السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أحمد إبراهيم يكتب: أفغانستان أرضُ الألغاز

أحمد إبراهيم
أحمد إبراهيم

نُكمل من حيث توقّفنا على محطةٍ أردتُّها (لا للحديث بقيّة).. وأُريدت لي (إلاّ للحديث بقيّة!).. أعجبتني تلك الإرادة بحكمي أنا وصاحب الإرادة معاً من أمة (لا) و(إلاّ) في آنٍ واحد .. 

نعم أمةُ (لا إله) لم تكتمل (إلاّبالله).

فإلى تلك الأرض الملغّزة ذاتَها وما فوقها من الرجال ذاتهم بالألغاز ذاتها.. إذ وما أفغانستان من الفضاء إلاّ طواحين هوائية لايُمكن الإغارة عليها من القمم، كما وهى من القيعان أرضُ ألغازٍ يعشقها الفكر يفهمها العقل، ولكن يحكمها الجهل!

 

يا ليت العقول بجبال أفغانستان الغنيّة بالمعادن والكنوز والثروات، تملك بعض ما يملكه العقل الياباني في جبال اليابان، العقل الذي سخّر من تلك الجبال الأكثر وعورةً لرفع الاقتصاد السلمي الياباني إلى قمّةٍ تهزّ قارة آسيا، وتطوير ثورتها التقنية إلى درجةٍ تحسد عليها قارتى أمريكا وأوروبا.

 

القائد السوفيتي الذي أرسل قبل أربعة عقود أرتالاً من الدبابات للزحف على تلك الأراضي من القيعان، والقائد الأمريكي الذي حلّق قبل عقدين في فضاءاتها بأسطولٍ من الطائرات، كلٌّ منهما يطلب اليوم الطلب ذاته الذي يطلبه الطرف الثالث والرابع والخامس بمطار كابول.

 

فإن قلنا الأمريكي اليوم يطلب الإجلاء كما طلبه الرّوسي أمس.. فهل تعني كلمة (طالبان) تثنية صاحب الطلب: طالب وطالب على أنهما (هما الطالبان)؟

 

لا أعتقد ذلك لأنّه قد برز الآن هناك بمطار كابول طالبُ تفجيرٍ كان قد سبقه طالب تهجير، فهذا التحليل يقودنا إلى أن هذين قد يكونا هما (الطالبان).

 

ومطار كابول بالمُسدّس ! والمُسدّس هنا ليس بمفهومه السلاح الناري الأمريكي الصنع السائد في الأذهان، أو كلاشنكوف روسي الصنع الدارج في أفغانستان.. وإنما المسدس هنا بمفهومه السُداسي الأطراف لأراضي أفغانستان المتشابكة بألغازها العِرقية مع كل من طاجكستان أوزبكستان وتركمانستان من الشمال، ومن الغرب إيران، ومن الشرق والجنوب باكستان، ومن جميع أطرافها الملغّزة التي تُنهى كل الطرق من شمالها إلى ذلك الطالب الوحيد الذي لن يرضى بغير نفسها (الصين) !

 

فإن كانت أمريكا تطلب والصين تطلب، وقلنا أنّهما بصياغة المثنّى (الطالبان) من الخارج، فيا ترى ما هو الطلب أو المطلوب من داخل أفغانستان ؟

 

إلى هنا وأستسمح القرّاء الأعزاء أن أنضم إلى الزاوية الثالثة للطالِبَين، وأطلب من خبير عربي (...) دون ذكر الأسماء أن يرأسني لتكملة المقال، فهو مهندس استشاري خبير سابق في الأمم المتحدة متخصص في مجال الطاقة، أن يدلى بدلوه عن أخوةٍ لنا في الدين والعقيدة لماذا يغوصون منذ خمسة عقود في بركة الدماء ؟

 

نقول (والكلام للخبير) أن الصراع ليس ثنائي بين طالب وطالب، وإنما هم طلاّبُ أهم منجم للخامات النادرة في العالم، وهو صراع اقتصادي، صراع الاستحواذ على مناجم (الخامات والمعادن النادرة) التي منها وبها صناعات (المستقبل)، ومن بتلك الخامات فهو (بمستقبل العمود الفقري لاقتصاد العالم).

 

وذلك لأن أفغانسان (والكلام للخبير)

أولاً- تمتلك أكبر احتياطي من معدن (الليثيوم) الخام الأساسي في صناعة (بطاريات السيارات الكهربائية سيارات المستقبل).. وأسعار هذا المعدن قفزت من 6500 دولار للطن عام 2015 إلى 16500 دولار للطن، وقد يتجاوز 20000 دولار، والمتحكّم بهذا المعدن سيتحكم بمستقبل تجارة السيارات.. فلا نستبعد سرقة الصين لأضواء رفاهية السيارات عالمياً من ثروة غير مستثمرة، ومتوفّرة بغزارة في جبال أفغانستان!

 

ثانياً- تمتلك أفغانستان احتياطيات كبيرة جداً من معدن (البرليوم) خام أساسي في الصناعات الاكترونية وصناعة الطائرات والصواريخ (فائقة السرعة)، وفي صناعة الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية وغيرها من الصناعات المستقبلية، وهذا المعدن (لا يُقدّر بثمن) وأسعار سبائكة بأرقام فلكية.

 

ثالثا- تعتبر أفغانستان ثاني أكبر احتياطي عالمي بمعدن (النحاس) المعدن الأساسي في جميع الصناعات، وقد وصل سعر الطن المتري هذا العام إلى 13000 دولار، ومن المتوقع أن يصل بحلول عام 2025 إلى 2000 دولار للطن.

 

والجارة الصين لا تبعد عن أفغانستان أكثر من 2000 كلم من ممرها الحدودي (واخان) في أقصى الشمال الشرقي لأفغانستان.

 

ولكن الأمر إن كان بالشورى فنحن نقترح على أشقائنا في كابول ألا يضعوا كل البيض في سلة واحدة، بل إلى جوار طنين الصين المجاورة في أراضيها، فلتكن هناك تغريدات الطيور وزقزقة العصافير من اليابان على أشجارها، فلتجلب كابول خبرات طوكيو واستمثاراتها إلى جبال تورابورا وسهول وديان بانجشير في أفغانستان، بإحلالها محلّ التفخيخات والتفجيرات!

كاتب إماراتي

www.KatibEmaraty.com

 

تم نسخ الرابط