الطريق إلى إفريقيا يبدأ من «القاهرة»
فى توقيت متزامن، استضافت مصر عدة فعاليات ومؤتمرات على المستوى الإفريقى، بمشاركة رفيعة لمسؤولين من معظم دول القارة السمراء، بهدف تبادل الخبرة والمنفعة بين دول القارة السمراء، والشراكة فى مواجهة مجموعة من التحديات التي تواجه الدول الإفريقية فى السنوات الأخيرة.
فعاليات استضافتها القاهرة وشرم الشيخ فى أسبوع واحد، تعكس الدور المحورى والمؤثر للدولة المصرية فى ظل سياسة الانفتاح على القارة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة.. ففى مدينة شرم الشيخ كانت فعاليات المنتدى الأول من نوعه لرؤساء هيئات الاستثمار فى إفريقيا الذي جاء مكملا لجهود مصر فى تحقيق التكامل الاقتصادى بين دول القارة والتعاون الفنى بين هيئات الاستثمار، فضلا عن استعراض عدة مشروعات استراتيجية لربط دول القارة الإفريقية، وتجعل مصر بوابة حقيقية للسوق الإفريقية.
4 مشروعات ضخمة ترعاها مصر لربط دول القارة السمراء فى مجال الكهرباء والنقل والملاحة والسكك الحديدية
فى القاهرة كان الانعقاد الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية، الذي تناول التحديات غير المسبوقة التي تواجه القضاء الإفريقى، واتخاذ الإجراءات التي تعزز دور السلطات القضائية فى بلدان القارة السمراء، لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله.
ورغم تحدى كورونا وقيود السفر، لم تكن القاهرة بعيدة عن محيطها الإفريقي، كما هو الحال فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث كانت مصر قبلة لعشرات الفعاليات والمؤتمرات التي تناقش تحديات وشواغل القارة السمراء فى مختلف المجالات خلال السنوات السبع الماضية، من هذا المنطلق كان انعقاد أول منتدى لرؤساء هيئات ترويج الإستثمار الإفريقية بشرم الشيخ وبمشاركة وزراء الاستثمار، ورؤساء هيئات الاستثمار الإفريقية يمثلون 33 دولة إفريقية، وعدد من ممثلى التكتلات والمؤسسات الاقتصادية الدولية والإفريقية والأمين العام لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية.
مكاسب عديدة خرج بها المنتدى، كان أبرزها الموافقة على تشكيل مجلس استشارى لصياغة فرص الاستثمار بإفريقيا، وإنشاء منصة الكترونية إفريقيا تدرج كل فرص الاستثمار بالقارة، وإنشاء أكاديمية لتدريب كوادر هيئات الاستثمار الإفريقية، وتنظيم زيارات لرجال الأعمال والمستثمرين الأفارقة، وتبادل المعلومات والبيانات الاستثمارية، والتأكيد على دورية انعقاد المنتدى سنويا.
جواز سفر للمستثمر الإفريقى
مكاسب أكد عليها الدكتور شريف الخريبى الخبير الاقتصادى وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ، حيث أشار إلى أهمية منتدى هيئات الاستثمار أنه أول تجمع لمسؤولين عن الاستثمار فى إفريقيا، ومن أهم مكاسبه هو تبادل الخبرات فى مجال الاستثمار، بجانب التأكيد على وضع آلية لتيسير حركة المستثمرين بين الدول الإفريقية، بحيث سيكون لأول مرة هناك جواز سفر المستثمر الإفريقى، وتمت التوصية بتنفيذه لتسهيل حركة المستثمرين ورجال الأعمال بين الدول الإفريقية بدون تأشيرة، وستكون كل دولة مسؤولة عن منح هذا الجواز وفقا لمعايير محددة سيتم وضعها.
وأوضح أن المنتدى أكد دور مصر كدولة رئيسية فى إفريقيا، ويعطى الفرصة لاستفادة الدول الإفريقية من التجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى وفى إصلاح قوانين الاستثمار وفى المشروعات التنموية الكبرى.
نموذج الإصلاح الاقتصادى بمصر
واعتبر السفير محمد عبد الغفار رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقى، أن مصر قامت بجهود كبيرة لدعم التنمية والاستثمار فى إفريقيا خلال السنوات السبع الأخيرة فى عهد الرئيس السيسى، واتضح ذلك فى مؤتمرات لدعم الاستثمار بالقارة السمراء، ودعم اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية.
