الخميس 25 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

أتابع بقدر كبير من الانزعاج تلك المعادلة التي يحاول البعض دفعنا إليها، حيث يشهر فى وجوه الفنانين (ترمومتر) هو الذي حدد مواصفاته مسبقًا، الفنان الذي يعتذر عن المشاركة فى حفل غنائى أو مسرحى هو فقط الوطني، بينما الآخرون باعوا وطنيتهم وإنسانيتهم، عند أول حفل أو مسرحية.

كم عدد المسلسلات والأفلام الكوميدية التي يجرى حاليًا تصويرها ؟، لا تنس أن رمضان على الأبواب، كما أن القسط الوافر من أفلامنا يقع تحت تصنيف الكوميديا، فهل تعتقد أن كل فنانى الكوميديا مع اختلاف حظوظهم من الموهبة، لا يشاركون حاليًا فى تمثيل هذه الأدوار، أم أنهم اشترطوا للموافقة إعادة كتابتها لتصبح فى إطار وطني أو تراجيدى، وهل تفرق أن تعرض عملًا كوميديًا الآن أم تصور عملًا كوميديًا الآن، المفروض أن المشاعر هى المشاعر؟ الحياة تستمر  وحتى ما يوصف بأنه ينتمى إلى مدرسة (الضحك للضحك) لا نزال نشاهده ونضحك.

‎بعد هزيمة 67 وهى تشكل أقسى ألم عاشه المصريون، كانت توجيهات الرئيس جمال عبدالناصر، تقضى بأن تقدم الإذاعة فى رمضان مسلسلاً كوميديًا، وعلى الفور كتب الساخر الكبير أحمد رجب المسلسل الشهير (شنبو فى المصيدة)، والذي أصبح بعد ذلك فيلمًا من إنتاج مؤسسة السينما، أى أنه إنتاج القطاع العام، كان هذا هو موقف الدولة الرسمي، لعب فؤاد المهندس وشويكار ويوسف وهبى البطولة، فهل هناك أبعاد أخرى فى (شنبو فى المصيدة) تتجاوز (الضحك للضحك)؟!

‎لم يقل أحد كيف يوافق فؤاد المهندس على تلك المسخرة، بينما مصر مكلومة تبكى أبناءها، لم يضطر مثلاً عميد المسرح العربى يوسف بك وهبى للدفاع عن نفسه، مبررًا موقفه.

أزيدكم من الشعر بيتًا، قال لى مخرج المسلسل الراحل يوسف حجازى، إنهم فوجئوا بأن شهر شعبان 29 يومًا فقط، ولم يكن قد استقروا بعد على (التتر) الغنائى، فتم استدعاء الشاعر خفيف الظل فتحى قورة لكى يكتب كلمات ساخرة على الأغنية الوطنية (بلدى يابلدى / بلد الأحرار يا بلدى)، وشارك الموسيقار كمال الطويل فى الإشراف على تسجيل اللحن الوطني الجاد، على تلك الكلمات الساخرة، بغناء فؤاد المهندس وشويكار ويوسف وهبى، ولم يعتبرها أحد تحمل استهانة بالوطن، والناس تعاملت ببساطة مع تلك النكتة.

كل إنسان قطعًا من حقه أن يختار موقفه الذي يتوافق مع قناعاته، وقدراته النفسية، ولكن لا أحد منا يعتقد أنه فقط الوطني، والآخرون يبيعون الوطن.

ليس من حق أحد التشكيك فى نزاهة أو انتماء أى إنسان، لمجرد أنه وافق على تقديم مسرحية أو فيلم كوميدى فى هذا التوقيت، وفى نفس الوقت نحترم مشاعر الفنان الذي لم يستطع أن يؤدى دوره الكوميدى، من حقه، ولكن ليس من حق ولا من صلاحية أحد أن يطعن الآخرين بسكين الوطنية.

‎الفنان الكبير حسن حسنى سألته أثناء إعدادى لكتاب (الجوكر) الذي يتناول مسيرته الشخصية والفنية عن الموقف الذي لم ينسه أبدًا؟ أجابنى.. رحيل أقرب الناس إلى قلبى ابنتى، وكان شهر رمضان يقترب وهناك أكثر من عمل كوميدى، يجب الانتهاء منه، أخذت عزاء ابنتى فى جامع (عمر مكرم)، وبعدها أخذت السيارة التي كانت تنتظرنى متجهًا إلى الاستوديو لتمثيل دوري فى أكثر من عمل فنى كوميدى.

هل من الممكن أن يتشكك أحد فى مشاعر الأب حسن حسنى؟ 

تم نسخ الرابط