السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الوحدة رذيلة

رسم: احمد سميح
رسم: احمد سميح

يذهب أيمن إلى شاطئ البحر في إسكندرية وحيدًا عند شروق الشمس قبل الزحام.. بعد أن عادت البلاد لبر الأمان، وانتهاء زمن جائحة كورونا.

نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021
نقلًا من الكتاب الذهبي عدد يوليو 2021

 

ينظر إلى لونه بكل دهشة، حتى ظن أن لون البحر ينافس لون السماء في نقاء اللون.. ظل يتأمل ويحاور السمكة التي صارت على مرمى بصره وأنفاسه متقطعة: إلى متى ستظلين على سطح البحر!.. متى سيأتي موعد غيابك الأبدي!

كان يذهب أيمن إلى هذا الشاطئ، كلما تتيح له الفرصة في أيام الحظر.. حتى عثر ذات مرة على عدة أسماك تطفو فوق سطح البحر ويختفي معظم الأسماك في عمق البحار.. إلا هذه السمكة التي صارت تؤنسه في وحدته فتظهر له كأنها تعرفه.. حكى لها عن مكنون قلبه: بأنه يمتلك هذا الشاطئ الفسيح، ورغم هذا الثراء الفاحش لكنه بلا زوجة ولا ولد وكلا والديه تحت الثرى.. وأن الضيق  يحوم حوله بلا انقطاع بل تزداد الظلمة حوله وسيأتي الناس وسيبعدونك عني وستبني الوحدة براحًا مثل هذا البحر الذي لا ينتهي. 

 

ثم قال لها في هذه الليلة: "ستذهبين للأبد ومعك هذه الأسماك وأنا سأظل وحدي".

وقبل أن يدب الناس خطواتهم في الأرض، كأنهم في معركة.. اختفت السمكة بينما كان ينظر إلى البوابة في قلق ويأمل ألا يأتي الناس بعد.

 

نظر أيمن إلى السماء وقلبه كان يخفق في ضيق، بل ازداد  انقباضًا: "سامحنى يا الله.. ثم بصق على أرض الشاطئ، ثم ذهب إلى بيته حتى مات وحده بضيق التنفس".

تم نسخ الرابط