نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، ولعل من أجمل هذه النعم أن يسخرك الله ويضعك في طريق المحتاج، وأن تكون سببا في قضاء حوائج الآخرين وأن تكون جابرا للخواطر، فهي تعد من أفضل الأعمال التي تعود على صاحبها بالخير والبركة، كما أن لها فضلا عظيما في الدنيا والآخرة، حيث تعتبر من أهم وأعظم العبادات التي يسعى الإنسان إليها لكي يتقرب إلى الله عز وجل.
وقد ورد في كتاب الله العزيز بعض الآيات القرآنية التي أشارت وأوضحت فضل قضاء حوائج الناس. قال الله تعالى في سورة آل عمران: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض، أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء، والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين" صدق الله العظيم.
ولقد أعطى رسولنا الكريم محمد ﷺ المثل والنموذج الأعلى في الحرص على عمل الخير والبر بالناس والإحسان إليهم، بالإضافة إلى سعيه هو نفسه لقضاء حوائج الناس، حيث حدثنا نبينا الكريم قائلا. "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".
علينا أن نعلم جيدا أن بمشيئة الله سوف تقضى الحاجة، سواء بك أو بدونك، وما أنت سوى سبب، وقد جعلك الله وسيطا من أجل أن يكافئك ويجازيك على ما ستفعله، ويجب عليك أن تكون على يقين بأن ما تقوم به من فعل الخير هو خالص لوجه الله سبحانه وتعالى، ولا تنتظر الشكر أو الثناء من أحد مقابل ما قمت به، فعندما يتم اختيارك لتنفيذ هذه المهمة وتفلح في تنفيذها ينتابك إحساس عظيم لا يمكن وصفه، بكونه تكليفا ربانيا وبمثابة هدية من عند الله عز وجل.
كما يجب عليك أن تهتم بالمشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية التي من شأنها ترسيخ القيم الإنسانية بين الاجيال القادمة. ومن الضروري أن نهتم بالمحافظة على الأخلاقيات والمبادئ السامية التي نشأنا عليها حتى لا تتلوث بعادات وتقاليد لا تتناسب مع مجتمعنا وانسانيتنا، حيث إن التعلق بالقيم الإنسانية يدعونا إلى نشر الحب والإخاء بين الآخرين، كما تحثنا هذه القيم النبيلة على الود والتعاون والتراحم ونبذ الكراهية وتصفية النفوس من الأحقاد.
الجدير بالإشارة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم ٢٠ ديسمبر اليوم العالمي للتضامن الإنساني، إيمانا منها بأهمية تعزيز ودعم مبادرات إنشاء صندوق تضامن عالمي للقضاء على الفقر ، بالإضافة إلى الاهتمام برفع مستوى الوعي العام تجاه تشجيع المبادرات الجديدة التي تهدف إلى مكافحة الفقر بكافة انواعه وأشكاله.
لعل الاحتفال بهذا اليوم يلعب دورا فعالا في تعظيم قيمة التضامن من أجل الوصول إلى حلول لمساندة كل من هم تحت خط الفقر، بالإضافة إلى ضرورة حث الجميع على مد يد العون لكل شخص يحتاج المساعدة ماديا أو معنويا، فضلا على التوجيه والإرشاد في كيفية وضع استراتيجيات لتحسين الظروف المعيشية للمجتمعات والأسر الاكثر فقرا والاشد احتياجا.
الآن لا يسعني سوى أن أقدم النصيحة من خلال تسليط الضوء على بعض النقاط، من أجل التأكيد على أهميتها وضرورياتها في شتى مناحي حياتنا اليومية..
- الاهتمام بقضاء حوائج الناس والإحسان إليهم نعمة وفضل من الله عز وجل.
- عندما يسخرك الله ويجعلك سبب لقضاء حاجة محتاج، عليك أن تحمد وتشكر الله على هذه النعمة التي أهداها الله لك.
- السعي في قضاء حوائج الناس سبب البركة وزيادة الرزق.
- خير الناس أنفعهم للناس، ومن يقدم مساعدة اليوم يجد من يساعده غدا.
- عمل الخير شجرة ترويها بأخلاقك وتجني ثمارها بعطائك.
- عليك بالالتزام بحسن الخلق في تعاملاتك مع البشر جميعهم دون تفرقة بينهم.
- عليك ان تهتم بالوقوف بجانب الآخرين في السراء والضراء. حقا صدقت المقولة "من سار بين الناس جابرا للخواطر ادركه الله في جوف المخاطر".
واخير ادعو لنا ولكم بأن يجعلنا الله من الجابرين والمجبورين الخواطر.



