قد تعجز الكلمات عن وصف شعور الإنسان بالفخر والاعتزاز بإنجاز واقعي تحقق على أرض الوطن، في مدينة تُعد من مدن مصر التاريخية، والتي أرتبط اسمها بمعركة قلبت موازين الحرب العالمية الثانية، إنها مدينة العلمين في ثوبها الجديد "العلمين الجديدة"، أول مدينة مليونية في الساحل الشمالي، وإحدى مدن الجيل الرابع.
استضافت هذه المدينة الذكية فعاليات «بطولة العلمين الدولية للروبوتات» التي نظمتها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، بالتعاون مع مجمع الإبداع ببرج العرب الممثل في جمعية اتصال، والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة العلمين الدولية، والتي تمهد المستقبل لتمكين الاستفادة من تقنيات الروبوتات بما يحقق أهداف التنمية المستدامة وتوطين هذه الصناعة محليًا وبناء كتلة حرجة من شباب المهندسين المصريين فى هذا المجال.
مشهد آخر بعد تفقد معالم المدينة الجديدة، يجب التوقف عنده هو الشباب المصري المشارك في البطولة والذي حصد جوائزها عن جدارة واستحقاق، تنافسوا لصناعة روبوتات، بخامات محلية، وأفكار إيجابية لحل بعض المشكلات القائمة بالفعل.
فتكنولوجيا الروبوتات الأرضية لاكتشاف الألغام هي أحد احتياجات الدولة لتطهير الساحل الشمالي من الألغام.
البطولة تُعد انطلاقة حقيقية نحو ريادة مصر الإقليمية في صناعة الروبوتات وسبيل تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، والحمد لله الدولة تخطو خطى ثابتة لترسيخ صناعة الروبوتات مما يعكس إيمانًا الكامل بأهمية تعظيم الفائدة من الكوادر البشرية المصرية والخبرات الفنية والطاقات الابتكارية لدى الطلاب في تعزيز أحد أهم الصناعات المستقبلية تأثيرًا على تحقيق التنمية المستدامة.
البطولة أقيمت بمشاركة 4 دول هم مصر والأردن والجزائر وبوليفيا، وشارك فيها 79 فريقا، و800 مشارك، حيث شارك 37 فريقا في المسابقة الدولية لكاسحات الألغام، و8 فرق في مسابقات تحدي الروبوتات المقاتلة "ميتال مونسترز"، بينما شارك 17 فريقا في سباقات الغواصات البحرية، و17 فريقا في مسابقة Sea Perch، الذي يستخدم الغواصات الآلية.
ولأننا نسير بخطى واضحة، فكان لزامًا علينا البحث عن المبتكرين من الشباب المصري، فجائحة كوفيد-19 سرّعت الانتقال إلى مستقبل العمل وتغيير للمفاهيم والأدوار، وجدت دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الروبوتات ستقضي على نحو 85 مليون وظيفة في الشركات متوسطة وكبيرة الحجم خلال السنوات الخمس القادمة، وأن العمال الذين سيحتفظون بأدوارهم في السنوات الخمس القادمة سيتعين على نصفهم تعلم مهارات جديدة، وبحلول عام 2025، سيقسم أصحاب العمل أعمالهم بالتساوي بين البشر والآلات.
مخرجات البطولة كانت مفرحة جدًا وتبعث برسالة أمل أن قدرة شبابنا على التطور والابتكار كبيرة جدًا، وتناسب احتياجات الدولة، كما أن البطولة مثلت فرصة ذهبية لجذب الأنظار العالمية لسياحة المؤتمرات الدولية في المدن الجديدة التي تتمتع بقدرات لوجستية عالية واستعدادات متميزة تؤهلها للمنافسة العالمية.
البطولة ضربت مثالًا رائعًا في تسخير استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وغيرها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعكست النتيجة النهائية للمسابقة جدوى البرامج البحثية التي تتبناها الدولة، والتي تساعد لتحول مصر، إلى قبلة سنوية لصناعة الروبوتات للمحترفين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية



