السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تهوى مجالات الرجال وتنسى كونها أنثى!!

فاطمة الورواري
فاطمة الورواري

 

"عامل بناء ومصور فوتوغرافي  وقاض "..امتهنتهم وبرعت في النتائج  ظل مفهوم "  الشجاعة والبسالة من شيم الرجال" لسنوات طويلة ماضية، إلي أن تأتي فاطمة السيد الورواري البالغة من العمر 61 عاما والمقيمة بعزبة الزهراء مركز ومدينة التل الكبير محافظة الإسماعيلية، محطمة لهذا المفهوم  الذي ظل محفورا في الأذهان طوال العصور الماضية،. نشأت فاطمة الورواري في أسرة متوسطة الحال مكونة من 12 فردا يرعاهم أبا يعمل كغفير نظامي بوزارة الداخلية، وكعامل بناء ليحسن من مستوي دخل أسرته، من هنا تولد شعور المسؤولية لدي طفلته الصغيرة التي لم تكمل العاشرة من عمرها في ذلك الوقت ، بأن تفكر في كيفية مساعدة والدها الذي  تلطمه ظروف الحياة والأحوال المادية التي لم تعد تقوي للإنفاق علي 12 فردا .

وتتولد من الإحساس "بالإحتياج " رغبة في تحمل المسؤولية،  تجاه مساعدة والدها فتخرج معه لتعمل في مجال "البناء" ، وتساعده وشقيقها الأكبر  في إستخراج  نوعا من أنواع الطينة المعينة ، التي تستخرج من "جورف"  والمتواجد في باطن الأرض  كـ" الجبل " ثم ينقل  ليدخل في عملية التخمير بالماء، ليكون بذلك صالحا للبناء.

 

وفي مرحلة الإعدادية بدأت الورواري تحلم بالتطوير والعمل كرئيس او " معلم" المهنة اي أن تكون علي دراية كاملة بكل تفاصيل البناء والتشييد وتقوم فقط بتوجيه عدد من العمال للعمل بايديهم ،وتنجح في تحقيق ذلك التطوير إلا أن ذلك لم يرضي طموحها الذي يكبر عن سنها عشرات المرات. فتهوي مجال "التصوير الفوتوغرافي"وتطلب من شقيقها شراء كاميرا فيتوغرافيا بمبلغ 7 جنيهات فقط ، فتأخذها وتذهب لتعليم فنون لتصوير في المعامل المختلفة في محافظة الشرقية، لتصبح في الصباح طالبة في الصف الاول الإعدادي وبعد الظهر عامل بناء وفي المساء مصور فوتوغرافي في الافراح والحفلات الليلية ، وتنجح في كل هذا، حتي وأن فازت بثقة جميع الأهالي في مركز ومدينة التل الكبير، بمجالات "التشييد والبناء، والتصوير الفوتوغرافي"، فمع بداية كل عام دراسي تحرص إدارة  مدارس التل علي ابرام تعاقد بينهم وفاطمة الورواري لتصوير الطلاب الصور الفوتوغرافية المخصصة بالتقديمات، فتتوجه  الي الاهالي ومعها "حقيبة" تحتوي علي ستارة وحامل الكاميرا وكاميرا التصوير الفوتوغرافي ، مع العلم برفضها لتقاضي أخر من الأفال الايتام او من كان والده مسجون ، كنوعا من أنواع المساعدة المجتمعية  فضلا عن مباركة الله للمكسب المادي.

