الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

المدن الحبشية الإسلامية

د. إبراهيم محمد مرجونة
د. إبراهيم محمد مرجونة

أشهر مدن الحبشة في يد المسلمين:

هي البلاد المقابلة لبر اليمن، ويعبر عنها بـ"الطراز الإسلامي"، لأَنَّها على جانب البحر، ويقال لها بالشام ومصر: بلاد الزيلع، وزيلع مدينة على ساحل البحر، صغيرة القطر، كثيرة النَّاس، أهلها مسلمون، وحرها شديد، وماؤها عذب، وليس لها بساتين، ولا يعرفون الفاكهة، وتشتمل بلاد الطراز الإسلامي على سبع قواعد، كُلّ قاعدة منها مملكة مستقلة بها ملك مستقل، على النحو الآتي:

 

- سلطنة أوفات:

 

من أكبر مدن الحبشة، عمارتها متفرقة، ودار الملك والقلعة على تل، ولها وادٍ فيه نهر صغير، وتمطر في الليل مطرًا غزيرًا، وتشتهر بزراعة قصب السكر، أرضها عامرة بالقرى، وهي أَقرب المدن إلى الديار المصرية، يتكلم أهلها لغتين: العربيّة والحبشية، وتعدّ أقوى سلطنة إسلامية قامت في الحبشة، بسبب تحكمها بالطريق التجاري إلى ميناء الزيلع الرئيس في تجارة الحبشة، وهي سوق تجارية، وقد أسسها قوم من قريش من بني عبد الدار أو من بني هاشم من ولد عقيل بن أبي طالب، وقد اشتهر قوم منهم بالصلاح، وظهر من بينهم رجل يسمى عمر، ويقلب بـ(ولشمع)، حكم مدينة أوفات، واعترف بسلطان النجاشي الذي ولاه، وظل على ذلك حتّى قوى أمره. 

 

والتاريخ السياسي لمدينة وفات بدأَ يتضح نحو سنة (700ه/1300م)، إِذ أورث عمر تلك السلطة لأولاده الأربعة أو الخمسة، الذين ملكوا أوفات من بعده واحدًا بعد الآخر، ومنهم: حق الدِّين الأَوّل حتّى كانَ آخرهم صبر الدِّين مُحَمَّد بن نجوي بن منصور بن عمر، ولشمع ملك أوقات في حدود سنة (700ه)، وطالت مدته، ولما مات قام بعده ابنه علي بن صبر الدِّين مُحَمَّد بن عمر ولشمع، وقد ذاعت شهرته في البلاد؛ ويُعَدُّ أول من خرج على طاعة الحطي، لكنه لم يلبث أَنْ عاد إلى طاعته؛ إذ تخلى عنه أنصاره.

 

وكان أول من استبد بالأمور وحارب ملك الحبشة فعلًا، وأسر الكثير من عساكر الحطي، وغنم كثيرًا من الأموال هو حق الدِّين، الذي نجح في جمع النَّاس حوله، واستطاع أَنْ يهزم جيوش الحطي سيف أرعد (1344- 1372م)، ويعدّ حق الدِّين أيضًا أول السلاطين الذين حكموا أوفات، واشتهر في بداية حكمه بالإصلاح والتقوى وطلب العلم، لكنه ما لبث أَنْ رأى انحراف جده عنه، ومعاداة أعمامه لَهُ، حتّى إِنَّهُ خرج من مدينة أوفات إلى بعض أعمالها، وألزم تلك الجهة، وجمع النَّاس حوله حتّى قوي جانبه، واستطاع تكوين عصبة قوية من الأتباع، استطاع بتلك العصبة أَنْ يحارب عمه أبا بكر ويقتله، واستنجد العم الآخر ملا أصفح بسيف أرعد، لكنه انتصر عليه وقتل ذلك العم.

 

بعدها هجر حق الدِّين مدينة أوفات العاصمة، وأمر الكثير من أهلها بالهجرة معه إلى العاصمة الجديدة التي أسسها في منطقة الشوا وسماها بـ(وحل)، ومنذ ذلك الحين خربت مدينة أوفات، ولم تعدّ دار الملك، حتّى سقطت أمام هجمات الأحباش المستمرة عام (805ه/1402م).  

 

- القاعدة الثانية (دوارو): 

 

هي على ضيق وذات عسكر جم، أهلها حنفية المذهب.

 

- القاعدة الثَّالثة (أرابيني):

 

مملكة مربعة، عسكرها ما يقارب عشرة آلاف فارس، أَمّا الرجالة فكثيرون للغاية، أهلها حنفية، وهي تلي دوارو.

- سلطنة (هدية):

 

موقعها بين الإقليم الأَوّل من الأقاليم السبعة وبين خط الاستواء، وتقع جنوب أوفات، تلي أرابيني، وملكها أقوى ملوك ممالك الطراز الإسلامي، وأكثرها رجالًا وخيلًا، ملكها من العسكر نحو أربعين ألف فارس، أرضها كثيرة الرمل وشديدة الحرارة، ومنها تجلب الخدام، وأهلها لا دين لهم، وتعدّ هدية من أهم مراكز تجارة الرقيق، وكانت تجارة رائجة، وقد ظلت تلك التجارة مزدهرة في هدية.

 

وقد جلب لمصر هؤلاء الرقيق، وكانوا يعرفون باسم الطواشية، وذكرهم المقريزي وقال: "...وإليها يجلب الخصيان الخدام الذين يعرفون باسم الطواشية"، وكان السلاطين والأمراء يفضلون هؤلاء العبيد للخدمة في بيوت الحريم فيما سمي بوظيفة ذمام الدار، التي تولاها عدد من الأحباش.

 

- سلطنة شرحا:

 

عساكرها ثلاثة آلاف فارس، عرفت عند المقريزي (ت845ه) باسم شرخا، أهلها مسلمون على المذهب الحنفي.

 

- سلطنة بالي:

 

هي مدينة تلي شرحا، لكنها أكثر خصبًا، وأطيب سكانًا، وأبرد هواء، أهلها حنفية، وهي أكثر بلاد الزيلع خصوبة، تختلف عن شقيقاتها الممالك الإسلامية في أَنَّ الحكم فيها لم يظل محفوظًا في أسرة معينة، بل حدث في القرن الثامن الهجريّ أَنْ انتقل الحكم إلى رجل ليس من بيوت الملك، الرجال فيها كثيرون، إذ يقارب عدد عسكرها ثمانية عشر ألف فارس. 

 

- سلطنة دارة:

 

هي أسوأ الممالك حالًا، وأقلها خيرًا ورجالًا، وعسكرها لا يزيد على ألفي فارس، أهلها مسلمون حنفية.  

تم نسخ الرابط