"الزوجة" هي الأرض الخصبة الصالحة لزراعة النبتة الجيدة التي تغرس وتكبر وتترعرع وتغوص جذورها بأعماق هذه الأرض. وعلى هذا فإن العلاقة الإنسانية بين الزوجين يجب أن تروى دائما وبشكل منتظم وإلا جفت هذه الأرض وتصحرت.
زوجتك هي الزهرة وأنت وحدك المسؤول عن نضارتها وحمايتها من الجفاف أو الذبول . حث القرآن الكريم على حسن معاملة الزوجة بكل رفق ولين ، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على كرامتها الإنسانية ، وما ينتج عن ذلك من علاقة طيبة بين الزوجين ولابد أن يطبق بينهما قانون الرحمة والمودة ، حيث جاء بكتابه العزيز ، قال تعالى : " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " . (سورة الروم: الاية ٢١) ، .... وقوله تعالى: " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " ( سورة الفرقان : الآية ٧٤) . كما اوصانا النبي الكريم بالنساء خيرا .
علاقة الحب والاحترام بين الزوجة والزوج متبادلة وإذا كانت من طرف واحد فقدت العلاقة تناغمها ، ويجب على الزوجان أن يلتزما بما اتفق عليه أمام الجميع بأن يراعي كل منهما الله في الأخر، فإذا أخل أحدهما بهذا الميثاق تحولت العلاقة من حياة زوجية إلى حياة فردية بائسة دون روح ، وهو ماينعكس على مناخ المنزل عامة ويؤثر فى الأطفال ونفسيتهم بشكل خاص جدا . ولقد خلق الله الزوجين ليكملا ويؤنسان بعضهم البعض فالحياة مشاركة . فإذا أردتها أن تكون جميلة في بيتك عليك ان تكون أنت أيضا جميل في بيتك .
لا شك ان اختيار الشريك الصحيح بمثابة اللبنة لبناء صرح عظيم من المشاريع الضخمة . لذلك إذا صلحت الزوجة صلح أساس الأسرة والمجتمع بأكمله . هناك معايير وصفات كثيرة يتم من خلالها اختيار شريك الحياة ولكنها تختلف من شخص لأخر ، منها على سبيل المثال لا الحصر ،المعيار الديني " الخلق والتدين " ، والمعيار الاجتماعي " الحسب والنسب " ، و المعيار الثقافي " مستوى التعليم " و المعيار الشكلي " الجمال وحسن المظهر " .
تتقلد المرأة العديد من الألقاب خلال سنوات عمرها ، فهي الابنة والأخت ثم الزوجة التي عندما يرزقها الله نعمة البنون تأخذ لقب الأم الحنونة وهي العمة والخالة ، وتمر السنين إلى أن تصبح الجدة العطوفة التي تستظل بها أسرتها الكبيرة ، وغيرها من الألقاب التي لعبت ومازالت تلعب دورا هاما في تشكيل حياتنا . وهناك من وصف المرأة بأنها نصف المجتمع ولكن الحقيقة على أرض الواقع أنها المجتمع بأكمله . ويرجع ذلك إلى مكانتها الهامة بين أفراد عائلتها ، فهى من تعتني بصغارها وتحرص على تعليمهم الأخلاق الحميدة وأمور دينهم ودنياهم ، وتغرس في نفوسهم القيم النبيلة ، هي نبع الأمان والحنان ورمز الوفاء والتضحية والإخلاص والعطاء . وهي من ترعى زوجها وتحفظ غيبته ، وسند زوجها فى كل الأوقات ، إذا أصيب أحد أفراد أسرتها بمكروه تجدها مهمومة بأمره ، وإذا فرح تدب الفرحة فى كيان عائلتها . الزوجة هي مرآة تعكس ما نشأت وتربت عليه وهي ايضا سفيرة فى عائلتها الجديدة .
لعل الدراسات والإحصائيات الحديثة تعكس لنا وجود نسبة كبيرة من حالات الخلع والطلاق والتي لها أسباب متنوعة ومتشعبة فمنها ما يتعلق بالسوشيال ميديا ، الضغوط اقتصادية ، اختلاف المستوى التعليمي والفكري ، الغش والخداع ، الخيانة ، عدم المبالاة بحقوق ومشاعر الاخر ، الكذب ، تدخل الأهل ، قلة التقدير للدور الذي يقوم به كل منهم ، سوء الإختيار ، انعدام الحوار والتفاهم بينهما ، عدم الوصول إلى حل لمشاكلهم ، عدم التكافؤ ، العنف ، عدم الاهتمام بالبرامج التأهيلية للمقبلين على الزواج ، انعدام المسؤولية وغيرها من الأسباب .
في النهاية هناك أسئلة عديدة تبحث عن إجابات واضحة وصريحة ..
هل اختلفت معايير إختيار الزوجة أو الزوج ؟
هل الزواج عبر الإنترنت اثبت نجاحه ؟
ما السبب وراء إرتفاع نسبة الطلاق ؟
هل قائمة المنقولات تضمن حياة زوجية سعيدة ؟
هل الضغوط الاقتصادية سببا في زعزعة الحياة الزوجية ؟
أعتقد بعد الإجابة على كل هذه الأسئلة والاستفسارات سنستشعر أن وجود خلل واضح في المنظومة الزوجية ، خاصة منذ الإقدام على مرحلة الخطوبة مرورا بالزفاف وصولا إلى ما بعد الإنجاب يؤدي إلى عواقب سيئة ، ولكن إذا التزم كل من الزوجين بواجباتهم الزوجية بالشكل الذي يرضي الله ، وألتزم كل منهما بمراعاة حقوق ومشاعر الأخر ، وعلى أن تكون الحياة بينهما مبنية على مبدأين وهما الصدق والصراحة ، فسوف تختفي المشاكل وينعم الزوجان بحياة سعيدة وهانئة.