 

ثم تأتي أهم مرحلة في مراحل التعليم وهي المرحلة "الثانوية العامة"، فلم  تظهر في هذه الأيام ظاهرة الدروس الخصوصية من الأساس، فقد كنا نتلقي الدروس من خلال إذاعة الراديو، وكنت حريصة علي تلقية دروسي المدرسية من خلال اذاعة الراديو ومع نهاية العام الدراسي أقوم بمراجعتها بنفس الطريقة ، فانجح وبتفوق في الصف الأول  والثاني الثانوي ، وقبل إمتحان نهاية العام للصف الثالث الثانوي كنت أنا وشقيقي الأكبر جمال في رحلة جديدة للبحث عن الطينة داخل باطن الأرض إذ يسقط  الـ "جورف" علي شقيقي  فيلقي حتفه في الحال، حينها لم أتذكر كلمة من المنهج الذي درسته خلال العام الدراسي ، لأرفض بذلك حضور الإمتحانات لهذا العام واقرر تأجيلها للعام الذي يليه، ولكني أمر بظروفا صحية تجعلني طريحة الفراش لعام كامل ،. وأثناء ذلك يراني والد بناتي دعاء والزهراء فنتزوج فقط خلال 6 أشهر، لأعزف عن فكرة إتمام دراستي وتحقيق حلمي في الالتحاق بكلية الإعلام أو الحقوق ،ويرزقني ربي  بأبنتي دعاء بعد العام الاول من زواجي، واثناء سيري بين أراضي مركز التل الكبير، أري مجموعة من أصدقاء الدراسة، فينقسموا لمجموعتين أحدهم عازفين عن مصافحتي او النظر الي ويقفا كلا من نجاة بدران وهناء فضة زميلات دراستي، يخبروني بأهمية أن أعود ثانية لإتمام دراستي والالتحاق باي من الكليات التي حلمت بها. فيستوقفني حديثهما الي وهذه الصورة من صور " التنمر " من آخرين لا يعلمون ما مررت به في حياتي من ظروف حالة دون إتمام دراستي. فاقرر استكمال دراستي سرا دون ان يعلم أحد بذلك، وبالفعل أنجح في إعادة الثانوية العامة  ولكن فقط بمجموع 54% فقط ثم التحقت بمعهد الفني التجاري بجامعة الزقازيق ، وبالتزامن مع ذلك  بدأت الخلافات بيني وبين زوجي في الظهور ، فاقرر الإنفصال .

ومع الإحتكاك المباشر بمحكمة الأسرة وحضور الجلسات والمرافعات، شعرت بان الله سبحانه وتعالي يذكرني بأمنيتي في الإلتحاق بكلية الحقوق وممارستها "عمليا " قبل نظريا، وبالفعل ارفض توكيل اي محامي في قضيتي واقف لحصولي علي جميع حقوقي الزوجية، ورفع العديد من الدعوي القضائية .  وعقب 10 سنوات من الإنفصال يطالبني القاضي بالعودة الي زوجي ثانية، بزعم أني قوية ومن الممكن ان اكون ظلمت هذا الزوج المكلوم ، إلا أنني أخبر القاضي بأن كل ما يتفوه به هذا الزوج ما هو الا مشهد من مسلسل إعتاد عليه فإحترف تأديته!! وان ما سيفعله هو أن يتركني ثانية .

وهو ما حدث بالفعل ولكن بعد أنزرع بداخلي نبتة جديدة  ابنتي "الزهراء"، ذهب وتركنا لا نعرف عنه شيئا، إلا أنني قررت والعودة من جديد لإعادة الثانوية العامة عام 1999 وحصولي علي مجموع 64 % وبالفعل التحق بكلية الحقوق جامعة الزقازيق ، ولكني  ومع إحتكاكي  المباشر بالمحامين ومجال المحاماه ، رفضت والعمل في هذا المجال والإكتفاء فقط بدوري كقاضي عرفي يسعي في إعطاء الحقوق لأصحابها وفض النزاعات بين الأهالي وهذه هي العدالة الحقيقية في الأرض، وعليه لقبت فاطمة الورواري بـ "عمدة التل الكبير" ،. وأخيرا  تؤكد علي أنه مهما طال العمر فأنت قادرا علي تحقيق حلمك ، ولا وجود للمستحيل ، اما عن مهنة البناء والتشييد فهي موهبتي التي فنيت حياتي بها ولم أتخل عنها طالما حييت .

تم نسخ الرابط