أبوالغيط: الصراع على الموارد الشحيحة يهدد السلم والأمن المجتمعي والسياسي
أكد أحمد أبوالغيط الامين العام لجامعة الدول العربية، أن دعوة جامعة الدول العربية لاجتماع اليوم نابعة من قلق عميق يعتري الوطن العربي والمجتمع الدولي بمحنة الشعب الصومالي الشقيق في ظل أزمة الجفاف التي تعد الأسوأ من نوعها بعد عدم هطول الأمطار لخمسة مواسم متتالية مما ألحق الضرر بحوالي 8 ملايين شخص أي ما يعادل نصف السكان؛ أغلبهم من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وخطر الموت.. وهؤلاء في حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم لمواجهة "حالة الجفاف التاريخية" التي تُنذر بوقوع مجاعة مأساوية غير مسبوقة لن تكون تكراراً للمجاعة التي وقعت عام 2011 فحسب؛ بل قد تكون أسوأ بكثير إن لم نتحرك بالشكل المطلوب. جاء ذلك في اجتماع كبار المسؤولين
حول الجفاف، الأمن الغذائي وتعزيز القدرة على الصمود مع تغير المناخ في الصومال والذي عقد بمقر جامعة الدول العربية، واكد ان الاحصاءات تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف ما قبل المجاعة أو الشبيهة بالمجاعة في الصومال قد زاد بنسبة خمسة أضعاف منذ بداية العام، وأن النزوح الداخلي مستمر، والصراع على الموارد الشحيحة يهدد السلم والأمن المجتمعي والسياسي في الصومال على نحو بالغ الخطورة.
وأضاف أن نتذكر اليوم أنه في عام 2011، وقعت نصف الوفيات في الصومال قبل إعلان المجتمع الدولي تحقق شروط وجود مجاعة في هذا البلد.. الوقت له ثمن باهظ في هذه الظروف، وتأخير الاستجابة يعني اعداداُ أكبر من الضحايا ومستوى أعلى من المعاناة والخسائر.
إن تسارع تدهور الوضع الإنساني بشكل ملحوظ في أقل من عشر سنوات يتطلب منّا أن نفكر بطريقةٍ غير تقليدية، ونتبنى مقاربات جديدة بخصوص التعامل مع هذا النوع من الأزمات المركبة... إنها أزمات لا تتطلب تأمين المساعدات الإنسانية فحسب؛ بل تستوجبُ إيجاد حلولٍ مستدامةٍ فعالةٍ تركز على الاستثمار في تنمية البنية التحتية للتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية وتعزيز القدرة المجتمعية على الصمود، وتوفير الخدمات الأساسية، لاسيما وأن آثار الجفاف وتبعاته سوف تستمر لفترة طويلة كما هو متوقع.
وبدون وجود استراتيجية شاملة تعالج احتياجات الغد القريب والبعيد، بالاعتماد على التوقعات الرصينة التي توفرها المنظمات العاملة في الميدان بجهد كبير ومقدر... بدون ذلك سيظلُ الشعبُ الصومالي يعاني دورياً من مهددات الأمن الغذائي، ودورات جفاف، وفيضاناتٍ، وتصحرٍ، وتقلص غابات، ونزوحٍ حاد وضاغط على الموارد الآخذة في التراجع بسرعة تحت وطأة تغيرات المناخ.
وأضاف أن حجم المصاعب التي تواجهها الحكومة الفيدرالية الصومالية بعد عقود من غياب الدولة.. ولكننا نعلم كذلك أن دور الحكومة سيظل رئيسياً في أي عمل مستقبلي.. وأقدرُ عالياً إنشاء الرئيس حسن شيخ محمود، بعد يوم واحد فقط من توليه المسؤولية، منصب المبعوث الخاص الرئاسي للشؤون الإنسانية والجفاف – الذي يشاركنا اليوم هذا الاجتماع الهام.. كما تم تشكيل وكالة لإدارة الكوارث في الحكومة الصومالية من أجل تسهيل وتنسيق جهود الإغاثة وإنقاذ الأشخاص المنكوبين؛ بالإضافة إلى إنشاء لجنة مشتركة فيما بين الوزارات لمواجهة الجفاف.
