يرحلون بأجسادهم لكنهم يظلون خالدين بأعمالهم وبطولاتهم التي تظل محفورة في الأذهان عبر التاريخ بحروف من الذهب، أتحدث عن أحد هؤلاء وهو اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد، أحد قادة حرب أكتوبر المجيدة، الذي وافته المنية منذ أيام قليلة.
في الواقع ما شجعني على أن أكتب رثاء له ليس استحقاقه فقط، لكن حالفني الحظ والتقيت مع أحد من تعاملوا عن قرب مع الراحل، وهو اللواء طيار أركان حرب عادل الخولي، أطال الله عمره، الذي تحدث معي قائلًا إن الراحل قائد عسكري من العيار الثقيل، وسألته: هل تعاملت معه عن قرب؟ فقال نعم، عملت معه وأنا برتبة عقيد، وكان رحمه الله عليه رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في الفترة من أغسطس 1986 حتى مايو 1990.
وأضاف: فسألت كان قائد عسكري حاد الذكاء، ودائمًا ما كانت قراراته صائبة، ومن حسن حظي أنه كان يسكن في نفس المدينة إلى أعيش فيها، وهي الشروق.
وقال اللواء أركان حرب عادل الخولي: رغم تعب المرحوم اللواء عبد المنعم سعيد، إلا أنه كان حريصًا على أداء صلاة الجمعة في الجامع الكبير بمدينة الشروق، وتوجهت إليه في إحدى المرات بعد الصلاة وعرفته بنفسي، ووجدته يتذكرني ولمعت عينيه رغم مرور كل تلك السنوات، وكأنه يتذكر معي التاريخ وقراراته المتميزة في ذلك الوقت، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.
ومن جانبها نعت القيادة العامة للقوات المسلحة التي لا تنسى أبناءها، اللواء عبد المنعم سعيد، وكان الراحل قد تولى عددًا من المناصب القيادية منها قائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، كما تم اختياره لمواصلة مسيرة النضال بتعيينه محافظًا عدة مرات، وذلك للمحافظات الحدودية (جنوب سيناء، والسويس، ومرسى مطروح، والبحر الأحمر).
لا شك أن الحديث عن المغفور له اللواء عبد المنعم سعيد، ابن محافظة المنصورة، مهما طال، فلن يكفيه حقه، لكن بإيجاز أقول إنه أحد العقول التي أسهمت بفعالية في نجاح حرب أكتوبر المجيدة، بتواجده في غرفة العمليات الرئيسية لحرب أكتوبر المجيدة، فكان أحد علماء التخطيط والعمليات وظهر دوره البارز والمهم خلال حرب الاستنزاف أيضًا، حيث كان يعمل في فرع التخطيط بشعبة العمليات بالجيش الثاني، وتميز بالإتقان والإخلاص في العمل، وتدرج في المناصب إلى أن تولى رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، وخرج للمعاش عام 1990.
أولستم معي، أن رثاء أبطالنا ضرورة مهمة تتطلب المزيد والمزيد من سرد قصصهم، حتى يكونوا عبرة لشبابنا، إن بلادنا غالية وتستحق منا التضحية بكل ما هو غال، ولن نسمح لأعدائنا بالنيل منها مهما طال الزمن، سواء في الحرب أو السلم، وسنتكاتف جميعًا لمناهضة أعداء الإعمار والتنمية وأفكارهم المضللة الهدامة.



