السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

.. وما أكثر ما بالقلب من حب ماضٍ، ذلك النوع من الحب تجده بلا سبب وبلا حساب، ينبض القلب من أجله وفقط لا سبيل لمحو تلك المشاعر أو نكرانها إذا ما راودتك وإذا ما وجدت صاحبها.  هي مشاعر تبقى بالقلب وكفى، لا عائد من خلفها، مع الزمالك سنظل أوفياء إذا ما قست عليه الأيام ومع الآخرين ستظلون بالقلب إذا ما أبعدتنا الأيام، لا أمل ولا سبيل للقاء، كما أنه بالفوز لا عائد لك كمحب سوى الفرحة، وباللقاء غير المتوقع أيضًا لا عائد لك سوى فرحة مصحوبة باللوعة. 

 

لم نفرط يومًا في حب الزمالك كما فرط محبون قبلا، حتى إن منهم من ترك دون داعٍ ودون وداع.

 

في قلبي يكون الزمالك صاحب اللقب وصاحب المقام الأول هو يفوز؛ لأنه باقٍ، أما هذا الذي رحل فلا فرصة له ولا سبيل لعودة، ذلك الرحيل مثل الخسارات الجميلة على كثرتها كأن نخسر في اللحظات الأخيرة، قد يدعي البعض أنها مبررات ولكنها الحقيقة، أتساءل متى وجدتني أحب الزمالك، ترى هل كان ذلك بالوراثة والتبعية، قد يكون انبعاث هذا الحب من أبي، وجدي رحمهما الله، تكتشف فيما بعد أن حال كل من أحب الزمالك هادئ حالم.. شخصيات تحمل رومانسية الزمن الجميل، إذا ما هاجمك شخص بانتمائك تُسارع لتحمي نفسك بانتماءاتهم كفريد الأطرش وصلاح ذو الفقار ومن لا يحبهم!

 

لا أستطيع أن اتباهى بمعرفتي المحدودة ومعلوماتي الضئيلة بالقدر الذي أتباهى به بكوني "زملكاوية"، فلم أكن أعلم عن الانتماءات الرياضية شيئًا غير أنني اعتدت رؤية رقعة خضراء مستطيلة الشكل يتسابق عليها لونان، أحدهما أبيض وهو لون ملائكي محبب، والآخر الأحمر وهو لا شك لون مميز لا يمكن تجاهله متى رأيته، والاثنان يتنافسان على كرة يلهثان في إثرها وتنحبس الأنفاس بانتظار أن يصل الأبيض للكرة.. شيئًا فشيئًا كنت أجد والدي وجدي وخالي يتحدثون عن لقاء كان الأمس، وكيف وصلت الكرة إلى مأمنها في شباك الأبيض أو أن الأحمر قد استطاع أن يحصل عليها قبل أن تحتضن شباكه، كنت أستمع إلى جدي يهتف (يلا شوط يا ابني ربنا يفتحها عليك)، وفي الدور العلوي قد يجلس خالي هو الآخر أمام الرقعة الخضراء ذاتها، ولكنه في جبهة أخرى واعدًا أبناءه بالهدايا إذا أستأثر لونه المفضل بالكرة وما بين جبهتين بيضاء وحمراء نشأت وتعلمت أن الاختلاف في الألوان لا يفسد العلاقات أحيانًا.

 

 

أذكر أن يومًا جلست ووالدي لمشاهدة إحدى المباريات، كنت حينها ذات الخمس سنوات فقط - شخصيًا لم تكن مشاهدة المباريات هي الشيء الأفضل، لكنها تلك اللحظات الأجمل مع أبي وهو يحتضني - وأوشكت المباراة على الانتهاء ولم يتبق سوى لحظات نهاية المباراة وسمعت أبي يقول لي؛ "قولي يا رب جون"، وفعلا كان الهدف الذي أصاب الشباك مع صافرة الحكم.

 

وكبرت وتحددت انتماءاتي الكروية بفضل حبي لأبي وجدي وحبي للون الأبيض لأنني والحق يُقال لم أكن أفقه كثيرًا عن هذه اللعبة سوى راية وصفارة وكارت أحمر وآخر أصفر.

 

 

إذًا أنا "زملكاوية"، وعلى مدار سنوات ماضية إذا ما سئلت وعلى كثرة ما يجنيه الفريق من هزائم متلاحقة ومكاسب معدودة لم أخجل يومًا من إعلان هويتي البيضاء، ولم أخجل يومًا من الخسارة المستمرة لأنني أومن بأنه دومًا ما يأتي النهار بعد طول سهر وانتظار، لذا أعتقد أنه لا ضرر من أن نعلن انتماءنا ولنترك المتباهين بتعصب جانبًا، ولا ضرر أيضًا من فرحة مبالغ فيها بعد نصر صعب المنال طال معه الانتظار.  

تم نسخ الرابط