عاجل
الخميس 2 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي

قصتان قصيرتان!

رسم: طراوى
رسم: طراوى

                         (قلبٌ سيِّئ الحظ !) كعادةِ العشاق شملتهُ حالة من الحزنِ المعتق، واغرورقتْ عيناهُ بالدموعِ؛ فور علمه بتعرضها  لوعكةٍ صحية. لم يمضِ كثيرٌ من الوقت حتى انهزم الحزن لديه، واختلط بسعادةٍ غامرة؛ حالَ سماعه بفوزها بجائزةٍ عالمية عن مجموعتها القصصية "قلبٌ سيئ الحظ"، فهو مهتمٌ جدًا بها، وبكتاباتها، ويتابع أخبارها عن كثب، لقد عشقَ القراءةَ من أجلها. شاهدهاـ ذات مرةـ بالصدفة على إحدى القنوات الثقافية تقرأ مختاراتٍ من قصصها، صوتها عذبٌ، له إيقاع خاص يريحُ السمعَ والبدَن، ويجلبُ السكينة. اعتادَ حين يأوى إلى فراشهِ أن يحتضن كتبها بين ذراعيْهِ، حضنًا مانعًا للاختراق؛ وكأنَّ بين ذراعيه ملكة جمال الكون! .. أوصافها  بل وتفاصيلها لا تغادر مخيِّلته .. تساؤلات ـ لا حصرَ لهاـ راحتْ تزور دواخله بين الحين، والحين: 



ـ تُرى ماذا سيكون ردُّ فعلها لوعلمتْ بمشاعرى نحوها؟ 

ـ هل ستبادلنى نفس المشاعر أمْ ستضمنى ـ كعادة المشاهير ـ إلى قائمةِ المعجبين؟ 

ـ لكن ما أشعرُ به نحوها قد تخطَّى حدودَ الإعجابِ بمسافاتٍ! إننى أصبحتُ كظامئٍ  يبحثُ عن الماء، وأخيرًا وجدَهُ.. هى زهرةُ تبحث عن عطرٍ، وأنا عطرٌ يبحث عن زهرة، إذن ماذا لو اتحدا؛ لينتشى البستان.

 لم تُطِلْ تساؤلاته، وفجأة تولدت لديه رغبة عارمة فى التواصل معها بأى وسيلة ممكنة؛ استقرَّ به المقام على صفحتها الشخصية، فراحَ يبحث عنها على مواقع التواصل الاجتماعى.. لم يستغرقْ وقتًا.. وجدها؛ ملأتهُ السكينة بعض الشىء.. أرسل لها طلب صداقة،  سرعان ما قبلته دون تردد؛ بل ورحَّبتْ به؛ بصيصٌ من الأملِ، والتفاؤل، والسعادة بدأَ يتخلَّل دواخله.. أبدى إعجابه بما ينشر على صفحتها، فكّر فى مراسلتها على الخاص، تردد كثيرًا، ولكن عنفوانه، وجرأته انتصرا على هذا التردد، وسيطرا عليه، ولم يمنعانه، أخبرها عن مشاعرهِ، وأحاسيسه  نحوها، و.. وبعد أيامٍ قلائل جاءه منها  الرد التالى:   ـ (؟!).                  

نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021
نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021

 

                          ـ1ـ ( نجمةُ الحُلمِ!) الأنوار، الزغاريد، الأحاديث الجانبيَّةـ غيرالمفهومةـ تنبعث من هنا، وهناك. الموسيقَى الهادئةـ ربماـ لا أحد يصغى لها. هى نجمةُ الحفلِ بلا منافس! تقَدّم نحْوها بهدوءِ طبيعى، والابتسامة التلقائيَّة العريضة تملأ مساحة وجههِ، حَنَا نصف انحناءة؛ ليقبِّلَ ظهرَ يدها اليُمنىَ ، ويهنئها على هذا الاحتفال الأسطورى، وتلك الأناقة الفريدة التي أنعشتهُ كما ينعش العشبُ الذابل بقطراتِ الندَى. نظرتْ إليهِ باستغرابٍ حاد، وكأنها تراه لأولِ وهلة! شعرَ هو بذلك من تعبيرات وجهها.. أطالتْ النظرَ إليه لبضع ثوانٍ.. وفجأة أطلقت العنانَ لضحكاتها الرنانة.. إنه  لم يقلْ شيئًا يثير كل هذا الضحك الهيستيرى الذي انبعث منها بغتة!.. صمتَ قليلًا.. التفتَ يُمنةً، ويُسرة؛ فوجدَ عيون السواد الأعظم من الحاضرين تصوَّب نحوه، وكأنهُ مستهدف من جهةٍ أمنيَّة. بَدَا عليهِ الاضطرابُ، والانزعاج قليلًا! وتملكته الدهشة والسكون لبعض الوقت! تمنّى لو ينقطع التيار الكهرُبائى ـ الآن ـ عن الحفل؛ ليهربَ فى الظلام من هذا الموقف المثير للقلق! غلبهُ الارتباك لبعض الشَّىْء، عادَ إلى الوراء؛ وراحَ يراجع تصرفاتهِ مُذْ أنْ خطتْ قدماهُ مكان الحفل، لم يجدْ شيئًا يثير الضحك أو حتى الاستغرابَ، أيضًا راحَ يتفحَّصْ ملابسه ـ ربما ـ وجدها غير مناسِبَة لهذه المُنَاسَبة؛ فهو دائمًا يرتدى الأحدث، والأرقَى، والملائم لكل مقام. قرَّرَ على الفورِ أن يسألها عن أسباب هذا الضحك الصاخب، وتلك النظرات المثيرة للحيرة؟! هيَّأَ نفسه.. تقدمتْ إليه فى جرأةٍ حادة.. تقهقرَ فجأة عن قرارهِ.. وقفتْ أمامه فى صمتٍ رهيب، والابتسامة المفعمة بالنضارةِ تتصبَّب من وجهها، كغُرَّة تفتح الأزهار، وراحتْ تنظرُ إليه بنهمٍ بالغ! وكأنَّها تريد أن تحتويه أو تلتهمه.. المحيطون بهما ـ ربما ـ يعرفون أسباب الضحك، وهو لا يعرف، وربما لا يعرفون، وهو أيضًا لا يعرف.. وفجأةً انبعثَ رنينُ المنبه بصوتهِ الصاخب؛ ليأخذه من نومهِ العميق، وحلمهِ الرائع دون أنْ يعى ما الذي أضحك نجمة الحفلِ حينما رأتهُ، وما سبب نظراتها، وضحكاتها ـ غير الطبيعيَّة ـ لهُ؟.

   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز