على الدوام.. تظل أسراره هي نبض الحياة.. وكما يروينا ويهبنا الحياة.. من حقه علينا جميعا أن نرويه بدمائنا للحفاظ على كل قطرة منه.. وضد أي محاولات للغدر أو انتقاصه.. طبعا عرفتم عمن أتحدث؟ إنه نيل مصر العظيم.
في الواقع سعدت كثيرا؛ وكما يقال "انفرجت أساريري" عندما علمت أن أحد أسئلة امتحان اللغة العربية لطلبة الدبلومات الفنية دار حول دور مصر في الحفاظ على مياه النيل، بالتزامن مع أزمة سد النهضة الإثيوبي؛ وما هو الدور الذي تقوم به القيادة السياسية للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.. ولماذا سعدت؟
لأن ذلك أثار العديد من النقاط التي يجب الانتباه إليها وفي مقدمتها: الحرص على تثقيف شبابنا بما يدور حولنا من قضايا هامة تمس الأمن القومي مثل أمن حقوقنا المائية في نهر النيل؛ وتعايشهم مع تلك القضايا المصيرية حتى يعي بما يدور حوله من سياسات مهمة ولا يكون عرضة لأي تيارات تحرف الحقيقة أو تبعده عن الدفاع عنها.. ولا بد أن يدرك شبابنا أهمية ملف سد النهضة وأبعاد القضية والدفاع عن حق مصر في مياه النيل.
فلا جدال أنكم تتفقون معي؛ أن ما يفعله "الحبشي".. يجعل جميعنا شباب وكبار.. لا بد أن ننتبه؛ خاصة في ظل استمرار التعنت الإثيوبي حتى الآن.
فما زالت "النبرة" الإثيوبية تبدو متحدية لأي محاولات.. وتؤكد أديس أبابا مرارا مضيها قدما في الملء الثاني للسد بحلول موسم الفيضان المتوقع في يوليو المقبل، بصرف النظر عن التوصل لاتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان من عدمه! وليس ذلك فقط.. بل إصرار الحبشي؛ رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد.. عن إعلان خطة لبناء 100 سد صغير ومتوسط في مناطق مختلفة من إثيوبيا خلال السنة المالية المقبلة.. ما يؤكد سوء النية الإثيوبية تجاه الأمن المائي المصري نهر النيل؛ وغيره من الأنهار الدولية التي تتشاركها مع دول الجوار.. دون احترام للحقوق.
فرغم أن الموقف المصري دائما يقر بحق جميع دول حوض النيل في إقامة مشروعات مائية واستغلال موارد نهر النيل من أجل تحقيق التنمية لشعوبها الشقيقة.. لكن لا بد من الأخذ في الاعتبار أن هذه المنشآت المائية يجب أن تقام بعد التنسيق والتشاور والاتفاق مع الدول التي قد تتأثر بها، وفي مقدمتها دول المصب.
كما يجب ننتبه جميعا؛ إلى التحريف الإثيوبي للقرار العربي الذي يتضمن احتجاجا على أي خطوة من شأنها ملء السد بشكل غير قانوني، وبما يمثل تهديدا للأمن المائي لمصر والسودان.. والادعاء الإثيوبي بأن هناك صداما عربيا إفريقيا، رغم أن ذلك ينافي الحقيقة.. وما هو سوى محاولة لتزييف الحقائق والفوز بدعم إفريقيا، في قضية سد النهضة على حساب دولتي المصب.
وبالتوازي في الحديث عن سد النهضة؛ فقد آثار السؤال في امتحان طلبة الدبلومات الفنية؛ نقطة شديدة الأهمية.. ألا وهي ضرورة التوعية.
توعية الفئات العمرية المختلفة بسبل الحفاظ وترشيد المياه فهي حق لنا ولأجيالنا، وفي حاجة إلى المحافظة على مصادر المياه وإدارة استخدامها بشكلٍ جيد سواء في المنازل والمؤسسات، وقطاعات الصناعة، والزراعة وغيرها، خاصة عندما نتذكر أن مواردنا المائية تقدر بـحوالي59 مليار متر مكعب سنويا، من مصادر نهر النيل، المياه الجوفية، التحلية.. ومع ثبات حصة مصر من نهر النيل يجعل هناك تحديا ضخما يتمثل مع الزيادة السكانية ونقص الوعي بأهمية الحفاظ على كل قطرة مياه ودون إهدارها.
أولستم معي؛ أن الترشيد والتوعية بقضية المياه، اصبح ضرورة ملحة، وفي حاجة إلى تكاتف كافة القطاعات والجهود لرفع الوعي لأكبر عدد من المواطنين، والتعريف بدور الدولة في توصيل المياه، وحماية نهر النيل من أي تعديات وأهمية ما تتخذه الدولة لحماية تلك الحقوق سواء أمام ملف سد النهضة أو غيره!



