الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

ما أجمل فترات الطفولة من  صدق وبراءة وانطلاق بلا قيود، كالفراشات الهائمة فى الفضاء الفسيح، دون كلل أو تعب ولا يقف أمامها أى شيء وتشعر أنها تملك الدنيا براحة يديها؛ ولكن فجأة تجبر تلك الفراشات على السجن بلا قيد وتحرم من حريتها قبل الأوان فهنا يصبح السؤال من الجانى. 

 

ولماذا ؟ بطبيعة الحال عرفتم أتحدث عن مين؛ فلا أقصد طفلة معينة؛ ولكن فى الواقع أتحدث عن كل طفلة أقل من سن الزواج الذي أحلته الشريعة والقانون؛ وتتعرض لوأد براءتها بالزواج المبكر.

 

تلك القضية ليست وليدة اليوم؛ ولكنه تراث متراكم منذ سنوات طويلة؛ وما زال مستمرًا؛ لماذا ؟. لأنه ببساطة لم يتم علاج مسببات الوصول إلى تلك الحالة وإلقاء الطفولة فى مهب الريح. 

فبالله عليكم؛ كيف يتم حماية تلك البراءة فى ظل الفقر الشديد  فى الكثير من القرى النائية؛ مما يجعل الفتيات عبئًا اقتصاديا على الأسرة؟، وهنا ينظر الأب الفقير أن الزواج المبكر لابنته ذو فوائد متعددة؛ أولًا يتخلص من عبء مصاريفها؛ ثانيًا يضمن لها تأمين مستقبلها ماليا؛ ثالثًا وده بند مهم جدًا مقارنة بالآخرين، ألا وهو زواج البنت يعد مصدرًا لجلب المال والإنفاق عليه والأسرة بأكملها وانتشال تلك الأسرة من الفقر، وده شرط أساسي يفرضه الأب على العريس الكهل الغنى اللى سيزوجه ابنته؛ لأنه بطبيعة الحال لن يكون شابًا صغيرًا ولكن تاجر بيشترى بضاعة وبيدفع ثمنها؛ وبالتالى يتم تخفيف العبء عن الأسرة من خلال الزواج المبكر.

وأيضا؛ كيف يمكن الحماية من الزواج المبكر؛ فى ظل عادات وتقاليد بالية وغير متحضرة؟؛ لايوجد أمام أصحابها، سوى أن الطريقة الوحيدة لحماية شرف الأسرة هو التخلص من الفتاة فى سن صغير من خلال الزواج ؛ دون الاهتمام  انهم بذلك يعرضوها لمشاكل صحية ونفسية كثيرة. 

وكذلك كيف يمكن الحماية من انتشار تلك الظاهرة؛ مع الجهل وزيادة نسب الأمية ؟ 

على الرغم بأن مصر من أولى الدول التي سارعت بتنفيذ الميثاق الإفريقى وتحديد سن الزواج لـ 18 سنة؛ وانضمت منذ 30 سنة للميثاق؛ قناعة منها بريادتها وانتمائها للقارة الإفريقية وأيضا التأكيد أنها من أكثر الدول التزامًا بمنع زواج القاصرات وتحديد سن الزواج لهن.

وهنا سؤال يطرح ذاته؛ ماذا يمنع أو يقلل الزواج المبكر للفتيات فى ظل العوامل السابقة؛ فرغم التحرك البرلمانى السريع  بعد توجيهات الرئيس  السيسي، بإصدار مشروع قانون يمنع زواج الأطفال من خلال قانون مستقل ينص صراحة على السن القانوني للزواج و تجريم الزواج المبكر، ويتضمن تغليظ عقوبة زواج القاصرات؛ إلا أن فى الحقيقة ليست القضية هى توقيع العقوبة؛ ولكن هناك دورًا كبيرًا على منظمات المجتمع المدني بصورة أساسية لنشر التوعية لدى الأسر الأشد فقرًا فى القرى والنجوع وتغيير المفاهيم الخاطئة التي يتم اتخاذها بشأن الزواج المبكر للفتيات؛ وتعريفهم بخطورته وجريمته فى حق كل فتاة صغيرة لم تصل إلى السن المحدد وهو 18 عامًا؛ فمن الضرورى أن تكون جلسات التوعية بصورة ودية والتعرف على مشاكل الأسرة والمسببات وراء اتخاذ قرار برمى الطفلة وسط نار الزواج غير المتكافئ صحيًا ونفسيًا وجسديًا؛ وليست دورات شكلية بدون دراسة للحالات المتواجدة والتعرف على حقيقة مشاكلهم. 

 

وألستم معى؛ أن هناك الحاجة إلى محاسبة المأذون الذي يوافق على إتمام تلك الزيجة البريئة التي لا تملك فيها قرار الرفض أو القبول ويتم شطبه من قائمة المأذونين؛ حتى يكون عبرة لمن يخالف ضميره ؛ وليس فقط تشديد العقوبة بالسجن عليه، فهى جناية وجرم فى حق القاصر والمجتمع بأكمله، حيث يساهم فى تواجد أطفال لأمهات لسن مؤهلات لتربية نشء جديد !!! 

تم نسخ الرابط