وسط زخم الحديث حول تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على ارتفاع الأسعار، وحرص الدولة بكافة مؤسساتها نحو ضبط الأسواق بحملات مكثفة، ووقف تصدير بعض السلع الأساسية، والعمل على كبح جماح الزيادة المفتعلة من جانب بعض التجار ضعيفى النفوس، والذين يعملون على تخزين السلع لتقليل الطلب ورفع الأسعار.
ولأنه من الطبيعى أن نتعرض لأزمات اقتصادية أو اجتماعية جراء الأحداث العالمية، فنحن جزء من العالم الكبير، ولايمكن أن نكون خارجه، وبالتالى لابد أن نتأثر بكل ما يدور من حولنا.. وجدت نفسي أتوقف كثيراً حول أهم عنصر ما أحوجنا إلى إحياءه لاجتياز أى محن أو أزمات قد نتعرض لها، ألا وهو الأخلاق والمبادئ، نحن نحتاج بالفعل إلى إعادة إحياء الأخلاق فى الكلمة والمعاملة، فمن خلال أمانة الأخلاق ترسخ التربية الأخلاقية في نفوس الأجيال، على اعتبار أن الأخلاق وسيلة لحماية العقول والنفوس، من أى عمل يضر الآخرين .
فمن خلال الأخلاق والمبادئ على مستوى التجارة بالأسواق تسود الأمانة الواجبة لتحقيق عناصر حماية المستهلك، سواء من خلال ضبط الأسعار الحقيقية دون مغالاة انتهازاً للفرص، وعرض للكميات المتوافرة من السلع دون العمل على تخبئتها لمجرد التوقعات بحدوث زيادة مستقبلية فى الأسعار.
والأمانة فى جودة السلعة المعروضة والمطابقة للمواصفات، وليس اعتبار الأزمة وسيلة للتخلص من البضاعة الراكدة أو المعيبة، وغيرها من الأمور التجارية.
أيضا الأخلاق والمبادئ من جانب العميل المشترى، ليس البائع التاجر فقط، حيث لا يلجأ المشترى إلى شراء ما يزيد عن احتياجاته، وهذه رسالة لكل أسرة تتمثل فى عدم التكالب وشراء أزيد من الاحتياجات بحجة التخزين، خوفاً من نقص السلعة فى المستقبل، فمهما تم التخزين سيأتى يوم تنضب السلعة، وهناك حاجة إلى الشراء مرة أخرى، فلماذا خلق الأزمة دون داع، وعلى حساب الآخرين، فنحن جميعا نتضرر.
فالحقيقة أن الاقتصاد العالمي بدأ يتضرر نتاج الحرب الراهنة وارتفاع أسعار النفط لمستويات لم يحققها منذ سنوات طويلة، وارتفاع مستوى التضخم العالمى، وكل ذلك لابد أن ينعكس على مواردنا الاقتصادية، مما يتطلب الحكمة فى إدارتها، ولا مجال للتلاعب أو المغالاة .
ولابد من الاعتراف أن الأخلاق هى عماد بقاء الدولة وتأثيرها واستدامتها، وما أحوجنا الآن للتذكير بأهميتها ومكانتها، علّها تعيد، ولو قليلاً، مجموعة من القيم المفقودة في حياتنا اليومية، وخصوصا في تعاملاتنا المالية والتجارية.
وعلى ذلك فإن هذا التهديد المحتمل من نقص سلع استراتيجية أو ارتفاع للأسعار سيؤثر على المجتمع بأكمله، وليس على فئة دون الأخرى، وهذا يتطلب منا جميعا التكاتف والتضامن من أجل تسخير مواطن القوة الكبرى في إنسانيتنا، وجميعها تتوافر فى أسس الأخلاقيات والمبادئ لمواجهة أى أزمة بصورة أكثر صلابة وأقل خسائر .
أولستم معى، أن الدولة تفعل ما بوسعها لتوفير السلع وإقامة معارض بتخفيضات كبيرة وحملات مكثفة لمواجهة أي محاولات لحجب السلع، أو بيعها بأسعار غير حقيقية، ولكن لابد من الاعتراف بأن الضابط الحقيقي هو من أنفسنا، لنكون جنباً إلى جنب، حتى نعبر أية أزمات بأمن وسلام.



