الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

كما كان متوقعًا ومنتظرًا، تفاعل الرئيس «عبدالفتاح السيسي» مع حالة الحراك السياسى الإيجابى، الذي أنتجته دعوته للحوار الوطني؛  إذ أوضح الرئيس -بشكل مباشر- خلال افتتاح مشروع (مستقبل مصر) للإنتاج الزراعي الفارق بين واقعية الدولة فى مواجهة تحدياتها، وبين فكرة إطلاق آراء بلا سند معرفى. فقد جاء حديث الرئيس شارحًا ومرحبًا بالاختلاف، مؤكدًا على ضرورة تدقيق المعلومات قبل الحديث إلى الرأى العام.

 

ووسط أزمة اقتصادية عالمية، كان الأمن الغذائى المصري على قمة أولويات الدولة. ومع ذلك، من الضرورى أن يستوقفنا الحديث قليلًا عند بعض النقاط المهمة - أو الأسئلة إن شئنا التدقيق - عن كيفية دعم مشروع (مستقبل مصر) حالة الأمن الغذائى فى ظل أزمة عالمية؛ وما هى أهم التشريعات المقترحة لتحقيق أقصى استفادة من مشروعاتنا القومية؟ وكيف يمكن أن تتكامل مشروعات التنمية الزراعية مع حوكمة منظومة الدعم فى تحقيق الأمن الغذائى،  وضبط الأسعار خلال هذه الأزمة العالمية!! 

يجيب عن تلك الأسئلة كوكبة من المسؤولين الذين يشاركون ويهتمون بملف الأمن الغذائى. 

ويضم هذا الحوار كلًا من: رئيس لجنة الزراعة والرى والأمن الغذائى والثروة الحيوانية بمجلس النواب، وعضو بحزب مستقبل وطن النائب «هشام الحصرى»، ومعاون الوزير والمتحدث باسم وزارة الزراعة الدكتور «محمد القرش»، وخبير التنمية الزراعية بحزب الوفد المهندس «حسن شعبان»، ووكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين «محمد السباعى»، ورئيس تحرير (مجلة أكتوبر) الكاتب الصحفى «محمد أمين»، والباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية «منى لطفى».

  الحوار يبدأ بسؤال رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب عن حزب مستقبل وطن النائب «هشام الحصرى» عن أهمية تركيز الرئيس «السيسي» على إبراز (الفرق بين واقعية الدولة، وإطلاق آراء بلا سند معرفي)؟

- فى حديث الرئيس أن (الفرق بين واقعية الدولة، وإطلاق آراء بلا سند معرفي)، يقصد منه أن ما يقال ليس مجرد كلمات تلقى، بل أن يقابل تلك الكلمات واقع حقيقى،  وزيادة فى الإنتاجية، وارتفاع فى الأرقام.

ومن الضرورى أن ننوه إلى انتقال «مصر» لنهضة تنموية؛ خصوصًا فى مجال الزراعة، لم تحدث خلال 50 عامًا ماضية. ويمكن أن نتطرق إلى خلفية هذا الموضوع باختصار بالحديث عما حدث فى ظل انتشار جائحة فيروس كورونا، وما شهده العالم خلال هذه الجائحة من نقص فى الأغذية طالت دول العالم الغنية منها والفقيرة، مما أدى لمعاناتها من نقص فى السلع، نتيجة لتوقف حركة النقل بكل صورها.

ومع ذلك، كانت «مصر» من أكثر الدول استقرارًا، بفضل جهد تم بذله خلال الفترة التي سبقتها، وهو ما أدى لتخطيها أزمة ذروة كورونا رغم أن الاقتصاد المصري كان فى مرحلة النمو؛ حيث لم يحدث أى نقص للإمدادات الغذائية، بل على العكس زادت صادرات مصر الزراعية خلال 2020، حيث سجلت 5.2 مليون طن من السلع الغذائية.

وقد زاد تركيز الرئيس «السيسي» على القطاع الزراعي، لعدة أسباب منها: الاكتفاء الذاتى النسبى،  الذي يتم فيه دراسة وبحث المحاصيل الزراعية التي تملكها الدولة بميزة تنافسية، ومن ثم يتم البدء فى التوسع فى زراعتها، وفى الوقت ذاته تجرى عمليات تبادل تجاري مع الدول الأخرى.  

وجدير بالذكر، أنه لولا النمو الذي حدث، لما حققنا هذه الإنجازات أو المشاريع الحالية، فعلى سبيل المثال، وأقتبس من حديث الرئيس (عما يخص التقدم الذي حدث فى الكهرباء)، فمن الضرورى التنويه إلى احتياج مشروع الدلتا الجديدة 1250 ميجا كهرباء، ما يعنى أننا لو لم ننجز تقدما فى مجال الكهرباء فى الوقت السابق، لما كان فى مقدورنا القيام بمشروع مثل الدلتا الجديدة. 

ومشروع الدلتا الجديدة مبنى على إعادة تدوير المياه، وإقامة محطة مياه عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعي لزراعة 2.5 مليون فدان، منها حوالى مليون و50 ألف فدان بمشروع (مستقبل مصر) فى المراحل الثلاثة.

