فجأة دب الأمل وسادت الاحلام، وبدأوا ترديد "لقد أنزل الله علينا من السماء طاقة نور واسعة ستحقق لنا كل أحلامنا والدنيا تبقى عال العال" . وفجأة تبدد السراب وطارت معها الأحلام ومعها أيضا تحويشة العمر.
بطبيعة الحال، أنها قضية "مستريح أسوان" التي فجرت العديد من النقاط والواجب الانتباه إليها!
حيث كان يشتري المواشي من أهالي أسوان ويحقق من خلال ذلك مكاسب، ليرد بعدها الأموال لهم، ونجح فى تجميع حوالى 39 مليون جنيه وسدد منها جزءا.
ويأتى فى مقدمة النقاط التي فجرتها تلك القضية، تساؤل يطرح ذاته، لماذا الناس يلجأون إلى تلك الطريقة لتوظيف أموالهم بعيدا عن القنوات الشرعية وهى البنوك ؟ وتكرار مثل تلك الحوادث يكشف أن هناك فجوة نفسية بين المواطن وخاصة فى الأرياف والقرى وبين البنوك.
مما يتطلب التفكير جيدا فى أساليب كسر تلك الحواجز والتقرب من المواطن بشتى الطرق التي تجعله يقبل على البنك بدون مخاوف أو تراجع . وازالة الانطباع السلبي لدى الناس عن البنوك. وهى مهمة ليست صعبة من خلال مسؤولى الخدمات بالقطاع المصرفى.
السؤال الثانى، لماذا لجأ هؤلاء الضحايا إلى تصديق "مستريح"؟ بدون شك يوجد وراء ذلك عدة أسباب أهمها، ثقافة الأفراد وعدم الوعى بمخاطر التعامل مع قنوات غير رسمية لايمكن الدولة السيطرة عليها، مما يعنى هناك قصور من جانب المجتمع المدني والجمعيات بضرورة نشر الوعى بمخاطر تلك الأساليب والتوعية والتنبيه بعدم الوقوع فيها.
أما بالنسبة لحالة النصاب نفسه "مستريح" وغيره، فهى حالة مرضية غير سوية تتمتع بالنصب على الآخرين بهدف تحقيق ربح سريع وهذا يحتاج إلى دراسة اجتماعية للسيطرة على الحالات المشابهة وعدم انتشارها كآفة بالمجتمع.
حيث كشفت تلك القضية عن انتشار "مستريح" فى العديد من المحافظات، وفجأة تشجع الضحايا للإبلاغ عنهم، فهل من المعقول أن هناك 28 قضية «مستريح» بأسوان وحدها، والنيابة تباشر التحقيقات فيها، ومتَّهم فيها 37 متهمًا بسبب تلقيهم أموالًا سواء في صورة مبالغ مالية وسيارات ورؤوس ماشية؛ لتوظيفها واستثمارها، رغم عدم تكوين شركات رسمية لممارسة تلك الأنشطة، ومستريح آخر في منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة واستولى على أكثر من 288 مليون جنيه وقيامه بالنصب على أكثر من 2300 شخص.
وسقوط مستريح فى محافظة الشرقية لقيامه بالنصب أيضا على المواطنين واستيلائه على 250 مليون جنيه بدعوى توظيفها في تجارة الكافيهات ولم يفِ بوعوده.
وفى الشرقية أيضا تم ضبط مستريحة بمدينة الزقازيق مدرسة رياض أطفال، لقيامها بالنصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على ملايين الجنيهات من أموالهم بدعوى تشغيلها فى تجارة الأجهزة الكهربائية ومفروشات العرائس.
والخطورة،أن تكون هناك حالات أخرى، ولكن يرفض الضحايا الإبلاغ عنها.
أو لستم تتفقون معى، أن قضية "مستريح أسوان"، كانت بمثابة جرس إنذار، أن هناك ظاهرة اقتصادية واجتماعية، منتشرة بطريقة كبيرة، وتتطلب من ناحية زيادة رفع وعي المواطنين تجاه مخاطرها، ومن ناحية أخرى، تكاتف الجميع لتوعيتهم نحو الاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغيرة الآمنة، مع وضع العقوبات الرادعة لكل من تسول له النصب والتلاعب بأحلام أى مواطن وخاصة المستثمر الصغير !