وقال فى تصريحات خاصة، إن منتدى شرم الشيخ لرؤساء هيئات الاستثمار، ساهم فى وضع خريطة منظمة للاستثمارات العاجلة بإفريقيا، ويفتح الباب أمام الاستفادة من الخبرات المصرية فى مجالات عديدة، سواء الإصلاح الاقتصادي، ومشروعات الطاقة والنقل والبنية التحتية والزراعة والصحة.
وأوضح أن نجاح مصر فى برنامج الاصلاح الاقتصادى والذي يعد نموذجا للدول الإفريقية لتحتذى به وأيضا الاستفادة من كم الطرق التي تم تأهيلها، وأشار إلى عدد من المشروعات الكبرى التي تنفذها شركات مصرية بإفريقيا، مثل سد تنزانيا لتوليد الكهرباء وومشروعات محطات الكهرباء فى كينيا واوغندا وإنشاء سد انجا2 بالكونغو لإنتاج الكهرباء، هذا بجانب البدء فى مشروعات طموحة وضخمة مثل مشروعات الطاقة والربط الكهربائى والسككى.
خامس مؤتمر لرؤساء المحاكم الدستورية الإفريقية
دور القضاء «حاسم» فى مواجهة الإرهاب
استضافت القاهرة المؤتمر الخامس الذي تنظمه المحكمة الدستورية العليا للمحاكم الدستورية الإفريقية، بمشاركة رؤساء المجالس والمحاكم وكبار قضاة المحاكم الدستورية والعليا من 40 دولة إفريقية وعدد من المراقبين الدوليين، وناقش عدة قضايا أهمها التحديات التي تواجه القضاء الإفريقى منذ بدء انتشار الوباء ومن أهمها «العدالة الإلكترونية والتحول الرقمى».
وأكد القضاة الأفارقة المشاركون فى المؤتمر، ضرورة العمل على التخفيف من التهديدات والتحديات التي يطرحها وباء كورونا على أنظمة العدالة فى إفريقيا بما فى ذلك القضاة والمدعون العامون والمحامون وما يتعلق بالأداء الجيد للمنظومات القضائية واستقلاليتها وفعاليتها.
ولعل القضية الأبرز التي تمت مناقشتها كانت الدور الحاسم للهيئات القضائية فى مكافحة الإرهاب، حيث أكدوا على أهمية هذا الدور لمواجهة الإرهاب بكل أشكاله وتقويض أثاره، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي خلال استقباله لوفد رؤساء المحاكم الدستورية، حيث أكد على أهمية المؤسسات القضائية فى مواجهة ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف واستحداث الأطر القانونية اللازمة للتعامل معها.
بوابة الاستثمار
أما المحور الأهم فى هذا المنتدى فكان استعراض أبرز مشاريع البنية التحتية والمشروعات الكبرى التي تنفذها مصر وتعد نواة لمشروعات إقليمية وإفريقية تربط دول القارة، مثل مشروعات الربط الكهربائى والربط السككى والملاحى، وهى مشروعات تتبناها الدولة المصرية، ذلك أنها تجعل من مصر بوابة العالم للسوق الإفريقية والعكس بحكم القدرات والإمكانيات اللوجتسية والمشروعات الكبرى التي تمتلكها الدولة المصرية، ومن أبرز هذه المشاريع:
1
الربط الكهربائى
مشروعات الربط الكهربائى من المشروعات المهمة التي تم استعراضها خلال المنتدى، وأكد عليها وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، الذي أشار إلى أن مصر حققت طفرة كبيرة فى مجال الطاقة خلال السنوات الأخيرة، بإنشاء مشروعات متنوعة لإنتاج الطاقة حتى نجحت فى تحقيق فائض فى الكهرباء، تمهيدا لإنشاء مشروعات ربط مع دول الجوار.
وبالفعل بدأت مصر فى تنفيذ مشروع الربط الكهربائى مع السودان، حيث تم التوسع فى المشروع إلى 3 آلاف ميجا وات فى المرحلة الثانية، وهو مشروع من المتوقع أن يحول مصر إلى نقطة مهمة فى نقل الكهرباء بالمنطقة.
