وزير الأوقاف : دور المرأة عبر التاريخ لم يكن هامشيًا
قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، إن دور المرأة عبر التاريخ لم يكن أبدًا هامشيًا ومصر ذات تاريخ عريق في تكريم المرأة والنساء شقائق الرجال وشركاؤهن في بناء الأسرة وبناء الدولة وصنع الحضارة ، مؤكدا أن من منع وارثًا حقه منعه الله جنته يوم القيامة .
وأكد وزير الأوقاف في تصريح اليوم ، أن النساء شقائق الرجال , فالمرأة إلى جانب الرجل طبيبةً , ومعلمةً , وشريكة حياة , وأمًّا , وأختًا , وزوجًا , وبنتًا , وخالةً , وعمةً , وزميلةً , وصانعةً , وكاتبةً , ومثقفةً , ومثقِفة , وعندما تحدث القرآن الكريم عن طرفي المعادلة في الجنس البشري , وهما الرجل والمرأة , قال سبحانه : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" , ويقول سبحانه : " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " , ويقول سبحانه : " وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" , فالرجل والمرأة من نفس واحدة في أصل الخلقة , وكل منهما مكمل لصاحبه , والمرأة زوج للرجل , والرجل زوج للمرأة , والقرآن الكريم لم يستخدم لفظ زوجة على الإطلاق , وإنما استخدم لفظ الزوج للتكافؤ اللغوي , ليكون معادلًا لغويًّا للتكافؤ الموضوعي , ويقول سبحانه : " هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ" , ويقول سبحانه : " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" , ويقول سبحانه : " لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ".
وأضاف وزير الأوقاف: فلا الرجل يكتسب ميزةً بمجرد جنسه, ولا المرأة تكتسب ميزةً بمجرد جنسها,"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" , والعبرة بما يقدمه كل إنسان لخدمة دينه ووطنه ومجتمعه والإنسانية , والمرأة إما أن تكون زوجًا , وإما أن تكون أمًا , وإما أن تكون أختًا , أو بنتًا , أو زميلة , والإسلام وصى بكل هؤلاء , أما الأم : فمكانتها عظيمة معروفة , عندما سأل أحد الناس نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ" , ويقول سبحانه : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً" , ولا سيما الأم , قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأحد الناس : ألك أم؟ : قال: نعمْ، فقال: الزم قدمها فثمَّ الجنَّة" , وجاء أحد الناس فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا وأريد أن أحدث تَوْبَةٌ؟ فقَالَ له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ألَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ألَكَ مِنْ خَالَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَبِرَّهَا) فبر الأم, بر الخالة , بر البنات , بر الأخوات , يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : "ثلاث بنات أو ثلاث أخوات من أدبهن وعلمهن وأحسن إليهن كن سترا له من النار يوم القيامة" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " بنتان أو أختان من أدبهما وعلمهما وأحسن إليهما كن سترا له من النار يوم القيامة" , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ".
وتابع وزير الأوقاف قائلا : ولما كان أحد الناس يجلس إلى جانب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاء فأخذه وقبله ووضعه على فخذه , ثم جاءت ابنته فأخذها وقبلها وجعلها إلى جانبه , فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : "ما عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا" , فكما أجلست الولد على فخذك الأيمن , كان عليك أن تجلس أخته على فخذك الأيسر , فالإسلام أكرم المرأة أيما إكرام , ونؤكد : من الظلم الشديد : منع المرأة حقها من الميراث , أو بخسها إياه , أو الجور عليها فيه , أو ظلمها من أي وجه من أوجه الظلم, مع التأكيد على أن النص الشريف : "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ" , مرتبط بهذه الحالة من الميراث وهناك حالات أخرى متعددة تؤدى كما في كتاب الله , لكنه لا ينطبق لا على المطعم , ولا على الملبس , ولا على الكساء , ولا على المسكن , فلا يجوز لك أن تؤثر الولد على البنت لا في الطعام , ولا في الشراب , ولا في التعليم , ولا في سائر جوانب الحياة , أما الميراث فله حكم تحتاج إلى حلقة خاصة نقف فيه عند حدود الله (عز وجل) وهو الخبير بعباده وبتوزيع الأنصبة عليهم , لكن نؤكد على : حسن المعاملة , والتسوية بين الأبناء والبنات في الإطعام في الملبس في المسكن في النفقة , وإعطاء المرأة حقها كاملًا غير منقوص وفق شرع الله في ميراثها الذي قسمه الله لها , فمن منع وارثًا حقه منعه الله جنته يوم القيامة .
وأشار وزير الأوقاف إلى أن كتاب "نساء على عرش مصر" الصادر عن الوزارة ضمن سلسلة "رؤية" للفكر المستنير يبين أن دور المرأة تاريخيًّا وفي مسيرة الإنسانية لم يكن أبدًا هامشيًّا , إنما كان دورًا مهمًّا وأصيلًا وفاعلًا في حركة الحياة , ويوضح أن النساء شقائق الرجال وشركائهن في بناء الأسرة , وبناء الدولة , وصنع الحضارة , ونبرز على وجه الخصوص عظمة الحضارة المصرية وإيمانها بالمرأة وتقديرها لها عبر العصور المختلفة من خلال النماذج المشرفة والأدوار الرائدة التي عرضها الكتاب للمرأة المصرية في خدمة الوطن.
وأوضح وزير الأوقاف أن الكتاب يؤكد عناية التاريخ والدولة المصرية عبر تاريخها الطويل بالمرأة ومكانتها , ومدى ما حظيت به في المجتمع المصري القديم , وكان الحكماء في مصر القديمة ينصحون أولادهم بذلك , نأخذ نصين من هذه النصوص : والد ينصح ابنه يا ولدي إن كنت عاقلًا فأسس لنفسك بيتًا وأحب زوجتك من قلبك , اشرح صدرها , وإياك أن تقسو عليها , فإن القسوة خراب للبيت الذي أسسته , فهو بيت حياتك , لقد اخترتها أمام الله فأنت مسؤول عنها أمامه , وفي وصية أخرى : إذا أردت رضا الله فأحب شريكة حياتك , اعتني بها تعتني ببيتك وترعاه , قربها من قلبك , فقد جعلها الرب توأمًا لروحك , إذا أسعدتها أسعدت بيتك , وإذا أسعدت بيتك أسعدت نفسك , زودها بكسوتها ووسائل زينتها , وظهورها المفضلة , فكل ذلك سينعكس على سعادتك وسعادة بيتك وأبنائك , وفي نص آخر عن مكانة الأم في حضارة مصرنا القديمة يقول : الأم هبة الإله , ضاعف لها العطاء , فقد أعطتك كل حنانها , ضاعف لها الغذاء فقد غذتك من عصارة جسدها , احملها في شيخوختها فقد حملتك في طفولتك , اذكرها دائمًا في صلاتك ودعائك للإله العظيم , فكلما تذكرتها تذكرتك , وبذلك ترضي الإله , فرضاؤه – أي رضا الإله - يأتي من رضائها عنك , هذه ثقافتنا , وهذه حضارتنا قديمًا وحديثًا ، نسأل الله أن يرزقنا حسن الفهم , وأن يؤلف بين قلوبنا جميعًا.



