الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بعد الاكتشاف الأثري الجديد بالمنيا.. كل شيء عن الرجل صاحب "اللسان الذهب" وعصره

الرجل صاحب اللسان
الرجل صاحب اللسان الذهب

اكتشاف أثري جديد في محافظة المنيا المصرية، كشفت عنه وزارة الآثار، يُضاف إلى سجل البلاد الممتلئ عن آخره بالتراث العظيم.

قالت وزارة الآثار في بيان لها، صباح اليوم الأحد، إن البعثة الأثرية الإسبانية، التي تعمل في منطقة آثار البهنسا بمحافظة المنيا، برئاسة د. مايته ماسكورت ود. استر بونس ميلادو، التابعة لجامعة برشلونة، توصلت إلى الكشف عن مقبرتين متجاورتين ترجعان إلى العصر الصاوي. 

وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن البعثة عثرت عند إحدى هاتين المقبرتين على بقايا رفات لشخصين مجهولين ذي فم به لسان من الذهب، أما داخل المقبرة فقد عثرت البعثة على تابوت مصنوع من الحجر الجيري، له غطاء على هيئة سيدة، وبجانبه بقايا رفات لشخص غير معروف بعد، بالإضافة إلى كوتين يوجد بداخل كل واحدة منها أوانٍ، كانوبية، كما تم العثور أيضًا على 402 تمثال من الأوشابتي مصنوع من الفايانس، ومجموعة من التمائم الصغيرة والخرز أخضر اللون.

وأثار الاكتشاف الجديد، خاصة رفات الشخص المجهول صاحب اللسان الذهبي، جدلًا كبيرًا على مواقع التواصل المحلية والدولية.

 ووفق بيان الآثار، ينتمي الشخص المجهول للعصر الصاوي، وهو العصر المتأخر في الحضارة المصرية القديمة، وامتد لأكثر من مئة عام بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد.

ووفق كتاب "لمحات من الدراسات المصرية القديمة" للدكتور باهور لبيب، فإن ذلك العصر هو العصر التاسع من التاريخ القديم، بحسب تقسيم علماء التاريخ المصري الحديث، ويُعرف بعصر النهضة المصرية، وعصر الأسرة السادسة والعشرين، وأطلق عليه الكتاب اسم عصر وحدة مصر الرابعة.

 بدأ العصر الصاوي بانتصار عسكري مصري عظيم، مكن المصريين القدماء من التخلص من الاستعمار الآشوري، حيث نجح ملوك مدينة سايس أو صان الحجر في الدلتا في تحرير البلاد من السيطرة الآشورية نهائيًا، بعد سنوات من المقاومة والحشد، على يد بسماتيك الأول بن نخاو الذي تختلط في عروقه دماء الأسرات الحاكمة المصرية والليبية والنوبية، الذي أسهم في القضاء على الإمبراطورية الآشورية كلها، وليس في مصر فقط.

وبعد سنوات من الجهاد جمع فيها بسماتيك بين المقاومة المسلحة والجهود الدبلوماسية لتوحيد أعداء أشور في العالم القديم نجح الرجل في مهمته، فما أن حل عام 640 قبل الميلاد إلا وكان آشور بنى بعل قد أدرك إدراكًا تامًا أن مصر قد خرجت من تحت سلطانه بلا رجعة. وكانت بداية انهيار الإمبراطورية الآشورية نقطة الانطلاق لبناء عصر النهضة المصرية الأخيرة في حضارتنا القديمة، والذي يُعرف بالعصر الصاوي.

أصبح الأمير بسماتيك فيما بعد الملك بسماتيك الأول مؤسس الأسرة السادسة والعشرين، ونجح هذا في توحيد البلاد خلفه؛ لأنه جمع بين الأصول الشمالية لأبيه نخاو، والذي تربطه صلة بالأسرات الليبية التي حكمت مصر في أواخر الدولة الحديثة، وبين أصول أمه النوبية، والتي كانت ابنه للملك العظيم طهارقا.

عاشت مصر خلال العصر الصاوي نهضة سياسية وثقافية ودينية واقتصادية شاملة، وأعيد تنظيم البلاط والإدارة وشاع استخدام الكتابة الديموطيقية (الشعبية) في جميع أنحاء البلاد، وشاعت الثقافة بين طبقات أوسع من المجتمع المصري، وأعيد الاعتبار للأديان والمعتقدات الدينية المصرية التي أهانها الآشوريون بشكل غير مسبوق في التاريخ المصري.

وشهدت مصر في العصر الصاوي حركة تشييد وبناء واسعة كانت تعتمد على إحياء النماذج الفنية للدولتين القديمة والوسطى.

وانفتحت البلاد خلاله على الإغريق واتسعت معاملاتها التجارية معهم.

لكن رغم أن بدايات العصر كانت بالنصر، جاءت نهايته على العكس، بهزيمة واستعمار، وسقطت البلاد في يد الفرس سنة 525 قبل الميلاد. 

في ذلك الوقت، تحددت مقادير الشرق الأوسط بميلاد الدولة الفارسية الهخامنشية في منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وصمم قادتها على بسط نفوذ دولتهم في الاتجاهات الأربعة، مستغلين فتوتهم وشيخوخة جيرانهم، فخرجوا بحملات قوية منظمة تحت قيادة ملكهم قورش، للاستيلاء على البلاد المحيطة، واكتسحوا دولة ليديا التي كانت شيئًا عظيمًا في نظر إغريق الشرق والغرب معًا، ثم بابل ذات التراث العظيم، ومات ملكهم قورش عام 529 ق. م قبل أن يحقق حلمه بفتح مصر التي كانت هي وبلاد الإغريق والفرس الدعائم الدولية الثلاث حينذاك. 

وتولى تحقيق هذا الحلم ولده قمبيز، وعندما بدأ مشروعه لغزو مصر من حدودها الشمالية الشرقية عاونته الظروف فاستسلمت له بلاد الشام بدويلاتها الكثيرة. ووضعت فينيقيا أسطولها الكبير تحت طاعته، وتخلت قبرص عن التعاون مع مصر، وفقدت مصر ملكها المحنك أحمس وخلفه على عرشها ملك قليل الخبرة العسكرية، وهو بسماتيك الثالث "عنخ كانرع".

ودارت معركة شرسة بين المصريين القدماء والفرس على الحدود الشمالية، انتهت بسقوط العاصمة منف، وأسر الملك بسماتيك الثالث، وقد جامله قمبيز في بداية أمره وأطلق سراحه، ولكن بسماتيك أبت عليه وطنيته، إلا أن يستأنف المقاومة، ولما انكشف أمره انتحر، وانتصر الفرس في النهاية.   

تم نسخ الرابط