الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

لا شك أن اهتمامتنا تركزت خلال الفترة الماضية، ولا زالت، حول امتحانات الشهادات الإعدادية والثانوية العامة، تارة حول النتائج وأخرى حول المتفوقين، وثالثة حول المجاميع العالية والمنخفضة، وأخيراً التظلمات، وغيرها، وحالياً نركز على التنسيق والالتحاق بالجامعات.. لكن أكثر ما شد انتباهى وسط ذلك كله هم الطلبة المتفوقين من ذوى الهمم، والذين يعانون من إعاقات  بصرية وحركية، والذين من حقهم تكرار ذكر أسمائهم بصورة مستمرة وبكل فخر.. فلم يكن نجاحهم بالشئ اليسير، بل كان اختراقاً وتحدياً للصعاب، ومثالاً للإرادة والعزيمة القوية .

ولنا أن نفخر  بالأول علمي علوم في الثانوية العامة، الطالب حسام محمد النوبي، والأولى على الشعبة الأدبية الحاصلة على مجموع درجات 408 من 410، الطالبة أسماء محمد عبدالسلام، والأول علمي رياضة في الثانوية العامة الذي حصل على مجموع درجات نسبته 94٪، وهو الطالب إبراهيم أحمد السيد .

 

كما شدنى أيضاً أن ذوى الهمم نجحوا فى اكتساح ترتيب المتفوقين فى امتحانات الدور الثانى للشهادة الإعدادية، وأحرز المكفوفين والصم وضعاف السمع بنسبة نجاح بلغت ١٠٠%.

 

وبطبيعة الحال فإن ذلك التفوق البارز لذوي الهمم  فى مراحل التعليم المختلفة، كان لابد أن يجعلنى أذكر أنه بداية لقصص نجاح سوف تسطرها الأيام، وأنه "لا توجد إعاقة مع الإرادة"، وسوف يكون عندنا المزيد من الشخصيات التي اشتهرت وبرزت في مختلف مجالات الحياة بالرغم من الإعاقة، مثل الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، وفرانكلين روزفلت، الرئيس الـ33 للولايات المتحدة الأمريكية، وبيتهوفن الفنان الموسيقار والملحن الألماني الشهير، وستيفن هوكينج، عالم الفيزياء الشهير، وتوماس إديسون أكبر مخترعي القرن الـ 20.

 

 وهذا يجعلني ألقى الضوء حول أحد الخارقين الذين تخطوا ألامهم وإعاقتهم، وهو الدكتور رضا فضل، مدرس التربية الفنية بجامعة الأزهر، وهو أيضاً فنان تشكيلى يرسم بالفم والقدم متحدياً إعاقته، فقد حباه الله موهبة الرسم وشارك فى مسابقات عديدة منذ الصغر، وكان من أبرز المحكمين في إحدى المسابقات الدكتورة منى أبو النصر، مخرجة الرسوم المتحركة الكبيرة، ورسام الكاريكاتير الشهير مصطفى حسين.

 

والتحق الدكتور رضا فضل بقسم التربية الفنية بكلية التربية في جامعة الأزهر، لثقل موهبته بالدراسة الأكاديمية بعد نجاحه فى المرحلة الثانوية، وكان دائما الأول على دفعته في جميع سنوات دراسته الجامعية، ولم يكن تخرجه عادياً بل قمة التفوق، حيث حصل على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وصمم على استكمال دراسته والتحق بالدراسات العليا وحصل على الماجستير والدكتوراة، ليكون نموذجاً مشرفاً وإثباتاً أن ذوى الهمم ليسوا مختلفين، لكن الله سبحانه وتعالى خصَّهم بفضائل ومواهب فريدة، ليؤكدوا أن الإعاقة هى أعاقة الأخلاق والعقل والضمير والتفكير، وليست جسمانية.

 

كما لابد  أن نفخر جميعاً أنه تم اختيار أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم من ذوي الهمم، وهو رضا عبد السلام، الذي سطر قصة نجاح فى الإذاعة على مدار ٣٣ عامًا.

 

ولنا أن نؤكد أننا نعيش عصراً يولى أهمية كبيرة لذوى الهمم، فى ظل القيادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسى، الذي يوجه بمنحهم كل الاهتمام وتوفير كافة احتياجاتهم، خاصة بعد إعلان عام 2018 كعام لذوي الاحتياجات الخاصة، لأول مرة، إلى جانب إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018 الخاص بهم .

 

وأصبح لزاماً على جميع أطياف المجتمع الاهتمام بذوى الهمم، ودعم  المبادرات الخاصة بهم، مثل مبادرة "مصر بكم أجمل" التي تطلقها وزارة القوى العاملة تحت رعاية الرئيس السيسي، والتي تستهدف جميع ذوي القدرات الخاصة، لتمكينهم من المشاركة في مختلف الأعمال، وتوفير فرص عمل لهم .

 

أولستم معى أنه بالنظر إلى ما يحققه أصحاب الهمم من نجاحات يومية، فإنه لابد من أن نزيد اهتمامنا بهم وتسليط الأضواء عليهم بصورة متواصلة، حتى يتأكدوا أنهم جزء هام فى المجتمع، وليس النظر إليهم بعين العطف أو الشفقة.

 

تم نسخ الرابط