تعتبر رسالة الإسلام شمسًا أضاءت الطريق لكل البشرية، وانتقال من العصور الجاهلية السوداء إلى قمة الحياة المبنية على العدل والمساواة والمحبة والرخاء الاقتصادي والانفتاح على العالم بقلب واسع، يشع بالخير، وحب الجميع، وعند بزوغ رسالة الإسلام الشريفة على يد خاتم المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ظهرت بوادر علم العلاقات العامة والقيادة، ومدى تأثيرها على الاقتصاد ومستوى معيشة المواطن، فكانت الزكاة والضرائب هي أساس الرفاهية.
ويعتبر الرسول الكريم مدرسة لأصحابه وأهله في تعليم العلاقات العامة والقيادة بكل مراحلها، وكان جبرائيل عليه السلام وبأمر من رب العزة يردف الرسول بالآيات القرآنية الكريمة بغرض تدريسها وتعليمها لجميع شرائح المجتمع الإسلامي، بكل معاني العدالة السماوية، ومنها آداب القيادة والمشورة.
وتعتمد العلاقات العامة كثيراً على فن اختيار الكلمة النارية المؤثرة ولباقة اللسان والعبارات المتزنة والهادفة، وغيرها، قال تعالى: "وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" (سورة القصص 34)، وهذا دليل قاطع بأن للكلمة تأثير مباشر في إيضاح المفاهيم والأفكار، وتلعب دوراً مهما فى ذلك.
إن مفتاح الازدهار الاقتصادي يعتمد كلياً على القيادة الحكيمة، وعمق ورصانة العلاقات العامة مع المحيط الخارجي، والتفاعل معه بكل احترام وتقدير، واضعين المصداقية وتبادل المصلحة العامة أساساً لتك العلاقات، بعيداً عن الأنانية، وحب الذات، والفساد المالي الذي يطيح بالاقتصاد وبأخلاق وسلوكيات المجتمع.
إن نظريات العلاقات العامة والقيادة تستند إلى كثير من المفردات، أهمها مهارات الاتصال والتواصل/ إتيكيت لغة الجسد/ الثقافة العامة المتجددة/ إتيكيت فن ولباقة الحديث/ علم النفس الاجتماعي/ الثقافة والتحصيل الدارسي واللغات/ القيادة الرشيقة/ التواضع والمصداقية بالطرح/ المتابعة الدقيقة لسوق المال وأسعار النفط، والتذبذات المتحملة، بالإضافة إلى استقرار الوضع الدولي.
وتُبنى العلاقات العامة بشكل جوهري على العنصر البشري، وكاريزما القيادة، ومن أهم المؤهلات المطلوبة (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لباقة الكلمة، حسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، الكياسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التعامل مع المفاهيم الإدارية، إمكانية صنع واتخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكبة التطور والمناهج الحديثة، وأخيرا الاهتمام بموضوع الإتيكيت، خاصة احترام الوقت).
والعلاقات العامة وظيفة إدارية في غاية الأهمية، هدفها التواصل والاتصال المنفعي الصادق والأمين بغرض الوصول للهدف، معتمدة فى ذلك على عدة مؤهلات أهمها: سمات المفاوضات/ جمع المعلومات/ إدارة المفاوضات/ نظرية ترتيب الأولويات/ نظرية التأثير المباشر "قصير المدى"، ونظرية التأثير التراكمي "طويل المدى"، كما أنها تساهم مساهمة فعالة في مد الجسور لإقامة أقوى الروابط بين المؤسسة وجمهورها، والمساهمة الجادة في رسم الصورة اللائقة عن نشاطات وسياسات هذه المؤسسة، وكذلك فإن كاريزما القيادة تلعب دوراً كبيراً في التأثير ايجابيا أو سلبيا في أجندة ازدهار الاقتصاد الوطني، من حيث إنها تستند على المعلومات الأساسية التي تمرر من قبل الجهات المسؤولة.
أما كاريزما القيادة المثالية ذات الخبرة العالية، فهي مفتاح الازدهار الاقتصادي التي سوف تدر للبلد أموالا طائلة بالعملات الصعبة، من خلال العزف على أوتار العلاقات العامة مع كل من له علاقة بالاقتصاد والاستثمار المالي، والذي من شأنه أن يكون حجر أساس الرفاهية والازدهار الاقتصادي.
ويشكل المجالان بالضرورة سلم النجاح والتفوق والتميز، إذا أُتقن استخدامهما بجميع نظرياتهما ومبادئهما في المكان والزمان المخصص لهما، لأن العلاقات العامة تعتمد كثيراً على كاريزما القائد الذي بدوره يستطيع أن ينفذ خططاً استراتيجية في ازدهار الاقتصاد الوطني، من خلال التعامل الصريح والصادق مع الشركات العالمية لتنفيذ ما هو جوهري ومفيد يخدم البلد، ويرفع من مستوى الدخل القومي، ليتحول البلد من فقير يعاني تضخما ماليا وعجزا، إلى بلد يمتاز بفائض مالي، والأمثلة على ذلك كثيرة حول العالم.
إن أغلب المشاكل الاقتصادية للدول في عالم اليوم، نتاج لعدم التوازن في تطبيق سياسات العلاقات العامة، وضعف كاريزما القيادة لدى المسؤولين عن الملف الاقتصادي، والتوازن يعتمد كثيراً على كاريزما القائد المتخصص في المجال الاقتصادي بكافة فروعه، وما يحمله من مواصفات أكاديمية متميزة، بالإضافة إلى الخبرة الطويلة في مجال السوق والعلاقات العامة مع محيطه في كل المجالات، بحيث يستطيع قراءة المستقبل الاقتصادي ضمن أرقام علمية وإحصائيات مستندة إلى وقائع ثابتة، من خلالها يمكن تحقيق الازدهار الاقتصادي.
دبلوماسي سابق
كلية عُمان للإدارة والتكنولوجيا - مسقط



