الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

في إخلاص نادر سري الطابع، يقوم د.أسامة محمد علي، المختص في الأشغال الفنية والعرائس بتقديم معرض عام لفريق عمل متجانس من طلابه بكلية التربية الفنية جامعة القاهرة.

وفي دفء الإخلاص والصحة النفسية، ارتدى مجموعة الطلاب المبدعين اللون الأبيض فى استقبال ضيوف المعرض، فى سلوك يعكس الشعور بأهمية ما يفعلون. تذكرت بكل الحب ذلك الاهتمام بالأدوار المهنية التي كان جيلى قد تعلمها من أساتذته، وفرحت جداً أن مصر لا تزال لديها أساتذة يؤمنون بأن الحياة ستكون أجمل مع الاعتزاز بأدوارهم المهنية التخصصيته الدقيقة.

ماهر سعد الدين، المسرحى الجميل الثمانينى العمر، هو من دلنى على هذا الكنز المختبئ بعيداً عن الأضواء فى كلية التربية النوعية. 

قال لي: تعال حتى تعرف أن الخيط متصل، وأن الاهتمام بفنون الطفل والعرائس لا يزال يشكل هدفاً هاماً لأجيال جديدة.

كنت واحداً ممن أدمنوا صحبة الفنان الكبير الراحل صلاح السقا، والفنان الكبير الراحل ناجى شاكر، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، والأستاذ شوقى خميس، الشاعر المولع بالإبداع والأطفال والدمى، والصديق المبدع مخرج العرائس الشاعر شوقى حجاب، متعة الله بالصحة والعافية.

كنت أراهم محل تقدير المجتمع والدولة ووسائل الإعلام، وكانوا فخورين للغاية بهذا الدور الفنى البديع.

مرت الأيام وتم إخراج فن العرائس المصري من بهجته، إذ بقى مسرح القاهرة للعرائس مختبئاً، لا تكاد تستطيع الوصول إليه فى زحام ودخان ميدان العتبة.

في حوارى مع الفنان الدكتور أسامة المشرف على هذا المشروع، ووسط بهجة مائة وعشرين تحفة فنية معروضة فى قاعة بيضاء اللون، أنيقة مزهوة بمجموعة الشبان والشابات المؤمنين بما يفعلون، حرص وهو المختص فى الأمر، أن يحدثنى عن اهتمامه بفن العرائس للكبار أيضاً، وليس للأطفال فقط. تذكرت مشروع ناجى شاكر الذي تخرج به من كلية الفنون الجميلة عام 1957 بتقدير امتياز، وتذكرت عمله الإبداعى "الليلة الكبيرة" الذي لا يزال يعرض للكبار والأطفال حتى الآن، بينما كنت أتأمل ملامح الإصرار فى وجوه المبدعين الجدد بمعرض "نمرة أراجوز" فى كلية التربية النوعية.

جدير بالذكر أن الكلية هدفها الأول تخريج مهنيين محترفين للعمل الإبداعى التربوى لتعليم الأطفال ولصناعة منشطين ثقافين، وأيضاً لإعداد الفنان الممارس بمعناه العام.

ربما تحتاج تلك الكليات فى جامعة القاهرة وغيرها إلى دعم للتفاعل الايجابى مع المجتمع المحيط، ولعرض تلك الإبداعات النوعية للجمهور العام.

هذا الهامش الأن هو هامش سرى فى الفن المصري، يحتاج إلى رعاية وإخلاص، وقد ظلت فنون العرائس حاضرة فى مصر، بل كانت عروض العرائس المصرية على المستوى الشعبى بهجة الأعياد وتجمعات أسر الأحياء الدافئة، تلك البهجة التي اختفت من الشارع المصري برحيل الفنانين الفطريين الذين عبروا السنوات ليصنعوا البهجة.

صحيح أن جميعنا فى بداية الطريق فى مرحلة الفتوة والأحلام، كنا نتصور أنه يمكننا أن نغير العالم بالفن، وانخفضت درجة الثقة بأهمية الدور تدريجياً، لكننا احتفظنا كما احتفظت الأجيال التي سبقتنا بتقدير حقيقى للفن، ولدوره ولقدرته على جعل الحياة أكثر جمالاً، إلا أن بهجة مقيمة معى هى التي دفعتنى للكتابة عن تلك العرائس الجميلة وصناعها المؤمنين بأهمية ما يفعلونه.

وبينما بقيت معى تلك البهجة، تذكرت تلك العرائس القومية الروسية والبولندية، وغيرها، والتي تحمل الشخصية القومية لمجتمعاتها، وكنا نعود بها من زياراتنا هناك كتذكارات للبيت وللأصدقاء، بعض تلك العرائس سجل أرقاماً للدخل القومى من كثرة مبيعاتها.

فهل يمكن أن ننظر بجدية لعروسة الأراجوز المصرية الشهيرة، وغيرها من العرائس التقليدية، إن العرائس وصناعتها أحد مصادر البهجة والإبداع والجمال، والتعبير عن الذات القومية.

أما أجمل الأثر فيبقى أثر هؤلاء المبدعين الأصلاء المؤمنين بدورهم، والذين يشتعلون إشراقا وأناقة فى إبداعهم الخاص جداً.

تم نسخ الرابط