الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

ستظل هناك ذكريات وحكايات ومواقف محفورة خلف حرب العزة والكرامة فى السادس من أكتوبر، ومهما مرت الأيام  والسنين ننصت لسماعها ونشتاق لنيل العبرة منها، خاصة أنها تأتى من أبطال لا يزالوا على قيد الحياة، أطال الله فى أعمارهم، لنحتفل معهم وبهم بذكرى ملحمة النصر والبناء.

وأجد أنه من حسن حظى أننى تواصلت مع أحد أبطال حرب الانتصار والكرامة الذين أتمنى لهم جميعاً الصحة والعافية، للفخر بهم وبما قدموه، إنه اللواء طيار عادل الخولى، أحد أبطال القوات الجوية فى حرب أكتوبر المجيدة.

بعد تهنئته بذكرى النصر الـ 48 قال لى: إن قصص وبطولات الحرب تم سرد جميعها تقريباً، ولكن هناك بعض القصص الجانبية التي كانت تعكس مدى الروح الوطنية العالية لدى الجنود والقوات طوال فترة الإعداد للحرب، وقبل قيامها، خاصة خلال فترة حرب الاستنزاف، حيث كان هناك إيمان كامل بأننا سوف نسترد أرضنا، وأن ما كان يعيشه العدو من نشوة ما هو إلا "وهم".

ويستطرد قائلاً: بعد أن عاد بذاكرته إلى الوراء أكثر من 48 عاماً: عندما كنت ملازم طيار عمر حوالى 21 عاماً كانت حرب الاستنزاف فى قمة جولاتها، وكان سرب الطيران المصري "سوخوى ٧ " يقوم بتنفيذ مهامه القتالية بكفاءة رغم الفارق الكبير لصالح العدو فى ذلك الوقت، وحداثة خبرة الطيارين المصريين وصغر سنهم، فقد قمنا بتنفيذ إحدى الضربات الرائعة فى أحوال جويه غاية فى السوء، وإغلاق كافة المطارات، وعلى ارتفاع أقل من 20 متراً عن سطح الأرض. 

و"بفضل من الله عز وجل"، وبالتصميم والعزيمة كانت المفاجأة مذهلة للعدو  لدرجة أنه لم يقم بأى رد فعل، وقد شوهدت نيران الموقع الذي تم قصفه من مدينة الإسماعيلية على مدار ٣ ساعات، رغم كونه على مسافه ٦٠ كم من القنال، وعادت جميع طائراتنا سالمة، وتم إغلاق المطار  لسوء الأحوال الجوية فور هبوطها.. وبكل المقاييس العلمية المعروفة من المستحيل أن تقوم أى طائرة أو سرب طائرات بالتحليق فى ذلك المناخ، ولكن "الحمد لله" صممنا وكلنا حماس ووطنية على أن نقوم بالطلعة الجوية، وأدينا المهمة بنجاح بفضل الله تعالى .

ولم تكن الوطنية والحماس لدينا فقط كطياريين، ولكن كانت لدى كل العاملين فى المطار على اختلاف مهامهم، وبمجرد أن بدأنا الطلعة ظلوا فى أرض المطار رغم البرد القارس ينتظرون عودتنا سالمين، ولا يملكون سوى الدعاء حتى بدأت طائراتنا فى العودة واحدة تلو الأخرى، ولا يمكن وصف التهليل والفرحة التي تم استقبالنا بها.

كما يذكر اللواء  الطيار عادل الخولى، إنه حينما كان ملازماً أول فى سن 23 عاماً، تم  الانتهاء  من خوض حرب الاستنزاف كاملة "حرب الألف يوم"، وتم إرساله فى مهمة تدريبية فى روسيا مع مجموعة من طيارين السرب للتدريب على كل ما هو حديث فى عالم الطيران فى ذلك الوقت.

ويستكمل سرده بحماس: الشيء الذي جعلنا نشعر بالفخر، أن الطيارين الروس بما فيهم قائدهم الجنرال انبهروا وأبدوا إعجابهم البالغ والتقدير لمستوانا العالى جداً فى الطيران، وخبرة العمليات الكبيرة التي قمنا بها ونلم بتفاصيلها رغم صغر سننا، وهذا كان مبعث سعادة كمصريين نثبت للعالم مدى قدرتنا وتفوقنا. 

ويواصل اللواء الطيار عادل الخولى الذكريات قائلاً: إنه من المفارقات التي حدثت خلال تلك المهمة التدريبية بروسيا وخلال الطلعات التدريبية اكتشفنا بعض المزارع فى القرى الروسية وقررنا زيارتها بالسيارة الميرى، وشراء ما نحتاجه من طيور، مثل الديوك الرومى، وغيرها، وفى إحدى تلك المزارع فاجأنا صاحبها المسن بأنه يتحدث العربية قليلاً، ووفر لنا كل ما نريد داعياً لنا كمحاربين عرب مسلمين.

وكانت المفاجأة الأكبر أن ذلك الرجل طلب منا قراءة القرآن  الكريم، فوقفوا جميعاً فى حالة دهشة، ثم تم اختيارى للقيام بتلك المهمة، وبالفعل فتحت المصحف وبدأت فى القراءة، وبعد دقائق فوجئنا جميعاً أن صاحب المزرعة وجميع أهل أسرته قد انخرطوا فى البكاء.

وعند تساءلت عن سبب البكاء، رد الرجل إنهم لأول مرة فى حياتهم يسمعون القرآن يتلى فى منزلهم .

لم يكتف صاحب المزرعة بذلك بل طلب ترجمة ما تم قراءته بالروسية وتفسيره أيضاً، وبتوفيق من الله عز وجل تم ذلك بأفضل صياغة ممكنة.

وفى اليوم التالى بدأنا يوماً جديداً، وبحماس شديد نحو إتمام الدورة التدريبية، وكلنا شوق للعودة إلى أرض الوطن وتطبيق ما تدربنا عليه، وهو ما حدث فى حرب التحرير والكرامة وتم نصر أكتوبر، معجزة جيش مصر  الغالى.

واختتم اللواء عادل الخولى حديثه بتحية الشهداء الأبرار، والقيادة السياسية والعسكرية التي أبت الهزيمة،

وصممت على النصر، وبحمد الله تعالى تم بتضحيات كبيرة من أبناء الوطن الغالي.

كذلك وجه التحيه والتقدير لأبناء الجيل الحالي، الذي يخوض أشرس حروب الجيل الرابع، ومعركة التنمية والبناء الشامل ومحاربة الإرهاب، بقيادة قائد عظيم الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذي من الواجب علينا أن نوجه إليه التحية، فى هذا اليوم العظيم، فهو قائد معركة مواجهة ومكافحة الإرهاب، ومسيرة الإعمار والتنمية استكمالا لانتصارات أكتوبر المجيدة، وتحية أيضاً لقواتنا البواسل، درع الأمن والأمان لبلادنا الغالية. 

وتحية لشهدائنا رحمهم الله، وجميع أبطالنا وللشعب المصري .

أولستم معى، أنه من الضرورى الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، وإحياء الذكريات لتعريف  الأجيال التي لم تشهد تلك الملحمة التاريخية بما تم، والعمل على تنمية الحس الوطني لديهم للحفاظ على بلادهم، والدفاع عن كل ذرة من تراب الوطن، وأن يستلهم شبابنا من ذكرى أكتوبر روح النصر والعزيمة، والعمل الجاد والتنمية في كافة المجالات لإعلاء شأن وطننا الغالى.  

تم نسخ الرابط