وقال وزير الكهرباء إن التجربة المصرية فى مجال الطاقة رائدة، مصر ترتبط كهربائيًا بالسودان وليبيا والأردن، وتسعى لزيادة قدرات تلك الخطوط، موضحًا أنه من المخطط تنفيذ الربط الكهربائى مع السعودية، وتشارك مصر بفاعلية فى جميع مشروعات الربط الكهربائى الإقليمية.. وقال وزير الكهرباء إن إفريقيا تمتلك قدرات هائلة من الطاقات المتجددة، سواء كانت شمسية أو حرارية من باطن الأرض أو كهرومائية أو رياحًا، ولابد من استغلال هذا الأمر لصالح إفريقيا، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة لإنشاء محطات تعمل بالطاقة المتجددة.
2
سكك حديدية مع السودان
وعلى مستوى الربط السككى وخطوط النقل مع دول الجوار، تم استعراض عدة مشروعات كبرى منها مشروع «القاهرة – كيب تاون» والخط الملاحى النهرى «الإسكندرية – فيكتوريا»، وفى هذا الإطار تحدث وزير النقل عن مشروع خط السكة الحديد الذي يربط مصر مع السودان، حيث تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بالمشروع، لتوقيع العقد قريبا مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة، ليمر الخط من أسوان إلى بحيرة ناصر حتى وادى حلفا فى السودان.. فكرة المشروع جاءت بتوجيهات من الرئيس السيسي وسيبلغ طول السكة الحديد ما يقرب من 900 كم، وسيكون هذا الخط انطلاقة لإنشاء سكة حديد تربط دول إفريقيا ببعضها، لتسهيل حركة التبادل التجاري بين البلدين.
وفى نفس الوقت أشار وزير النقل إلى تطوير شبكة الطرق الداخلية فى مصر والربط مع جميع الدول المجاورة، بجانب تطوير 37 كم موانئ بحرية، ومن المقرر ربط كل الموانئ بالسكك الحديدية والطرق البرية لنقل المنتجات من المصانع إلى الموانئ البحرية للتصدير، إضافة إلى تطوير الأسطول التجاري البحرى، وإدخال شركات جديدة لتكوين أسطول قادر على الوصول إلى الموانئ الإفريقية، على المحيط والبحر الأحمر.
3
مشروع «القاهرة- كيب تاون»
واحد من المشاريع الكبرى على مستوى القارة الإفريقية، ودائما ما أكد الرئيس السيسي على سرعة انجازه للربط بين دول القارة، حيث يعد أطول مشروع لربط دول شمال إفريقيا بدول الجنوب بطول 10 آلاف كم، من خلال إنشاء الطرق البرية العابرة لدول القارة، لتسهيل حركة الاستثمارات، ويستخدم فى نقل البضائع فى مدة 4 أيام فقط ، وقد بدأت مصر فى تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بالفعل بطول 230 كم.
ومن المقرر أن تنتهى مصر من الجزء الخاص بالمشروع داخل الحدود المصرية حتى معبر أرقين على الحدود مع السودان بحلول 2024، على أربعة مراحل بطول 1100 كم وبتكلفة 26 مليار جنيه.. وسيمر الطريق البرى العملاق عبر 9 دول إفريقية، هى (مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوى، والجابون، وحتى كيب تاون عاصمة جنوب إفريقيا)، وسيكون محورا مهما لنقل البضائع العربية والاوروبية لجنوب ووسط القارة الإفريقية.
4
مشروع الربط المائى «الإسكندرية - فيكتوريا»
وعلى صعيد الربط الملاحى، يرعى الرئيس عبد الفتاح السيسي واحد من المشروعات الإقليمية التي تحقق التعاون الاقتصادى مع دول حوض النيل، وهو مشروع «الإسكندرية – فيكتوريا» الملاحي، ويهدف إلى أن تكون مصر بوابة النقل النهرى إلى وسط القارة، عبر نهر النيل.
وهو مشروع للربط المائى بين بحيرة فيكتوريا الواقعة فى إفريقيا ومياه البحر الأبيض المتوسط فى مصر، ويساهم المشروع فى عمل نهضة إقليمية لكل دول حوض النيل، مما سيكون له تأثير إيجابي على حركة التجارة والصناعة والسياحة على طول الممر الملاحى لنهر النيل، وتقع بحيرة فيكتوريا فى وسط القارة الإفريقية، وتطل عليها 3 دول إفريقية هى (أوغندا، وتنزانيا، وكينيا)، وتم البدء فى تنفيذه عبر تطوير قناطر أسيوط، وتقدر تكلفة تنفيذ المشروع بالكامل 18 مليار دولار.



