الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

أثلج قلبي كثيرًا ما شاهدته على شاشة التلفاز العُماني، الزيارة المباركة التي تفضلت بها السَّيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان المعظم ـ حفظها الله ورعاها ـ إلى جمعية الأطفال ذوي الإعاقة بالعذيبة بمحافظة مسقط للاطلاع على الخدمات والبرامج التأهيلية والتعليمية والعلاجية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة.

والشيء الجميل الذي لفت انتباهي هو تطبيق بنود آلية حُسن الاستقبال بأفضل درجات الإتقان لكبار الشخصيات من قبل مديريات ومنتسبي الجمعية بالألوان النهارية الجميلة بعيدًا عن العباءة السوداء التي هي في الحقيقة دخيلة على المجتمع العُماني.

وتطبيقًا وتحليلًا لفن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف المحليين، نلاحظ السجادة الحمراء للدلالة على حفاوة الاستقبال والتقدير العالي للضيف الزائر، ثم وقوف المديرين بصفٍّ واحدٍ على جهة يمين الضيف وبالمسافات الرسمية بينهم (25 سم) وبملابس تم اختيارها بإتقان من حيث الألوان النهارية المفرحة، والتي تبعث على التفاؤل والهمَّة العالية، وكانت على رأس مستقبلي السَّيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان المعظم وصاحبة السُّمو السَّيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد ـ رئيسة مجلس إدارة الجمعية برفقة معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار ـ وزيرة التنمية الاجتماعية.

وحسب معلوماتي فإن صاحبة السُّمو السَّيدة حجيجة آل سعيد أقامت قبل أسبوع تقريبًا حلقات تدريبية مبسطة لجميع فقرات الزيارة منذ لحظة وصول الضيف لغاية المغادرة، وكانت حريصة كل الحرص على أن تظهر المرأة العُمانية بأعلى درجات فن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف، وفعلًا كانت الزيارة في غاية الروعة والالتزام بمفردات الاستقبال والتعريف بقاعات الجمعية والشرح المبسط لجميع حالات الأطفال، وكان السير أمام الضيف بمنتهى الدقة من حيث بُعد المسافات الشخصية. وأدَّت صاحبة السُّمو دورًا جوهريًّا من حيث ألوان الملابس وطريقة تقديم المديرين والسير بجهة يسار الضيف طول فترة الزيارة وتجوالهم في قاعات وممرات الجمعية، وكذلك بقية المديرات والموظفات من حيث إتيكيت الجلوس وفن الانصات وإدارة الحديث والسير خلف الضيف والاستقبال والتوديع. ما لفت انتباهي أكثر القلب الكبير والحنان العفوي، وهو ليس بغريب عن أختنا الكريمة السَّيدة الجليلة حرم جلالة السُّلطان المعظم وكأنَّها جزء من الكادر التدريسي حيث تعلق الأطفال بها بكل حب وحنان بعيدًا عن مفاهيم الإتيكيت واستقبال كبار الشخصيات، وكانت هي القلب الذي أفاض بالحب والحنان لجميع الأطفال ذوي الإعاقة وهي تتجول من قاعة إلى أخرى، فكانت لهم الطبيب والمعالج والأُم والأستاذة وتستمع لجميع الحالات بقلب كبير، وابتسامتها التي كانت دواء للأطفال ذوي الإعاقة التي أدخلت في قلوبهم الفرحة.

من خلال التدقيق والتحليل فإنَّ جميع المديرات والموظفين هم متطوعون ولم يدخلوا حلقات أو دورات، حتى ليس لديهم خبرة بفن الإتيكيت الاجتماعي واستقبال كبار الضيوف؛ لكونها جمعية تطوعية، لذلك ما قامت به صاحبة السُّمو السَّيدة حجيجة آل سعيد يشابه كثيرًا واجبات ومهام مدير المراسم أو مدير التشريفات من خلال إدخالهم بحلقات عملية قبل حضور الضيف، كان له الدور الفعال بالظهور بهذه الصورة الجميلة، حيث السير وتعريف الضيف بجميع فقرات آلية الاستقبال الصحيحة، ومهارة الاتصال والتواصل الاجتماعي الراقي، كما كان لحضور مراسم الاستقبال قبل 24 ساعة التي وضعت اللمسات الأخيرة قبل الزيارة، وكانت إطلالة السَّيدة الجليلة بمنتهى البساطة والرُّقي كما تعودنا عليها بالعباءة الفضاضة بالألوان التفاؤلية الجميلة الهادئة، ومنها مشتقات الأبيض والبيج واللون الأسود البسيط، فكانت هذه الألوان تأثيرًا مباشرًا على نفسية الأطفال ذوي الإعاقة، حيث أوضح علماء الفيزياء بأن هناك ظاهرة فيزيائية تنتج عن تحليل اللون الأبيض، حيث وجد نيوتن أن الضوء الأبيض يتحلل إلى عدة ألوان (ألوان الطيف) وهو أصل اللون، ويُعدُّ اللون الأبيض أحد أنواع التأثيرات الفسيولوجية التي تخص وظائف شبكية العين في الاستجابة للضوء الأبيض ومشتقاته، لتصل الصورة إلى الدماغ، ثمَّ يتم ترجمتها وإدراكها والإحساس بها بواسطة الجهاز العصبي لدى الجميع، وهذا ما تم ملاحظته، حيث تعلق الأطفال ذوو الإعاقة بالسَّيدة الجليلة، فكان اختيارها للألوان ليس عبثًا وإنما اختيار بإتقان راقٍ جدًّا. وفي الختام ندعو الله أن يحفظ ويرعى ويوفق والدنا ومولانا جلالة السُّلطان المعظم والسَّيدة الجليلة على هذه الزيارات الإنسانية التي تُطبع في القلب والروح قبل طباعتها في الصحف، ويسدد خطاهم لِما فيه الخير والسؤدد، ولصاحبة السُّمو السَّيدة حجيجة آل سعيد ولجميع الموظفين بالجمعية دوام التوفيق والسعادة.

 

دبلوماسي سابق وأكاديمي

تم نسخ الرابط