أبوالغيط: المسيحيون والأكراد والأمازيغ وغيرهم يشكلون جزءًا لا يتجزأ من حضارتنا
أكد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن جامعة الدول العربية سعت منذ إنشائها إلى فتح قنوات مستدامة للتواصل والتعاون مع باقي شعوب العالم، مشيرًا في كلمته التي ألقاها عبر الفيديو أمام مؤتمر التسامح والسلام والتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وأشار أبوالغيط إلى أن الجامعة تحتضن عدداً هاماً من المنتديات الفاعلة مع دول كالصين واليابان والهند، وتقيم علاقات تعاون مؤسسي بنّاء مع التجمعات الإقليمية والدولية كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ودول أمريكا اللاتينية والأمم المتحدة، وغيرها.
إن هذه المنتديات وغيرها من الجهود التي تبذلها الجامعة العربية في كافة المجالات تسعى إلى تحقيق غاية سامية وحيدة هي خدمة التنمية وتعزيز التعايش والتلاقح الفكري في أجواء يسودها الاحترام المتبادل، فبناء السلام وفض الخلافات بالحوار وحسن الجوار مهام تدخل في صلب ولاية هذه المنظمة.
وقال إن الوطن العربي ولقرون طويلة نموذجاً حياً على تجاور مكونات عرقية ودينية وثقافية متنوعة، وهي مكونات أساسية في مجتمعاتنا العربية. فالمسيحيون بكل أطيافهم والأكراد والأمازيغ وغيرهم يشكلون جزءاً لا يتجزأ من حضارتنا، وهي حضارة عالمية إنسانية، ويشهد ماضينا الضارب في عمق التاريخ على أن ثقافتنا، بانفتاحها على ثقافات أخرى مختلفة، أعطت وتلقت ومنحت وأخذت، ثم استوعبت وأضافت وأبدعت، لتنتج ذلك النموذج الحضاري الفذ والمنفتح الذي نعتز به جميعاً. وأشار أن هذا النموذج قد تعرض في فترات من تاريخنا إلى هزات استطاع تجاوزها، وها هو يشهد اليوم للأسف مظاهر مختلفة من التوتر في العلاقة بين مكوناته، وهو توتر زادت الأزمات المتراكمة من حدته، وعلى نحو من شأنه أن يهدد مسيرة العيش المشترك في بلادنا. وقال انه يدرك خطورة الأزمات التي عصفت بالمنطقة خاصة في العقد الأخير وما نتج عنها من انهيار لمؤسسات الدولة الوطنية في عدد من بلداننا العربية، مما أفسح المجال للفوضى وسيادة منطق القوة والتطرف، إذ استغلت جماعات وقوى لها مصالحها الخاصة تلك الأوضاع لتفكيك الدول وتقسيم المجتمعات على أساس طائفي أو عرقي. إن التطرف يتغذى في الأساس على نشر الكراهية، ونزع التسامح كقيمة إنسانية عليا من قاموس الشعوب، وقد انتشر خطاب الكراهية بشكل مقلق مستغلاً ما تتيحه المنصات الرقمية من سهولة في بث الأخبار، وأصبح الكثير من أبناء هذه الأمة، بسبب تغييب الحوار وتغليب البعض للتعصب، يتقاتلون فيما بينهم ويهدمون كل المكتسبات التنموية والثقافية التي تحققت على مدار العقود الماضية، ولم ينتبهوا إلى أن المتربصين بهذه الأمة -وهم كُثر – استغلوا الفرصة لتحقيق مكاسب لهم.
ونوه انه علينا أن ننظر في التجارب الناجحة سواء في الوطن العربي أو خارجه لاستخلاص العوامل التي كان لها الفضل في بناء مجتمعات حديثة وتوفير بيئة ملائمة للازدهار والإبداع، وإن الانفتاح على الآخر لفهم ثقافته، وإقامة جسور الحوار معه، وإعلاء قيم التسامح وقبول الاختلاف، كلها تظل عناصر.
لا غنى عنها لبناء مجتمعات إنسانية ناجحة، قادرة على الإبداع والابتكار، وقائمة على العيش المشترك بين أبنائها على أساسٍ من المواطنة وحدها.
إن بناء مجتمعات "العيش المشترك" مسؤولية مشتركة بين الجميع، من الأسرة إلى المدرسة إلى المؤسسة الدينية والمؤسسة التشريعية والإعلام وغيره، فبذور الكراهية تغرس في عقول الأطفال في مراحل مبكرة، ويصبح نزعها أصعب كثيراً مع الوقت، ويقع على عاتق كل طرف من هذه الأطراف تحصين تلك العقول الغضة، وغرس قيم السلام والتسامح فيها. وفي ختام كلمته أكد انه يتطلع باهتمام كبير على موضوعات جلسات هذا المؤتمر، وسرني أنها تعالج موضوع التسامح من زوايا مختلفة، فهي تتناول دور الإعلام، والمؤسسات الدينية والتشريعية والتربية والتعليم، وكلها جوانب في غاية الأهمية لبناء السلام وتعزيز مسيرة التنمية، وأثق في أن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات تخدم جهودنا المشتركة لتعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال واحترام الآخر،
قال البابا توا ضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن العالم يحتاج السلام، ولكن بنظرة بسيطة نجد حروب وانقسامات، ويفشل الأنسان في التعامل مع هذه المستجدات.
وأضاف، خلال كلمته أمام مؤتمر التسامح والسلام والتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن الرياضة والخدمة والطبيعة والعلم تساهم في تحقيق السلام، مستشهدا بالدكتور مجدي يعقوب، والذي يجتمع مع خبراء من كل أنحاء العالم لخدمة الإنسانية.
وأضاف أن التسامح منحة من الله، وكذلك الغفران، موضحا أن الأنسان يستلهمها من الله إذا كان صادقا في نواياه.
واعتبر أن التسامح ضرورة وليس اختيار، مستشهدا بقول السيد المسيح "أحبوا أعدائكم"، داعيا إلى زراعة السلام في الأطفال في المدارس والإعلام والمؤسسات الدبنية الأخرى
وأضاف أن التسامح أيضا فرصة للأخر، باعتباره الوسيلة لكسر سلسال طويل من الشر، بالإضافة إلى كونه علامة قوة ودليل على ضبط النفس، موضحا أن المسيحية ترى العكس.
واستطرد أن التسامح نظرة رحمة للإنسانية، عبر النظر للأخر بعين الرحمة دون كبرياء أو تعالي، موضحا أن هذه الأمور تمثل أعمدة يجب اعتمادها لتعزيز المبدأ في القلوب والعقول في مجتمعاتنا العربية.
اعتبر أن التوغل التكنولوجي الكبير في العالم ساهم في جفاف المشاعر، وبالتالي انطفأت قيمة المحبة، بسبب استبدال العلاقة بين البشر باستخدام الأجهزة والآلات، مشيرا إلى بيت العائلة المصرية كنموذج للمحبة.