إن جامعة الدول العربية تتابع بكل تقدير الجهود الكبيرة التي تبذلها المنظمات الدولية والعربية في الصومال منذ عقود.. وأنظر بارتياح إلى مشروع جدول أعمال اجتماع اليوم الذي سيبحث عدداً من المسائل والقضايا الهامة المتعلقة بالوضع في الصومال:
أولاً: الاستجابة العاجلة والمتناسقة في المناطق المهددة بالمجاعة وتوفير المساعدات الإنسانية الملحة،
ثانياً: تعزيز قدرة الصمود مع تغير المناخ في الأجلين القصير والطويل وفقاً للاستراتيجية الصومالية لإدارة الموارد المائية - وهي الاستراتيجية التي دعمتها القمة العربية الشهر الماضي في الجزائر-
ثالثاً: النظر في الاستثمارات المطلوب توفيرها في البنية التحتية الصومالية بما يمكنُها من تطويرِ أنظمة إنذارٍ مبكر مستدامة واستراتيجية للحد من مخاطر الكوارث في الصومال،
ورابعاً: التوعية بإمكانيات الصومال في تحقيق الأمن الغذائي في العالم العربي لما يملكه من ثروات سمكية وحيوانية وغيرها.
ثم أخيراً العمل على تطوير استراتيجية شاملة لتنسيق الجهود المستقبلية.
أعرب آدم عبد المولى، مبعوث الأمم المتحدة المقيم بالصومال، عن تقديره لدعوة الجامعة العربية لعقد اجتماع مشترك مع الأمم المتحدة حول الأزمة التي بعانيها الصومال، مؤكدا أنه يمثل نموذجا للتعاون الكبير بين المنظمتين.
واعتبر في كلمته خلال الاجتماع المشترك بين الجامعة العربية والأمم المتحدة حول أزمة الجفاف بالصومال المنعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الثلاثاء، أن الوضع في الصومال يبدو خطيرا، حيث تبقى الأطول من حيث المدة الزمنية جراء توقف الأمطار منذ 5 سنوات، وهي المدة المرشحة للزيادة، وهو ما ترتب عليه موجات كبيرة من النزوح بينما أصبح ملايين البشر على حافة المجاعة.
وأضاف معدلات انعدام الأمن الغذائي تتزايد بصورة كبيرة، ربما تتجاوز المجاعة التي لحقت بالبلاد في 2011، موضحا أن العمل الجماعي لإنقاذ ملايين البشر، مؤكدا أن الحاجة ملحة لمزيد من الأموال لاحتواء الأزمة التي تشهدها الصومال، والعمل على تأمين الموارد المطلوبة لتلبية احتياجات المواطنين الصوماليين.
وأشار لجهود الحكومة الصومالية، والرئيس حسن شيخ محمود، والذي وضع قضية التغيرات المناخية كأولوية عبر تعيين مبعوث رئاسي في هذا الشأن مع تخصيص لجنة وزارية للتنسيق مع المجتمع الدولي، والسكان المتضررين جراء الأزمة.
وقال عبد المولى، ان الاف الاطفال سوف يعانونبسبب سوء التغذية الحاد، مع مخاوف تفشي الاوبئة على غرار الكوليرا، والتي تساهم في زيادة الوفيات بين الأطفال مع تراجع الخدمات الصحية.
وأشار إلى التأثير الكبير للأزمة على الغذاء وأسعاره نظرا لتداعياته الكبيرة على المحاصيل الزراعية في المرحلة المقبلة ناهيك عن التعليم وخروج الاطفال من المدارس، داعيا لضرورة أن تحتل القضية أولوية فيما بتعلق بمسألة المساعدات الانسانية والاستثمار، عبر تحديث البنية التحتية، لتكون مؤهلة لمجابهة الأوضاع الراهنة.



