جاء ليقضي على إحدى الظواهر الخطيرة التي يسببها جهل متوارث ومفاهيم خاطئة، ويمنع جريمة تتم يوميًا، وبصورة خاصة في محافظات الصعيد الأكثر فقرًا، ويؤدي إلى انعكاسات سلبية تؤثر على المجتمع ككل.. هل عرفتم عن ماذا أتحدث؟ إنه قانون منع زواج الأطفال، الذي اقترب خروجه إلى النور بعد موافقة مجلس الوزراء مؤخرًا عليه.
وبطبيعة الحال، كان من الضرورى إلقاء الضوء على القانون المهم الذي طال انتظاره.
كيف نقبل الاعتداء الصارخ على مرحلة من أحلى المراحل العمرية للإنسان، وهي مرحلة الطفولة، التي تلعب دورًا كبيرًا في تكوين شخصية الإنسان، وهي مرحلة البراءة التي يتم وأدها بالزواج المبكر ليقفز طفلان إلى مرحلة ليسا مؤهلين لها، سواء من الناحية النفسية أو الجسدية أو العقلية، وعدم إدراك لما يتضمنه الزواج.
وكيف نساهم أيضا في أن يكون هناك أطفال إما مشوهين أو يتعرضون لأمراض خطيرة جسدية ونفسية أيضًا، نتيجة الحمل المبكر الناتج عن زواج هؤلاء الأطفال، فالأم ذاتها تكون في حاجة إلى اكتمال عناصر نموها لتكون بصحة كاملة، وحتى يمكنها إنجاب أطفال أصحاء، فإذا كانت الأم تفتقر إلى ذلك فماذا سيكون مصر أطفالها؟! أيضا كيف يكون طفلان زوجا وزوجة، وهما غير مؤهلين لتحمل تبعات الزواج، وعدم الفهم السليم لمعنى الأسرة، كيف نطلب منهما تكوين أسرة جديدة ورعاية وتربية الأطفال؟ وبالتالي عندما تنجب هذه الأسرة أطفالًا، فمن المؤكد أن هؤلاء الصغار لن يحصلوا على الدعم النفسي والاجتماعي الواجب من والديهما.
بالله عليكم، كيف نكون أداة لزيادة نسبة الجهل والأمية والتسرب من التعليم، خاصة أن الزوجة الطفلة لن تتمكن من تكملة مراحل تعليمها نتيجة أعباء الزواج، وبالتالي ستكون أكثر عنفًا داخل المنزل نتيجة أعباء منزلية ليست مؤهلة لها.
كما تتفقون معي في خطورة المساهمة في زيجات فاشلة تمثل أعباء على مجتمعنا، تبدأ بمشاكل مادية لأن الطفل الزوج ليس قادرًا ماديًا على الإنفاق على أسرته، ويظل معتمدًا على والده، ومن هنا تنشأ المشكلات وتتحول الأسرة الصغيرة لأسرة تابعة، وليست أسرة مستقلة.
إلى جانب ذلك، فإن تلك المشكلات الاجتماعية الناجمة عن عدم استقلالية الزوج الطفل تؤدي لنتيجة متوقعة، وهي الطلاق سريعًا، فعدم قدرة الزوج ماديًا واحتياجه لوالده أو والدته يجعلهما يسيطران على القرار، ويجب أن تخضع الزوجة الطفلة لتلك القرارات، كما تصبح عديمة الشخصية، مثل الآلة فقط عليها التنفيذ، وفي الغالب يكون الهدف من وجودها كزوجة هو المساعدة في أعمال المنزل والحقل، وغيرها من أعمال، لتتحول إلى مجرد خادمة، ما يحطمها نفسيًا، وهو ما يتسبب في إثارة المشاكل التي قد تؤدي في النسبة الغالبة إلى الانفصال والطلاق والتفكك الأسري مع نهاية الزواج المبني على الخطأ منذ البداية.
وكيف أيضا نساهم في إرساء الزواج العرفي لأطفالنا كوسيلة للتحايل على القانون، خاصة للطفلة التي لم تصل إلى سن 18 عامًا، وما يترتب عليه من أخطار خاصة في حال إنجاب أطفال.
أولستم تتفقون معي، أنه يجب علينا جميعا كدولة ومجتمع مدني، وجمعيات أهلية وغيرها، أن ننظم حملة توعوية، خاصة في القرى والنجوع والمناطق الفقيرة، للتعريف بخطورة زواج الأطفال، فليس بالقانون فقط سنقضي على تلك الظاهرة الخطيرة، ولكن تكاتف الجميع والإيمان بأهمية القضاء عليها، ومواجهة أي أساليب للتحايل، يحمي المجتمع ككل وليس أطفالنا فقط!



