الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

بطبيعة الحال لا يحتاجون إلى يوم خاص حتى نتذكرهم، فهم في قلب كل مواطن مصري أصيل يعرف بماذا ضحوا بالغالي والنفيس، فليس بعد الحياة شيء آخر، فهم أبطال لم يهابوا الموت..

لكن تخصيص يوم الشهيد والمحارب القديم في التاسع من شهر مارس كل عام، زيادة من التكريم والاحتفاء بشهداء مصر الذين ارتوت الأرض بدمائهم، خاصة أرض الفيروز، سيناء الغالية، فلولا هؤلاء الأبطال ما ارتفعت رايات النصر والكرامة.

 

وتم اختيار ذلك اليوم مواكباً لذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، في التاسع من مارس 1969.

 

ومهما تحدثنا عن يوم الشهيد، فنحن نقصد به العديد من الأهداف، أولها العرفان بالجميل لكل شهيد ضحى بروحه من أجل عزة وكرامة الوطن، إلى جانب الأخذ بالموعظة والقدوة لشبابنا ليعلموا قيمة الحفاظ على بلادهم الغالية من كل معتد أثيم، فهم حماة الوطن في الحاضر والمستقبل، وذلك من خلال سرد بعض قصص بطولات شهدائنا الأبرار الذين اختفوا بأجسادهم ولكن أرواحهم تحلق دائمًا حولنا، ولم لا و"هم أحياء عند ربهم يرزقون" كما ذكر في القرآن الكريم.

 

تحية لقواتنا المسلحة وأبطالها الأبرار، والتي ستظل على الدوام حصن الأمن والأمان، وتقدم أشرف دماء للدفاع عن تراب الوطن وحمايته من براثن الأعداء، وتحية لكل أم وزوجة وأبناء من أسر شهدائنا الأخيار .

 

وعندما نبدأ بسرد قصص أبطالنا الأبرار لا بد أن نبدأ بالشهيد الفريق عبد المنعم رياض، الجنرال الذهبي، كما لقبته الأكاديمية العسكرية العليا الروسية، والذي أشرف على الخطة المصرية لتدمير خط برليف خلال حرب الاستنزاف، والذي سيظل فخرا لبلادنا وأسرته على مر الأجيال، فها هو البطل الذي كان من أشهر القادة العسكريين في النصف الثاني من القرن العشرين في عمر يناهز الخمسين عاماً، يتوجه للجبهة في اليوم الثاني لحرب الاستنزاف ليتابع بنفسه نتائج قتال اليوم السابق، وللوقوف على نتائج المعركة عن قرب، ومشاركة الجنود مواجهة الموقف، وأثناء مروره على القوات في الخطوط الأمامية شمال الإسماعيلية، أصيب إصابة قاتلة بنيران مدفعية العدو أثناء الاشتباك بالنيران، وفارق الحياة خلال نقله إلى مستشفى الإسماعيلية، متأثرا بجراحه، ليضرب لنا أروع الأمثلة في الشجاعة، تأكيدًا لأن مكان القائد الحقيقي في الصفوف الأمامية، وسط الجنود الأبطال.

 

ولأن مصر دائما لا تنسي أولادها فقد منحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رتبة الفريق أول، ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر، وتم وضع تمثال له في أحد أكبر ميادين القاهرة، وأطلق اسمه على الميدان.

 

ومن قصص أبطالنا الشهداء الذين سطروا بدمائهم حروفا من نور، كما يروي أحد أبطال وقادة حرب أكتوبر المجيدة، حفظه وأطال الله عمره، اللواء أ. ح د. سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية الأسبق، حيث سرد بتأثر وفخر شديدين عن قصة بطل شهيد عظيم خلال ساعة الصفر في حرب أكتوبر، وكان من المعروف ضرورة تجنب أنابيب النابالم التي قام العدو بتجربتها، والتي تحيل صفحة مياه القناة إلى لهب حارق تبلغ حرارته 700 درجة مئوية، لو أراد الجيش المصري عبورها، بما يعنى احتراق قواتنا، وتم التخطيط لقيام رجال الضفادع البشرية المصرية بالعبور تحت الماء، وسد فوهات تلك الأنابيب بمادة أسمنتية سريعة التصلب، وبهذه الطريقه تسلم قواتنا من هذا السلاح المروع.

 

وكان كل جندي من الضفادع البشرية لديه تعليمات بنقطة محددة لإغلاقها طبقا لعدد النقاط، وتجهيزها للإغلاق قبل حدوث الحرب، ولكن فوجئ ذلك البطل بأن هناك نقطة غير مؤمنة للإغلاق، فلم يتردد ثانية وقام بإغلاقها بجسده وهو يعلم تماماً أنه بمجرد العبور وقذف النابلم ستنفجر في جسده، وهو ما حدث وتحول جسده إلى أشلاء، لكنه أنقذ آلاف الجنود المصريين من الموت حرقاً.

 

ولم يتعرف عليه نهائياً.. تحية لذلك البطل الذي ضرب أروع الأمثلة للشهادة.

كما تذكر اللواء سمير فرج قائلاً: لا أنسى يوم الضربة الجوية المصرية في السادس من أكتوبر، حضور الرئيس الراحل أنور السادات إلى مركز القيادة حينما كان المشير محمد عبد الغني الجمسي، رئيس أركان العمليات، متواجداً، وتحدث مع المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة، ووزير الحربية المصري خلال حرب أكتوبر، في صالون خاص، وعندها عرف الرئيس السادات نبأ استشهاد الطيار عاطف السادات، الطيار المقاتل، خلال غارة على مطار عسكري إسرائيلي، فقال الرئيس السادات:

"أنا فخور أن أول شهيد في حرب 1973 هو أخويا وابني، ولا يعز على مصر".

وغيرها من قصص الأبطال الشهداء الذين يستحقون منا جميعا كل الإجلال والتقدير، وأيضا أسرهم الذين لا ينساهم التاريخ، بل يشهدون حتى الآن من الرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة جميع أشكال الرعاية والتكريم، كما يكرم الرئيس في ذلك اليوم بعض قدامى قادة القوات المسلحة، وأسر الشهداء، ومصابي العمليات الحربية.

 

أولستم معي، أن شهداءنا يحملوننا أمانة في أعناقنا، أن ننقل لشبابنا على مر الأجيال تضحياتهم، وصفحات المجد التي سطروها للحفاظ على شموخ الوطن، بل سعوا إلى الشهادة ولم ينتظروا أن تأتي إليهم، للحفاظ على تراب البلد من أي اعتداء.. حفظ الله وطننا الغالي من كل اعتداء.

 

 

 

تم نسخ الرابط