عاجل
الثلاثاء 26 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
البطالة عرض أم طلب؟
بقلم
محمد نجم

البطالة عرض أم طلب؟

بقلم : محمد نجم

كالعادة.. تتباين الآراء.. وتختلف وجهات النظر.. حول الموضوع الواحد.. بينما نصاب- نحن الصحفيين- بالحيرة والصداع عندما نحاول فهم الموضوع وتبسيطه وشرحه للقراء.



وقد احترت وغُلب حماري في فهم مشكلة البطالة وطبيعة سوق العمل في مصر.

حيث أجزم البعض أن المشكلة ليست في سوق العمل، وإنما في مخرجات التعليم التي لا تتناسب مع متطلبات هذا السوق.

البعض الآخر أفتى بأن المشكلة ليست في السوق.. ولا في التعليم، وإنما في السياسات.. مشيرًا إلى ضرورة التركيز على الاستثمارات كثيفة العمالة.

وقد كشف الجهاز المركزي للمحاسبات مؤخرًا، أن السكان زادوا بنسبة 3.1% في الفترة من 2010 إلى 2015، بينما لم تزد فرص العمل في تلك الفترة سوى بنسبة 0.9% فقط.

وهو ما يعني أن على مصر توفير ما يجاوز مليون فرصة عمل سنويا، بواقع 90 ألف فرصة شهريا، لكي تستوعب الحجم المتراكم من البطالة.. والداخلين الجدد لسوق العمل.

طيب.. ولو توفرت المليون فرصة سنويا.. تتحل المشكلة؟ خبراء منظمة العمل الدولية يقولون: لا.. ولا يجب أن تختزل المشكلة في إيجاد فرصة العمل للباحث عنها، ولكن يجب أن تكون هذه الفرصة «لائقة»، أي أن تكون منتجة وتتناسب مع قدرات ومؤهلات العامل، وأن تتم في بيئة مناسبة، مع التزام أطراف التعاقد بكامل الواجبات والحقوق.

كلام جميل ومحترم.. لكنه ينتظر «المدينة الفاضلة».. لكي يتحقق!

وعود على بدء.. وفي محاولة جديدة للفهم حضرت ندوة جمعية «شراع» بدعوة كريمة من الصديق د. زياد بهاء الدين، حيث شرح د. راجي أسعد- أكثر المصريين تخصصا في هذا المجال- طبيعة المشاكل في سوق العمل المصرية.

وقد أجمل هذه المشاكل في ارتفاع حجم البطالة، وتدني مستوى العمالة، ووجود اقتصاد غير رسمي، وعدم ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات السوق، ثم انخفاض نسبة مشاركة المرأة في العمل.

تمام.. وماذا بعد؟

قال: المشكلة في العرض وليست في الطلب! وهو ما يؤدي إلى عدم الربط بين الاثنين، وإذا كانت هناك مشكلة في الطلب تتمثل في تباطؤ معدلات النمو، وطبيعة النمو ذاته.. إلا أن المشكلة سببها جانب العرض.

كيف يا دكتور؟!

فأجاب: صبرا آل ياسر.. موضحًا أنه إذا كانت هناك قيود على زيادة الطلب في سوق العمل.. تتمثل في المراوحة بين الملكية العامة والخاصة في الاقتصاد المصري، وعدم نمو القطاع الخاص بشكل كاف، وأن القطاعات النشطة في الاقتصاد لا تتطلب عمالة مؤهلة.. خاصة قطاعات التشييد، وتجارة التجزئة، والنقل والمواصلات.. فما زالت المشكلة أيضا في جانب العرض بسبب ما أسماه «توازن الشهادات»!

موضحا أن هناك تفضيلا للوظيفة الحكومية عن العمل في القطاع الخاص.

وهناك أيضا توسع في التعليم الجامعي.

فالتعليم الجامعي خلال السنوات القليلة الماضية زاد بنسبة 5.6% سنويا، أي ما يمثل ثلاثة أضعاف نسبة الزيادة السكانية.

والمشكلة أن النسبة الأعلى في هذه الزيادة كانت في الكليات النظرية.. مثل العلوم الإنسانية والاجتماعية.. أي كليات الحقوق والآداب والألسن وغيرها.

وذلك بسبب ارتفاع تكلفة خلق «مقعد» دراسي جديد في الدراسات التطبيقية.. مثل الهندسة.

ففي الكليات النظرية يكون هناك «أستاذ» لكل 350 طالبًا، بينما في الكليات التطبيقية يجب أن يكون «الأستاذ» لكل 15 طالبًا فقط.

ولذلك تكون النسبة الأعلى بين المتعطلين بين خريجي الجامعات.. والتي تصل إلى حوالي 25% من حجم البطالة الموجودة، أضف إلى ذلك تأثير العادات والتقاليد في المجتمع بالنسبة لعمل المرأة في بعض المهن أو الوظائف.

وهو ما ينعكس على نسبة مشاركة المرأة في العمل والتي تصل إلى أقل من 25%، ونصف هذه النسبة تعمل في الحكومة والقطاع العام، والنصف الباقي في القطاع العائلي!

طيب.. وبعدين؟

قال: إن هناك خللا في هذا السوق، سواء في العمل المؤقت، أو في انخفاض نسبة عمل المرأة، أو في عدم تلبية مخرجات التعليم لمتطلبات السوق.

ومن ثم.. لا بد من تغيير هيكلي في القطاعات والسياسات، والاهتمام بالقطاعات كثيفة العمالة خاصة القائمة منها على التصدير.

وأيضا التوسع في الأنشطة الجديدة مثل الطاقة المتجددة والخدمات غير المصرفية، والاهتمام بما يسمى اقتصاد الرعاية.. المتمثل في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

هذا ما قاله د. راجي أسعد.. وهي محاولة جديدة لفهم الأسباب لاختصار وقت المعالجة.

وأعتقد أن المشكلة ما زالت قائمة.. وفي رأيي وكما يقول المثل: الحاجة أم الاختراع.. وطالما تدب الأرجل على الأرض.. فسوف يبحث الناس عن حلول مبتكرة لمشاكلهم وسوف يهتدون إلى أن التصنيع والإنتاج هو الحل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز