تعرف الدبلوماسية بأنها أداة الدولة في إدارة الشؤون الخارجية، والدبلوماسية كلمة يونانية الأصل مشتقة من كلمة Diploma وتعني الوثيقة التي تصدر عن أصحاب السلطة ورؤساء للدول، أما أهمية الدبلوماسية فهي كثيرة ومنها إدارة الشؤون الدولية، وتوطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية وغيرها، ومتابعة المفاوضات السياسية، وحماية رعايا الدولة في الخارج، والعمل على عدم انتهاك مصالح وحقوق وهيبة الوطن بالخارج، وتدعيم السلم وإشاعة الود والمحبة والتفاهم بين البلدان.
أما القيادة الرشيقة فهي مجموعة من السلوكيات التي تحدد نتائج الأهداف المخطط للوصول لها بأقل وقت وجهد، وبعدد محدود من المحترفين ذوي الخبرة الأكاديمية الرصينة، وبتعاون مثمر من خلية العمل بقيادة مركزية محنكة وذات خلفية مهنية، وباع طويل في تحقيق الأهداف المرسومة بأقل خسائر ممكنة.
إن الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة تعتمد كثيرًا على علم الاجتماع وعلم الإدارة وفن الدبلوماسية، والذي يتعامل مع صفات القائد والبيئة والجمهور، وهذا يتناغم مع المدارس الغربية التي تضع ثلاث أعمدة، هي (القيادة/ البروتوكول/ الإتيكيت) وهي من أهم سمات القيادة النموذجية والقيادة الرشيقة التي ظهرت خلال الأربعين سنة الماضية، وتعتمد على مجموعة المهارات الرئيسية اللازمة لتحقيق النجاح المستمر في كل المجالات بسرعة.
ويتصف القائد ذو الأسلوب الرشيق بصفات مميزة، هي: العمل كخلية عمل واحدة/ تقديم الدعم الكامل لفريق العمل/ امتلاك الرؤية المستقبلية والخطط البديلة/ الالتزام ومتابعة مجريات العمل.
إن مثلث الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة والكاريزما المثالية ليست حصرًا على الملوك والسلاطين والرؤساء وكبار الشخصيات، بل حتى الإنسان البسيط (كل إنسان قائد في عمله) على أن يكون القدوة في التصرف بأعلى درجات التضحية والمثابرة وكأنه القائد الرشيق، لأن بقية المواطنين ينظرون إليه كقدوة في كل شيء، وكذلك ينظرون إلى تصرفاته وسلوكياته، فلا يكون مبتذلًا، ويهتم بتصرفاته وسلوكه اليومي الذي يدخل ضمن باب (البروتوكول العملي والمهني الرسمي)، ولذلك بدأ علم الاجتماع وعلم النفس يركزان كثيرًا على القيادة الرشيقة ضمن إطار الدبلوماسية، بغرض بناء مجتمع متكامل ناضج، والترابط بين الاثنين يوضح لنا الترابط بين القيادة والقائد الناجح وعلاقتها الوطيدة بالبروتوكول والإتيكيت، وكيف أن أي خلل في أي جانب يؤثر تأثيرًا مباشرًا على بقية هيكل الحياة، فالدبلوماسي الذي تكون معلوماته ركيكة في نظريات وأسلوب القيادة الرشيقة، فسوف يسيء لسمعة بلده خاصة في المحافل الدولية.
والقيادة الرشيقة تُعرف بأنها الـقـدرة عـلى إقناع الآخـريـن لتأدية أعمال معينة للوصول إلى الهدف المنشود، وتحقيق أفضل النتائج الإيجابية بأقل الخسائر إن وجدت، بشكل اختياري، أو الامتناع عن سلوك معين. ويُعد مفهوم القيادة الرشيقة من المفاهيم الإدارية في القيادة المركزية التي تأتي من قدرة القادة للوصول إلى أهدافهم الاستراتيجية بمواقيت زمنية محددة وخطط أكاديمية مدروسة، وعلى سبيل المثال فإن هرم الدولة لا يستطيع أن ينفذ مشاريع استثمارية ما لم يقف على قاعدة رصينة من الكفاءات والدخل القومي المتين، كي يحدد الأهداف والمشاريع وحساب التكلفة والأرباح، والمدة الزمنية.
على القائد ضمن إطار "القيادة الرشيقة" الشعور بأهمية الرسالة الإنسانية التي يريد تأديتها، وأن يؤمن بقدرته على القيادة/ أن يتحلى بالشخصية القوية وأن يحب عمله كقائد/ أن تكون له القدرة على مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة وإقدام ورحابة صدر/ ألا يكون ديكتاتوريًا أو أنانيًا ويبتعد عن القبلية والتطرف الديني/ أن يكون ناضجًا وصاحب آراء مميزة/ أن يكون صاحب حكمة للتمييز بين المهم والأهم/ أن يتحلّى بالطاقة والنشاط والحماس والحيوية والرغبة في العمل والمبادرة/ لديه الحزم والثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة والاستعداد الدائم للعمل ويضحّي برغباته واحتياجاته الشخصية ليحقق المصالح العامة/ أن يتمتع بمهارات الاتصال والتخاطب وفصاحة اللسان وقوة التعبير والقدرات الإدارية والقدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وتشكيل فريق العمل بعيدًا عن القبلية والعلاقات الشخصية وتقويم أدائهم، فالقائد الناجح لا ينتظر الأحداث بل يصنعها، وبالطرق الجديدة، ليعمل على تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل.
إن القائد الناجح الذي يجمع بين الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة لديه القدرة على اتخاذ القرار، فهو الذي يضع الخطط المدروسة والمميزة، ولديه المهارة الاجتماعية العالية التي تعطيه القدرة على التواصل مع الآخرين وإيصال ما لديه من أفكار، ويكون مستمعًا جيدًا ومحاورًا ذكيًا وماهرًا بنفس الوقت، وأن يكون مثقفًا ويطور نفسه بالقراءة والاطلاع يوميًا على ما هو جديد في مختلف المجالات، وعلى القائد الناجح أن يضع العامل الإنساني فوق كل الاعتبارات، لأن القوانين التي شرعت هي أصل لخدمة البشر، وهذه القوانين هي مجرد تنظيم للعمل وليس صك غفران لا يمكن تغييرها.
وفي الختام فإن مفاهيم الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة تبدأ من قمة هرم الدولة إلى أصغر مواطن لغرض سعادة ورفاهية المجتمع.
دبلوماسي سابق– كلية عمان للإدارة والتكنولوجيا



