الحروب دائمًا ما تجلب الدمار وتشرد الشعوب، وما يجرى في أوكرانيا من حرب ودمار يؤكد التفوق الروسي الذي كان متوقعًا، للفارق الكبير في ميزان القوى، فقد تصور الرئيس الأوكراني زيلنسكي، أنه قادر على صد أي هجوم روسي بدعم غربي وأمريكي، مستندًا إلى وعود قادة بعض الدول الغربية والناتو بدعمه وتقوية جيشه.
لكن ما حدث فاق خيال زيلنسكي الذي فوجئ بعرض أمريكي بإجلائه من كييف حتى لا يقع في الأسر، لكنه رفض العرض، وفقًا لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست، كما فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما كان متوقعًا لأن روسيا تملك حق الاعتراض"فيتو" باعتبارها أحد الاعضاء الدائمين بالمجلس، وكل ما استطاعت أن تفعله أمريكا هو تأكيد المندوبة الأمريكية الدائمة ليندا توماس، أن مشروع القرار يدين عدوان روسيا، ويدعم استقلال أوكرانيا، ويدعو روسيا لسحب قواتها من أوكرانيا فورًا.
كل ما استطاعت أمريكا والدول الغربية الداعمة لأوكرانيا أن تفعله هو الإدانة وتوقيع عقوبات اقتصادية على روسيا، بينما تسقط كل يوم أراض أوكرانية في أيدي القوات الروسية، ويتم تشريد الآلاف من الشعب الأوكراني، ويرفع زيلنسكي الراية البيضاء ويطلب الجلوس إلى مائدة التفاوض.
المعارك ما زالت جارية، والدمار يزداد بأراضي أوكرانيا، ويقول الرئيس الأوكراني إنه ما زال بإمكان أوروبا العمل لوقف العدوان الروسي.. دون إدراك أنه لو كانت وعود قادة الغرب صادقة، لما تركوه يحارب وحيدًا منذ البداية، مكتفين بالدعم المعنوي، وتوقيع عقوبات اقتصادية على روسيا تتوافق مع مصالحهم.
هذه الحرب تؤكد أن هناك دروسًا مهمة، أهمها أن قوة الجيش الوطني للدولة هي التي تحمي الوطن والشعب، فلا تستند على غيرك مهما كانت وعوده وكلماته المعسولة، وهنا يجب أن يدرك الجميع لماذا قامت الدولة المصرية بتقوية جيشها وتسليحه بأحدث المعدات والطائرات والغواصات ومنصات الصواريخ، وغيرها من عدة وعتاد حتى أصبح من أقوى جيوش العالم، مع تنوع مصادر السلاح، وأيضًا التوازن في العلاقات الخارجية، والحكمة في اتخاذ القرارات، بعيدًا عن الشعارات والعنتريات التي تجلب الخراب والدمار.
التعاون مع الدول الأخرى ضرورة حتمية لتحقيق التنمية وخدمة الشعوب، لكن قوة جيشك وصلابة شعبك هي الأساس في حماية الوطن، لأن الدول التي تبدو صديقة لك تعمل لمصلحتها، وقد تتخلى عنك وفقا لمصالحها، واحذر الخونة الذين يبيعون الوطن والطابور الخامس الذي يطبق أجندات خارجية.
الرئيس الأوكراني زيلنسكي لم يفهم الدرس، فقد ارتمى في أحضان الدول الغربية، دون حسابات، وعندما اكتشف الحقيقة قال "خذلوني".. هو لا يدري أن شعوب الدول الغربية تحاسب قادتها إذا تهورت، أو تورطت في حرب غير مجدية، إنها دول مؤسسات، قراراتها مدروسة ومحسوبة تصب في مصالحها، وليس كل ممثل كوميدي، مثل زيلنسكي، يصلح أن يكون رئيسًا أو قائدًا.