 معاون وزير الزراعة الدكتور «محمد القرش».. والسؤال لك عن متابعة الأعمال التي تجرى فى منطقة البحيرة التي أشار إليها الرئيس السيسي فى حديثه؟

- هناك دائمًا متابعة دورية، لدينا فرق عمل تعمل على فحص وحصر وتصنيف كل أنواع التربة الموجودة فى «مصر» لتحديد طبيعة التحديات التي تواجه التربة، حتى نستطيع تطويرها، لأنه يتوافق مع الرؤية الكبيرة للدولة المصرية.

فالحركة التي تحدث فى الدولة المصرية ليست حركة عشوائية، بل هى حركة منهجية واضحة مرسومة منذ عام 2014، ولا تزال مستمرة حتى الآن. فعلى سبيل المثال تخدم شبكة الكهرباء والطرق مشاريع الزراعة، مثل مشروع (مستقبل مصر) الذي يعتمد على طريق الضبعة.

على الجانب الآخر، يتم العمل حاليًا على زيادة المساحات المنتجة، لزيادة فرصنا الإنتاجية، بجانب رفع كفاءة الأراضى القديمة عبر تحسين وتعظيم وحدة إنتاجية الأرض والمياه. 

 المهندس «حسن شعبان».. ما هى رؤيتك لمشهد الأمن الغذائى فى ظل تنفيذ مشروع (مستقبل مصر)؟

- الجدية التي يتعامل بها الرئيس «السيسي» اليوم مع القطاع الزراعي تتطلب تضافر الجهود من الجميع سواء من الأفراد أو مراكز الأبحاث المتخصصة والتنسيق بينهم. كما أن أى محاولة لاستصلاح الأرض وزراعتها تصب فى صالح البلاد. ولكن، من الضرورى التنويه إلى ضرورة أن يسبق تنفيذ أى مشروع عمل دراسة الخريطة الزراعية، بمعنى أنه عند الشروع فى زراعة منطقة جديدة، يجب تحديد المحاصيل التي تحتاجها السوق، أو تخصيص المنطقة للتصدير، أو التصنيع الزراعي.

وفى رأيى،  يجب أن تكون هناك أفكار خارج الصندوق، بمعنى أنه من الممكن أن نركز على (المحاصيل المكملة)، مثل زراعة نبات (الكينوا) الذي يستخدم فى الدقيق والخبز. 

 الأستاذ محمد السباعى.. كيف تمت معالجة المياه؟، ومتى دخل هذا الفكر؟

- دعنى أبدأ حديثى من جملة «الحاجة أم الاختراع»، أى أنه كان هناك فجوة بين احتياجاتنا ومواردنا، حيث وجدنا أن أهم التحديات التي تواجه «مصر» فى الأمن الغذائى،  هى الندرة المائية، والتغير المناخى،  والتطوير.

ولمواجهتها، نفذنا مشاريع قومية - وأعتبرها عالمية- لمعالجة ندرة المياه، مثل محطة «بحر البقر» التي تستهدف معالجة 5 ملايين متر مكعب يوميًا، وقد صنف هذا المشروع على أنه أفضل المشروعات الحكومية على مستوى العالم 2021؛ بالإضافة إلى مشروع «مصرف المحسمة» الذي ينتج مليون متر مكعب فى اليوم الواحد من المياه المعالجة لتكون صالحة للاستخدام الزراعي؛ إلى جانب مشروع «سرابيوم»؛ ناهيك عن مشروع ضخم جدًا تقوم به «مصر» الآن، وهو «مصرف العموم»، الذي سيكون مسؤولًا عن محطة تنتج فى اليوم الواحد 6 ملايين متر مكعب مياه معالجة. 

 بالحديث عن هذه المعلومات، كيف يمكن الوصول لمعلومات دقيقة وشاملة عن هذا المشروع؟

- حتى يمكن الوصول للمعلومة الصحيحة يجب البحث عن مصدر المعلومة، أى يجب الحصول عليها من مسؤول أو جهة رسمية..فعندما نتحدث عن مجال الزراعة، تؤخذ المعلومة من وزارة الزراعة، أو خريطة مشروعات مصر، أو مركز المعلومات واتخاذ القرار.

 الأستاذ «محمد أمين» والسؤال لك عن طلب الرئيس دمج المرحلتين الثانية والثالثة معًا، نظرًا لعدم وجود رفاهية الوقت، وفى الوقت ذاته طلب مهلة فى التدبير ودراسة الموقف.. ما هو تفسيرك للموقف؟

- هذه النقطة فى حديث الرئيس كانت تأتى ضمن المنهج الذي وضعه منذ توليه الرئاسة عام 2014. بصورة مفصلة، نحن لا نحظى بوقت، وهو ما أسفر عن قدرتنا على مواجهة التحديات العالمية، ومنها الأزمة الحالية، إذ تتمتع «مصر» بمخزون استراتيجى من القمح حتى نهاية العام، فى حين أن هناك دولًا أخرى تواجه أزمة بسبب هذا الأمر. 

