دار حديث بينى وبين إحدى الصديقات المصريات التي جاءت مؤخراً من لبنان.. تحدثت عن توقف شبه تام للخدمات الأساسية هناك، كهرباء، ماء، ووضع اقتصادى متردٍ.. ولكن ما أثار اهتمامى التعليق على تلك الأوضاع من جانب إحدى اللبنانيات التي قالت لصديقتى: "مفيش عندكم نسخة تانية من الرئيس السيسي".
والبعض قد يتساءل لماذا تلك المقدمة؟ لأنه بالفعل وليس مجاملة فقد حبا الله مصر والمصريين بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ليس للاستقرار الأمنى فقط، ولكن لإقامة المشروعات العملاقة التي تعمل على تحقيق نهضة تنموية شاملة لابد أن نفخر بها على المستوى الداخلى.
وخارجياً، يشدنى الحديث إلى ضرورة الحديث عن أحد الإنجازات المصرية المحققة، والتي تعكس قوة مصر، حيث وجه الرئيس مؤخراً الحكومة بالقيام بزيارات ميدانية دورية لموقع صرح مهم يتم تنفيذه بخطط وأيادٍ مصرية، أنه سد "جوليوس نيريري" في تنزانيا، ومن الطبيعى التساؤل لماذا الحديث عنه واهتمام القيادة السياسية به؟ لأنه ببساطة يعتبر الأكثر تعبيراً عن قدرة فى إنشاء السدود، وتخطيط قيادة مصرية ناجحة، كما يمثل مشروعاً قومياً لأبناء الشعب التنزاني، وينفذه تحالف لشركتين مصريتين ضمن اتفاقية بين الحكومتين المصرية والتنزانية.
ويعد المشروع دليلاً ونموذجاً لدعم مصر حقوق الدول الإفريقية، ودول حوض النيل في تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها المائية، بما لا يؤثر سلباً على حقوق ومقدرات الآخرين، فى وقت يصر فيه "آبى أحمد" رئيس الوزراء الإثيوبي على الإضرار والتعدي على موارد مياه الدول الأخرى، ومنها مصر.
وكان من الضرورى إلقاء الضوء حول ذلك المشروع الضخم الذي يتكون من جسم السد الخرساني الرئيسي، بجانب أربعة سدود أخرى تكميلية، لتكوين الخزان المائي، بالإضافة إلى سدين مؤقتين أمام وخلف السد الرئيسي، ومحطة التوليد الكهرومائية، وإنشاء مجمع سكني، وشبكة طرق لخدمة منطقة المشروع، وإنشاء مفيض للمياه، ونفق بطول 703م، وكوبري خرساني دائم، واثنين من الكباري.
وتكاثرت الأقاويل حول الاهتمام الشديد للرئيس السيسي بمتابعة تنفيذ سد جوليوس نيريرى، وأن ذلك السد له علاقة بالنيل أو أزمة سد النهضة؟ وفى الواقع جميعها ثرثرة ليست صحيحة، لأن السد مقام على نهر "روفيجي" غرب العاصمة دار السلام، وهو ليس من روافد أو أنهار نهر النيل، ومقام على نهر لا يتبع أنهار منابع نهر النيل وروافده، ويعتبر عملاً مصرياً خالصاً ومتكاملاً، ونموذجاً رائداً ورمزاً للتعاون والبناء والصداقة بين مصر وتنزانيا، وكل الدول الإفريقية الشقيقة.
كما يوضح حرص مصر على التنمية في كل منابع النيل، وأنها لا تتأخر بخبراتها عن شركائها من دول حوض ومنابع نهر النيل.
والهدف من المساهمة المصرية، هو الفائدة المحققة من السد الذي سيغطي منطقة كببرة محرومة من الكهرباء والمياه فى تنزانيا، حيث سيولد حوالى 21150 ميجاوات لتوفير احتياجات تنزانيا من الكهرباء، بالإضافة إلى التحكم في كميات المياه، خلال فترات الفيضانات وحماية البيئة المحيطة من مخاطر السيول والمستنقعات، ويساعد على تخزين حوالي 34 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة مستحدثة، ما يرفع قدرة تنزانيا على دخول نادي مصدري الطاقة، من خلال بيع فائض إنتاج الكهرباء لدول شرق إفريقيا.
أو لستم معى أننا لا بد أن نفتخر بدور مصر البارز فى بناء مشاريع وسدود في العديد من الدول الإفريقية، حيث أصبح توجهاً قوياً للدولة خلال السنوات الأخيرة.. فهناك العديد من السدود الأخرى التي يتم بناؤها فى دول القارة السمراء، مثل مشروع سد "واو" في جنوب السودان، والذي سيوفر 500 ألف متر مكعب من المياه العذبة للسكان، وتتولى بناءه شركة المقاولين العرب المصرية، وبناء وإدارة سد أوين في أوغندا، الواقع على بحيرة فيكتوريا - أحد منابع نهر النيل- وفى الكونغو، وغيرها من السدود فى إفريقيا.



