن الجاهزية النفسية والعقلية والاستعداد لحسن العرض والاستماع وتقبل الطرف الآخر وعدم التقليل من شأنه، والتهيؤ للوصول للهدف المنشود باتباع الحوار الإيجابي البعيد عن الجدل المتعنت والتمسك بالصدق والأمانة والابتسامة وحسن الكلام ولباقة الكلمة والأسلوب الهادئ وحضور البديهة ودماثة الأخلاق والمبادرة إلى قبول الحقيقة، هذه هي أعلى وأهم صفات الشخص الناجح في عمله ابتداءً من البيت مع الأسرة ووصولًا إلى موقع العمل سواء في السلك الدبلوماسي أو بقية المناصب والوظائف على مختلف أنواعها وتصنيفاتها أو تمثيل البلد في مفاوضات رسمية.

 

ومن أمثلة المفاوض والتفاوض التي أثرت كثيرًا في مستقبل البلدان هم المفاوضون العراقيون في تسعينيات القرن الماضي إبان احتلالهم الجارة العزيزة دولة الكويت، كان على المفاوض العراقي أن يقرأ ما بين السطور في الاجتماعات مع الجهات الدولية وما يدور خلف الكواليس، ويجنب بلده الويلات التي حدثت، ويستجيب لنداء السلام والمحبة ولكل القرارات الصادرة من مجلس الأمن- وليس الوقوف ضدهم- وإعطاء كل ذي حق حقه وليس التعنت المركزي السلطوي الذي لا يهتم إلا بمصلحته الشخصية وسراب الشعارات الرنانة أكثر من خوفه على بلده وشعبه وجيرانه، ما أدخل العراق في حرب كارثية دمرت كل البنى التحتية للعراق الشقيق ومن ثم دوامة الحصار الاقتصادي الذي ضرب شرائح المجتمع والشعب العراقي الأصيل، قبل أن يؤثر على الطبقة الحاكمة، وتأثرت بذلك كل مفردات الرفاهية والتطور والازدهار وارتفع معدل الفقر والجريمة المنظمة بالإضافة إلى تراجع العراق في كافة المجالات الاقتصادية والصحية والعلمية بسبب تعنت النظام وعجرفة القيادة المركزية في العراق آنذاك، حيث فشل المفاوضون العراقيون الذين كانوا مقيدين في نقاط التفاوض للوصول لحل يرضي جميع الأطراف، لذلك أدخلوا البلد إلى نفق مظلم لا نهاية له كانت ضحيتها الأولى والأخيرة هو الشعب العراقي، لذلك فإن التفاوض والمفاوض يعتبر من ركائز الرفاهية والاستقرار للبلدان في اتخاذ القرار المناسب خدمةً للمصلحة العامة.

 

 

دبلوماسي سابق

تم نسخ الرابط