فرقهما القدر وجمعهما "فيسبوك".. محمد يعود لأسرته بعد 18 عامًا من الغياب
في عام 2004، خرج أحمد من منزله بقرية الكفر الجديد التابعة مركز ميت سلسيل، بمحافظة الدقهلية، بعدما غافل والده، واستقل إحدى السيارات المارة بالطريق على أمل الذهاب لوالدته، ولم يكن عمره وقتها قد تجاوز السابعة.
أفكار وتخيلات دارت في عقل الصغير، الذي لم يكن يعرف في الحياة سوى أن والدته أرسلته لمنزل والده في سيارة، فتعلق في ذهنه أن أي مركبة هي قارب النجاة الذي سيعيده لها مرة أخرى.
مرت أيام وليالٍ حاول خلالهم الأب البحث عن نجله في كل مكان، لم يترك بابًا إلا وطرق عليه على أمل العثور على طفله التائه، مثلما يفعل كل مرة، لكن هذه المرة لم تكن كسابقيها، فالإبن لم يظهر وكأنه فص ملح وداب.
تحولت الأيام إلى سنوات طوال لم ييأس الأب فيهم، بل كان يحرص على السير وراء أي خيط قد يوصله لنجله، وشهريًا يذهب لمركز الشرطة لمتابعة المحضر، الذي ظل مفتوحًا لمدة 18 عامًا.
قصة ولا في الأحلام، كان بطلها منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن شاب كفيف عمره الحالي 23 عامًا، ومصحوبًا بصورته وبعض البيانات البسيطة، مثل إسمه محمد إبراهيم حجازي، وشقيقه ياسر، وفقد أسرته وهو في عمر 7 سنوات، ويعيش بمؤسسة المكفوفين بكفر الشيخ، ويطالب بالمساعدة في البحث عن أسرته.
قادت الصدفة أن يصل المنشور لعم إبراهيم، وأقنعه من حوله بالذهاب للعنوان، خاصة وأن البيانات تتشابه، وأيضًا الشكل والصلع، لكن الاختلاف في فقدان النظر، فنجله تاه وهو يرى ونظره سليم، وظلت نفسه تراوده هل سيولد الأمل من جديد ويعود فلذة كبده؟ أما أنها شائعة مثل سابقيها؟.
في صباح اليوم التالي وصل الأب رفقة شقيقه للمؤسسة، وما أن رأى نجله الأب لمشاعره السبيل، وارتمى في حضنه، فكل شيء يؤكد أنه محمد التائه منذ سنوات طوال، حتى إصابة جبهته فهي متطابقة، وعلى الجانب الآخر لم يختلف الأمر، فشعر الشاب به، واحتضنه وقبله مرددًا: وحشتني أوي يا بابا، متسبنيش تاني.
حاول الأب إنهاء إجراءات استلام نجله، إلا أنه يشترط إجراء تحليل البصمة الوراثية للتأكد من نسبهما، وعاد لمنزله والحزن يكسو وجهه، فالحالة المادية لا تمكنه من إجراء التحليل الذي تصل تكلفته لآلاف الجنيهات، وما أن علم استجاب الدكتور أيمن مختار، محافظ الدقهلية، لمناشدات من يعرف قصة عم إبراهيم ونجله، وأعلن تكفل المحافظة بمصاريف التحليل.
أجرى الطرفان التحليل على أمل عودتهما لأحضان بعضهما، حتى أعلنت النتيجة، وتأكد الجميع من نسبهما، واستلم الأب نجله وأعاده لمنزله وسط أشقائه، واجتمع شملهما بعد 18 عامًا من الفراق.



