أتذكر عندما كنت في مرحلة التعليم الابتدائي والإعدادي التحقت بفريق الكشافة الذي تعلمت منه الكثير والكثير ، خاصة الوعد الكشفي الذي جاء نصه كالآتي: "أعد بشرفي أن أبذل كل جهدي في أن أقوم بواجبي نحو الله ثم الوطن، وأن أساعد الناس في جميع الظروف، وأن أعمل بقانون الكشافة".
عندما نستعرض التحية الكشفية نجد وضعية الأصابع الخمس التي تعكس سمات عظيمة وعلامات ذات دلالات إنسانية، حيث نلاحظ أن الأصابع الثلاثة "البنصر، الوسطى ، السبابة" تشير إلى الواجب نحو الله، والواجب نحو الوطن، والواجب نحو الذات والآخرين، بينما الأصبعان الآخران وهما الخنصر والإبهام يشيران إلى احترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير، بالإضافة إلى ثلاثة علامات أخرى، العلامة الأولى ابتسامة الكشافة والبشاشة ، اما العلامة الثانية فهي تشير إلى دائرة الأخوة ورابطة الكشافة حول العالم، بينما توضح العلامة الثالثة طريق الكشافة أو الطريق المستقيم.
مما لا يدع مجالا للشك أن التحية الكشفية والوعد الكشفي قانون يحمل أخلاقيات رفيعة وقيم سامية ، تطبق على أفراد جماعة الكشافة الكبير قبل الصغير ، الكل يعمل من أجل المصلحة العامة و لصالح الجميع دون تفرقة أو تمييز ، وذلك عن طريق العمل الجماعي الذي من خلاله تختفي " الأنا " وتظهر وتسمو صفة إنكار الذات ، ويعد تطبيق كل هذه المبادئ بمثابة البداية الحقيقية لطريق النجاح ، كما يعتبر سر التميز والتفوق في العمل الجماعي المبني على احترام القانون وتطبيق النظام.
أما عن مفهوم الانتماء والولاء للوطن ليس شعار أو مجرد كلام ، بل هو علاقة خالية من الأنانية أو المصلحة تربط المواطن بوطنه ، إلى أن ظهر مجموعة من الأشخاص ممن فقدوا الهوية الوطنية، وانحرفوا عن مسؤولياتهم تجاه الوطن ، خاصة بعد أن سيطرت وعششت أفكار أهل الشر بعقولهم ، بالإضافة إلى أن هناك أيادي خفية تسعى وتعبث من أجل زعزعة الروح الوطنية ، من خلال نشر الشائعات والأكاذيب عبر السوشيال ميديا، ومواقع التواصل الاجتماعي.
الآن أصبحت مشاكلنا وهمومنا الخاصة شغلنا الشاغل في أمور حياتنا واستحوذت على حيز كبير من اهتماماتنا ، الأمر الذي أدى إلى أننا ظلمنا أنفسنا وانشغلنا عن تأدية واجباتنا تجاه الله ، الأمر الذي جعل البعض يلجأ إلى الله من خلال الصلاة و الدعاء في وقت الأزمات والمحن فقط ، علما بأن باب التقرب إلى الله مفتوحا للجميع في جميع الأوقات و لا يغلق أبدا.
كما اختفت صورة احترام الصغير للكبير بكافة أشكالها، وغاب الرمز والقدوة بين الشباب، حيث أختفى دور الكبير في احتواء واستيعاب الصغير ، و انتشرت ظاهرة تطاول الصغار على الكبار دون مراعاة فارق العمر والخبرات الحياتية بالإضافة إلى عدم الإصغاء لهم ، الأمر الذي ساهم في عزوف بعض الكبار عن إرشاد وإعطاء النصائح للشباب الصغار ، بالإضافة إلى إهمال تربيتهم وتوجيههم واخذهم إلى الطريق السليم.
وفي النهاية دعونا نتخيل .. ماذا لو تم تطبيق وعد وقانون الكشافة في الحياة العامة والعلاقات الاجتماعية والشخصية ، وأصبحنا حريصون على معرفة حقوقنا التي تحددها اللوائح والقوانين ، بالإضافة إلى التزامنا ومسؤوليتنا بكافة الواجبات الملزمين بتنفيذها، على سبيل المثال لا الحصر واجبنا نحو الله و أمور ديننا وعقيدتنا ، بالإضافة إلى واجبنا نحو الوطن من خلال ركائز القيم الوطنية المتعددة، فضلا عن واجبنا نحو أنفسنا ونحو الآخرين الذين يتعايشون معنا بالمجتمع، فإذا عرف كل شخص ما له وما عليه والتزم بالأعراف، سوف تسير الأمور الحياتية بيسر وسهولة وعلى أكمل وجه دون وجود أية مشاكل.