ومن هنا، نتحدث عن مشروع (مستقبل مصر)، فهو نقطة البداية للاكتفاء الذاتى الحقيقى النسبى. وعندما تم التخطيط لهذا المشروع، تم عبر دراسة من كافة المراكز البحثية الموجودة فى «مصر» لتوحيد الجهود، لأنه ليس مشروع استصلاح زراعي فقط، بل هو مشروع يبحث عن قيمة مضافة للمنتج.

فجزء من الهدف الاستراتيجى للدولة، هو الحفاظ على الأمن الغذائى للمواطن. وعليه، فإن اختيار اسم المشروع (مستقبل مصر) كان اختيارًا فى غاية الأهمية، لأنه يعبر عن مستقبل الدولة المصرية ليس فى تنمية الزراعة فقط، بل التصنيع الزراعي أيضًا.  

 فى رأيك.. كيف يقلل هذا المشروع من سعر المنتج؟

- المشروع سيقلل من الأسعار لأنه سيركز على السلع الاستراتيجية، مما يؤدى إلى الحفاظ على سعر السلع، هذا  بالإضافة إلى وجود المخازن الاستراتيجية والصوامع التي يتم فيها تخزين سلع تم شراؤها بالسعر الأرخص السابق لارتفاع الأسعار الحالى،  مما يؤخر من تأثير الأسعار العالمية الحالية التي تضاعفت عدة مرات. 

 نتوجه للباحثة «منى لطفى».. هل تطلعينا على الورقة البحثية التفصيلية التي قدمتها عن المشروع؟

- مشروع (مستقبل مصر) هدفه الأساسى،  هو توفير سلع ومحاصيل للمواطنين بأسعار معقولة، إلى جانب توفير الأمن الغذائى،  خاصة فى ظل الأزمات العالمية المتتالية. لذلك كان هذا المشروع، وغيره من المشاريع الزراعية خطوة استباقية لتوفير الأمن الغذائى،  فى ظل ازدياد عدد السكان غير المتوازن مع مساحة الأرض الزراعية.

الجزء الثانى المهم فى هذا المشروع، هو تخصيص جزء من الأراضى الزراعية لزراعة محصول القمح، الذي نستورد نسبة كبيرة منه من «روسيا» و«أوكرانيا» اللتين تشهدان أزمة كبيرة الآن.

ومن أهم نتائج هذا المشروع تقليل سعر السلع المتواجدة، وذلك بعد زيادة عدد المعروض، وتقليل تكاليف الإنتاج والنقل، بالإضافة إلى توفيره فرص عمل كثيرة.

 نعود للنائب «هشام الحصرى».. هل أعدت لجنة الزراعة قانونًا محددًا لخدمة الفلاحين وتحسين أحوال الزراعة؟ 

- فى الحقيقة، لجنة الزراعة ناقشت قانونًا كان مقدمًا من الحكومة لإنشاء نقابة للفلاحين. وبالفعل، وافقت اللجنة على هذا القانون، وتم إرساله لمجلس الشيوخ لإعادة دراسته مرة أخرى.

 الدكتور محمد القرش.. ما هى استراتيجية وزارة الزراعة لمواجهة التحديات الحالية؟

- نحن نعمل الآن على زيادة مساحات الرقعة الزراعية، من خلال عدد من المشروعات، بجانب تطوير إنتاجية الأراضى المزروعة بالفعل. فنقوم بزراعة 9.7 مليون فدان من الأراضى المتاحة حاليًا؛ ناهيك عن جهود الدولة فى تحسين القطاع الزراعي،  مثل استنباط أنواع جديدة من المحاصيل.

كما نعمل على دعم الشباب للاتجاه لقطاع الزراعة عبر تحويل المزروعات إلى سلعة مربحة، من خلال دعم السلع التصديرية والاستراتيجية، مثل: المحاصيل الزيتية، الذرة، القمح، البنجر، القطن، وغيرها.  

الأستاذ محمد السباعى.. هل الاهتمام الزائد بملف الأمن الغذائى ناجم عن الأزمة «الروسية - الأوكرانية»، أم هو جزء من استراتيجية الدولة؟

- بالطبع كان الاهتمام بملف الأمن الغذائى جزءًا من استراتيجية الدولة، التي اتخذت بعض الإجراءات الاستباقية، حيث كان للقيادة السياسية رؤية للسير فى مسار ما يستحقه المواطن، عبر التوسع فى الأراضى الزراعية، والمخازن اللوجيستية الضخمة، وغيرهما من المشروعات فى البنية الأساسية، التي ساهمت فى تقوية «مصر» لتواجه التحديات الحالية.

السؤال الأخير للأستاذ محمد أمين.. كيف يمكن نقل هذا الحوار خاصة للمزارعين؟

- هذا هو دور الإعلام. فجزء من الرسالة الإعلامية، هو نشر الوعى،  تحديدًا فيما تقوم به الدولة فى مجال الأمن الغذائى،  حيث حددت الدولة - من البداية - توجهاتها عبر دراسة دقيقة لمواجهة تحدياتها. لذلك، نحتاج فى الوقت الحالى أن يعم الوعى فيما يخص تلك القضية، إلى جانب تضافر الجهود.

تم نسخ الرابط